أكد دستوريون وسياسيون أن الجدول الزمني الذي أعلنته اللجنة التشريعية بالبرلمان
المصري، لعقد جلسات الاستماع حول
التعديلات الدستورية المقترحة، التزم بالحد الأدنى الذي حدده الدستور عند مناقشة التعديلات، حيث خصصت اللجنة 6 جلسات على مدار جلستين بالأسبوع تبدأ من الأربعاء 20 آذار/ مارس الجاري.
ويشير المختصون الذين تحدثوا لـ "
عربي21" إلى أن التزام اللجنة بالحد الأدنى في جلسات الاستماع، يأتي ضمن خطة شاملة لنظام عبد الفتاح
السيسي، لتقليل المساحات السياسية والإعلامية المتعلقة بالتعديلات، وعدم وضعها على جدول اهتمامات المصريين.
ودلل الخبراء على رأيهم بالقائمة التي أعدتها اللجنة التشريعية البرلمان، عن الخبراء والمختصين، الذين سوف يشاركون في جلسات الاستماع على مدار ثلاثة أسابيع، بواقع جلستين كل أسبوع، وهي القائمة التي لم تشمل أي معارض للتعديلات سواء من السياسيين أو من خبراء القانون والدستور، أو من الشخصيات العامة.
وكان رئيس اللجنة التشريعية بالبرلمان ورئيس حزب الوفد، المستشار بهاء أبو شقة، سلّم للأمانة العامة للبرلمان كشفا يضم 700 شخصية أكاديمية وسياسية وقضائية وعامة، لحضور جلسات الاستماع التي تبدأ، الأربعاء، وضمت القائمة معظم الشخصيات القانونية، التي ساهمت في إدخال تعديلات دستورية لدعم التوريث على دستور 1976 خلال حكم الرئيس الأسبق حسني
مبارك.
رجال مبارك
ويأتي على رأس هذه الشخصيات رئيس مجلس الشعب الأسبق أحمد فتحي سرور، ورئيسة اللجنة التشريعية التي أعدت تعديلات 2007 الدكتورة آمال عثمان، ورئيس اللجنة التشريعية بالحزب الوطني الديمقراطي الدكتور شوقي السيد، بالإضافة لاثنين من مهندسي تعديلات 2007 في مجلس الشورى، وهما المستشار فرج الدري، الأمين العام السابق للمجلس، والمستشار عبد الرحيم نافع، رئيس اللجنة التشريعية بالمجلس، وكذلك الدكتورة فوزية عبد الستار، عضو لجنة السياسات بالحزب الوطني.
كما تم توجيه الدعوة لعدد من القضاة الذين يحاكمون قيادات الإخوان المسلمين، وأصدروا مئات الأحكام بالإعدام على معارضي الانقلاب، ومن بينهم المستشار محمد شرين فهمي الذي يحاكم الآن الرئيس محمد مرسي وقيادات الإخوان في قضيتي التخابر مع حماس والهروب من سجن وادي النطرون، والمستشار حسن فريد صاحب أحكام الإعدام في قضيتي النائب العام وفض رابعة، بالإضافة لرئيس لجنة التحفظ على أموال الإخوان الذي عينه السيسي مؤخرا، المستشار محمد ياسر أبو الفتوح.
الطريقة الروسية
وفي تعليقه على القائمة السابقة يؤكد الخبير الدستوري أحمد الكومي لـ "
عربي21" أن استبعاد المعارضين للتعديلات كان متوقعا، ولكن ليس بهذا الشكل الفج، حتى أنه لم يتم توجيه الدعوة إلى عمرو موسى رئيس لجنة الخمسين التي أعدت الدستور نفسه.
ويضيف الكومي أن السيسي لن يخاطر في هذه التعديلات، وهو يريد أن تخرج للرأي العام وكأنها تحظى بالتوافق المجتمعي، بهدف تمريرها بالصياغات الموجودة والتي تمثل كارثة في حد ذاتها، لأنها تمنح الحق للسيسي أو غيره من الرؤساء بالاستمرار في الحكم وعدم التقيد بالمدد الموجودة.
ويوضح الكومي أن الصياغة الخاصة بتعديلات المادة 140 الخاصة بمدد الرئاسة نصت على الآتي: "ينتخب رئيس الجمهورية لمدة ست سنوات ميلادية، تبدأ من اليوم التالي لانتهاء مدة سلفه، ولا يجوز أن يتولى الرئاسة لأكثر من مدتين رئاسيتين متتاليتين"، بينما أصل المادة كان كالآتي: "يُنتخب رئيس الجمهورية لمدة أربع سنوات ميلادية، تبدأ من اليوم التالي لانتهاء مدة سلفه، ولا يجوز إعادة انتخابه إلا لمرة واحدة".
ويضيف الخبير الدستوري أن التعديل الجديد يمنح الحق لأي رئيس، أن يعود لمنصب الرئاسة بعد "تفويت" مدة رئاسية، باستخدام محلل، وهو ما يبرر إعادة التعديلات لمنصب نائب الرئيس، الذي من المتوقع أن يلعب دور المحلل، في تكرار للتجربة الروسية التي يستخدمها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ولكنها ستكون بالوصفة المصرية، من خلال نائب الرئيس وليس رئيس الحكومة.
ترزية الدساتير
وحول اعتماد السيسي على رجال نظام مبارك في مناقشة التعديلات، يؤكد الباحث السياسي أحمد الشافعي لـ "
عربي21" أن هذه المجموعة هي الأفضل في تفصيل الدساتير على مقاس رأس النظام القائم، سواء كان على رأس النظام حسني مبارك أو عبد الفتاح السيسي أو حتى محمد مرسي إذا طلب منهم ذلك.
وتوقع الشافعي بأن تشهد المناقشات تغييرا في بعض الصياغات الخاصة بعدد من المواد، لإثبات أنها كانت مناقشات جادة وليست عبارة عن مسرحية، ولكنها تغييرات لن تكون ذات تأثير على مضمون التعديلات نفسها، موضحا أن استبعاد الأحزاب المعارضة والشخصيات الرافضة للتعديلات، من لجان الاستماع، يترجم هدف السيسي لتهميش الأصوات المعارضة له، ليس في موضوع الدستور فقط وإنما في الشأن السياسي والعام.
ويبدي الخبير السياسي تعجبه من عدم توجيه الدعوة لأي عضو بلجنة الخمسين التي أعدت هذا الدستور، ولا لجنة العشرة التي صاغت مواد دستور 2014، باستثناء شخص واحد فقط منها وهو الدكتور صلاح فوزي، الذي أعلن تأييده المطلق لفكرة التعديلات حتى قبل البدء فيها.