نشرت مجلة "سايكولوجي توداي" الأمريكية مقال رأي للكاتب غرانت هيلاري برينر سلّط فيه الضوء على أبرز الفرص التي يمكن أن يقدّمها الحزن للمرء، حيث أنّ الانفراد بالنفس والدخول في فترة من الحزن قد يكون مثمرا في بعض الأحيان.
وقال الكاتب، في مقاله الذي ترجمته "عربي21"، إنه اعتاد بعد وفاة والدته عندما كان صغيرا أن يقضي ليالي طويلة منعزلا في غرفته يحاول استرجاع الذكريات القليلة التي تجمعه بها، إلى أن قرّر أن يتقبّل هذا الوضع ويستفيد من هذه التجربة التأملية التي خاضها في تلك الفترة.
وذكر الكاتب أنه على مرّ تلك السنين تعلّم كيف يتقبّل هذه التجربة المؤلمة ويحوّلها إلى مصدر قوة، ويتقرّب بشكل أكبر من ذاته، ويستفيد من الفرص المتاحة له لتصبح لحظات من الفرح الشديد.
وعلى الرغم من أن الحزن عاطفة خجولة وهادئة، إلاّ أنه قد يتشبّث بالمرء. ولكن، يستطيع المرء تحويل هذا الشعور السلبي الذي يطغى عليه إلى علاج قوي ويصبح الطرف الرابح في المعركة.
وفي أغلب الأحيان، يحاول الشخص كبت مشاعر الحزن التي تنتابه خوفا من أن تطغى عليه نوبات البكاء الشديدة.
وفي حين أن قمع مشاعر الحزن يمنعنا من التفكير في الأمور الرهيبة والمؤذية أو استرجاع الذكريات المؤلمة، فإن التنفيس عنه قد يشعرك براحة نفسية كبيرة واسترخاء عميق من المشاعر السلبية التي كانت تستنزف طاقتك العقلية.
وأكد الكاتب أن التعبير عن مشاعرك بشكل صريح والقول بأنك "تشعر بالحزن"، وعدم محاولة إنكار ما تشعر به في الحقيقة، هي بداية الطريق لمواجهة ذاتك.
إن التغلب على الخوف من خلال التنفيس عما تشعر به بالبكاء يمكن أن يكون نقطة تحول هامة في حياتك. وعلى الرغم من أنه ليست كل أنواع البكاء تجعلنا نشعر بالتحسن، إلا أن الدموع غالبا ما توفر شعورا بالراحة.
وأورد الكاتب أنه عادة ما يكون هناك خلط بين الحزن والاكتئاب. فالحزن شعور طبيعي، ولكن تكمن المشكلة في تراكم المشاعر غير المدركة بشكل عقلاني، على غرار الحزن، ما يؤدي إلى تلويث أفكارنا.
وفي حال كنت تشعر بالاكتئاب، فينبغي عليك حينها تلقي العلاج المناسب لتجاوز هذه الحالة النفسية، لأن خلط شعور الحزن بالاكتئاب قد يؤدي إلى الفشل في تجاوز حالة الحزن الطبيعي.
اقرا أيضا : دمى ضخمة تسكن قرية يابانية هجرها سكانها
وأفاد الكاتب بأن قمع مشاعر الحزن التي يتشاركها مجموعة من الأفراد، عن طريق الاتفاق على التزام الصمت وعدم الخوض في الحديث عن التجربة، يعزّز من التواصل فيما بينهم ويخلق مشاعر الألفة والمودة. فضلا عن ذلك، كشفت الأبحاث أن الشعور المشترك بالألم يعزّز من روح العمل الجماعي.
وبيّن الكاتب أنه من الصعب على الكثيرين التعاطف مع الآخرين في ظلّ قمعهم للمشاعر القوية التي تعتريهم. وأحيانا، يمكن أن يتعاطف بعض الأشخاص عقليا في حين أنهم لا يملكون مشاعر قوية.
وتتيح لك القدرة على التعامل مع الحزن الذي يشعر به الآخرون على التواصل العاطفي بشكل أكبر، حيث يمكن أن تتلاءم التجربة الشخصية مع تجربة الشخص الآخر وتحفز المعاملة بالمثل، وهو ما يؤدي إلى تحوُّل أساسي في العلاقات.
وفي الختام، ذكر الكاتب أنه طالما أنه يمكن تحمل مشاعر الحزن والتعامل معها، فإن تشارك الحزن مع الآخرين يزيد من التعاطف ويسهّل التواصل ويعمّق الروابط ويحسن القدرة على الإنصات إلى الآخرين.