مع انتهاء جولة الانتخابات الإسرائيلية، التي منحت أحزاب اليمين بزعامة بنيامين نتنياهو ولاية خامسة في رئاسة الحكومة، لم تخفِ السلطة الفلسطينية مخاوفها من انهيار مشروع التسوية في ظل الوعود التي أطلقها نتنياهو لناخبيه بضم الضفة الغربية.
قيادات السلطة ومنظمة التحرير تابعوا عن كثب مجريات الانتخابات الإسرائيلية، وبدأ ذلك جليا في التصريحات التي خرجت على لسان أمين سر اللجنة المركزية لمنظمة التحرير، صائب عريقات، في الساعات الأولى لظهور النتائج بقوله "إن الإسرائيليين صوتوا بـ"لا للسلام(..) مضيفا في تغريدة على تويتر أن الإسرائيليين صوتوا للمحافظة على الوضع القائم، لقد قالوا لا للسلام ونعم للاحتلال".
أما عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، توفيق الطيراوي، فأشار في تصريحات لإذاعة صوت فلسطين الرسمية إلى أنه "لم يكن أحد يتوقع، حتى لو فاز أي شخص آخر غير نتنياهو، أن تؤدي السياسة الإسرائيلية إلى قيام دولة فلسطينية".
قرارات أحادية الجانب
تكمن الخشية الفلسطينية من فوز نتنياهو بولايته الخامسة في أن يقدم الأخير على خطوات انتقامية للسلطة، استكمالا لما فعله سابقا بمصادقته على مشروع اقتطاع جزء من أموال المقاصة التي تعتمد عليها لتوفير إيرادات الموازنة.
كما تبدي السلطة قلقها من إصدار نتنياهو قرارا أحادي الجانب بالاعتراف بالضفة الغربية كجزء من دولة إسرائيل، وهو ما قد يقضي على مشروع التسوية، التي ترى بأنه مقدمة للوصول لقيام دولة فلسطينية على ما تبقى من أراضي الضفة الغربية.
وفي تعليقه على ذلك، يشير عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، واصل أبو يوسف، إلى أن "بقاء نتنياهو في سدة الحكم لولاية خامسة يعني أننا أمام أربع سنوات من الاضطهاد وسرقة الأرض وتهويد المقدسات، وهذا من شأنه تقويض أي مساع تقودها السلطة بمساعدة أطراف دولية للوصول إلى تسوية تحفظ حقوق شعبنا في بناء دولة ذات سيادة على حدود عام 1967".
وأضاف أبو يوسف لـ"عربي21": "نحن لا نرى فرقا بين اليمين واليسار إذا كان الطرفان لا يؤمنان بحقوق الشعب الفلسطيني، لكن رهاننا كان قائما بألّا يحظى مشروع نتنياهو (التصفوي) بهذه الثقة الواسعة من قبل الجمهور الإسرائيلي، لذلك فانتقال التطرف من قبل قادة الأحزاب اليمينية إلى الشارع يشير إلى صعوبة المرحلة القادمة؛ بسبب التأثير الذي سيفرضه الشارع على مؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية".
أدوات الضغط الرسمي
وفي معرض رده على سؤال خيارات السلطة للرد على قرار ضم الضفة الغربية، أشار أبو يوسف إلى أن "هذا القرار باطل، ولن نعترف به، وأن بدء إسرائيل لهذه المعركة سيقابلها رد فلسطيني رسمي بتفعيل قرارات المجلسين الوطني والمركزي بإعادة النظر في العلاقات السياسية والاقتصادية والأمنية مع إسرائيل، وعلى المستوى القضائي سيتم تحريك الدعاوى القضائية في محكمة الجنايات الدولية، وتفعيل الضغط الشعبي في كافة أماكن تواجده".
أما عضو المجلس الثوري لحركة فتح، عبد الله عبد الله، فأشار لـ"عربي21" إلى أن "فوز نتنياهو يبقى شأنا داخليا ما لم يمس بحقوق الشعب الفلسطيني، مستدركا بأنه إذا لم يبد نتنياهو أي نوايا حسنة لتغير موقفه من قضايا الحل النهائي، فنحن أمام مواجهة مفتوحة، ولن تكون السنوات الأربع القادمة كسابقاتها في ممارسة إسرائيل ما يحلو لها من قرارات تنتقص من حقوقنا".
كانت فترة نتنياهو السابقة هي الأسوأ في تدهور العلاقات بين السلطة وإسرائيل، حيث توقفت المفاوضات بين الطرفين، وحصلت إسرائيل على اعتراف أمريكي بالقدس عاصمة لها، وقامت إسرائيل مؤخرا باقتطاع 138 مليون دولار من أموال المقاصة؛ بدعوى دفع السلطة رواتب لأسر الشهداء والأسرى، في المقابل اتهمت السلطة نتنياهو بتمرير الأموال لحركة حماس لإعلان دولة مستقلة في غزة بعيدا عن السلطة.
انهيار مشروع السلطة
ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح، عبد الستار قاسم، أن "مشروع السلطة القائم على المفاوضات انهار منذ اندلاع انتفاضة الأقصى، وما تلا ذلك هو رهان السلطة على كسب معركة الوقت في إمكانية الوصول إلى دولة ذات سيادة كاملة، لكن هذا المشروع اصطدم باتساع نفوذ أحزاب اليمين في إسرائيل، التي لا تؤمن بأي حقوق تاريخية للشعب الفلسطيني".
وأضاف قاسم لـ"عربي21": "من المرجح أن السلطة كانت تراهن على تغير شخصية رئيس الحكومة من نتنياهو إلى بيني غانتس، لكن هذا الرهان ما زال خاسرا؛ لأن الأخير لا يقل تطرفا عن نتنياهو، وقدم للجمهور مشاريع أكثر عنصرية، وهذا يدفعنا إلى اعتقاد بأن الأيام الأخيرة للسلطة باتت معدودة، في ظل ما قد تشهده الأيام القادمة من إعلان ضم الضفة الغربية إلى إسرائيل".
مختصون يقرأون انعكاس نتائج انتخابات الكنيست على فلسطين
هذه إجراءات تشكيل الحكومة الجديدة بعد انتخابات الكنيست
"التحقيق العسكري " أسلوب إسرائيلي لقتل الأسرى.. تفاصيل