قالت كاثرين بنيت في مقال رأي نشرته صحيفة "الغارديان"، إن تطبيق "أبشر"، الذي يسمح للرجال بمراقبة النساء وتتبع حركاتهن في السعودية، يظهر عيوب النظام فيها.
وتشير بنيت في مقالها، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن تطبيق "أبشر"، الذي وصفته لاجئتان سعوديتان هربتا من قمع عائلتهما، بـ"اللاإنساني" مع الجهتين اللتين توفرانه، وهما شركتا "أبل" و"غوغل"، لديه الكثير من ردود الفعل الإيجابية على صفحته على الإنترنت.
وتقول الكاتبة إن "الأمر المخفي وراء النجمات الخمس المصاحبات للتطبيق، تعبيرا عن جودته من ناحية آراء المستخدمين، هو أنه يشارك بشكل كبير في (استعباد السيدات)، وبالإضافة إلى عائداته لـ(أبل) و(غوغل)، يبقى تطبيق (أبشر) نعمة لأصحاب الممتلكات البشرية من النساء".
وتتحدث بنيت عن عدة فتيات سعوديات تمكن من الهروب من البلاد وطلب اللجوء في عدد من دول العالم، وحديثهن عن التطبيق وما يقدمه للرجال من إمكانيات تسمح لهم بمراقبة بناتهم وزوجاتهم.
وتلفت الكاتبة إلى أن "الرجال يجدون أنفسهم وسط انشغالاتهم بحاجة لمراقبة دائمة للزوجات والبنات والخادمات الصعبات، مع أن لديهم الشرطة الدينية والسلطة الأبوية، والآن هناك نظام رقابة لا يحتاج إلا إلى نقر على الشاشة، فهم يستطيعون السيطرة، ووداعا للنشوز والعصيان".
وتنقل الصحيفة عن رجل تعليقه على تطبيق "أبشر"، الذي منحه خمس نجمات، بالقول: "لا يتخيل أحد كيف كنا قبل (أبشر)"، فيما أشارت تعليقات أخرى إلى أن ما يقوله النقاد حول ملاحقة "أبشر" للمرأة هو "مجرد أكاذيب"، خشية من عثور أحدهم على دليل يؤكد وجود قسم في التطبيق يثبت التحكم في المرأة، ويؤكدون أن الأجانب لا يفهمون طبيعة المجتمع السعودي، وكتب عبد الكريم الخرمي قائلا: "هؤلاء الذين ليسوا من بلدنا لا حق لهم بالتعليق على التطبيق؛ لأنهم لا يعرفون شيئا عنه".
وتعلق بنيت قائلة: "من هنا فإن من المفيد لنا أن تقدم لنا الأختان مها ووفاء السبيعي، اللتان هربتا وتطلبان اللجوء في جورجيا، صورة عن نظام الرقابة الرقمي، بالإضافة إلى شهد محميد، وهن يعرفن بطبيعة النظام، ودور الشركات التكنولوجية العملاقة التي تقدم وتحدث تطبيقا يؤكد التمييز الجنسي في القرن الحادي والعشرين".
وتنوه الكاتبة إلى أن "في التطبيق جزءا يتمكن من خلاله الرجل من الموافقة أو رفض عمل وسفر المرأة أو العاملات المنزلية إلى الخارج، ويعطيه السلطة لإلغاء حجزهن على الطائرات، وطلب تحديث الرسائل النصية لو كانت هناك محاولة للهرب".
وتورد الصحيفة نقلا عن وفاء السبيعي، قولها إن التطبيق يعطي الرجل السيطرة على المراة و"على (غوغل) و(أبل) حذفه"، مشيرة إلى أن "أبل" و"غوغل" رفضتا مطالب مماثلة 14 من نواب الكونغرس الأمريكيين.
وتؤكد بنيت أن حقيقة هرب الفتاتين بعد سرقة هاتف والدهما ووصولهما للتطبيق، اعتبرت دعما للتطبيق الذي زودته الشركتان، لافتة إلى أن المعلقة المصرية الأمريكية منى الطحاوي، نقلت عن ناشطة سعودية قولها إن التطبيق، وإن كان "مقيتا"، إلا أنه أفضل من النسخة الأولى، فالراغبات في الهروب "يمكنهن تحميل التطبيق، وهو ما لم يكن متاحا في الماضي؛ نظرا للأوراق المطلوبة، وضرورة الموافقة من المؤسسات البيروقراطية".
وتجد الكاتبة أنه "مهما يكن، وسواء استطاعت المرأة السعودية الهرب، وخاطرت بهروب غير محسوب العواقب، وأسوأ من هذا السجن الذي يتبع المحاولة الفاشلة، فإن من الصعب تبرئة (غوغل) و(أبل) من التواطؤ في قهر المرأة".
وتتساءل بنيت عن دور التكنولوجيا التي استخدمت في انتهاك المرأة، مثل لجام الاسترقاق وأطواق الحديد، مشيرة إلى أن شركة "تيفاني أند كو" نفت قبل سنوات صناعة شيء مثل أطواق الاسترقاق، قائلة: "لم نصنع خلال عمرنا البالغ 179 عاما مجوهرات لهذه الأغراض الكريهة"، ولم ينس أحد أو يغفر لشركة "بروكس بروذرز" أنها صنعت ملابس لاسترقاق العاملات المنزليات.
وتعتقد الكاتبة أنه "من الضروري فهم، وكان يجب أن تفهم هذا شركات التكنولوجيا العملاقة، بأن لا مكان للمساواة بين الرجل والمرأة في السعودية، كما أخبرتنا الأختان السبيعي والتغريدة التي كتبتها ناشطة سعودية ونشرتها الطحاوي، بالإضافة إلى تعليقات الإعجاب للرجال السعوديين لتطبيق يعد ودون شك وسيلة لاضطهاد المرأة".
وتعلق بنيت قائلة أن "هناك انطباعا بأن التقارير التي تتحدث عن استخدام الرجل العنف لتأكيد تفوقه على المراة لا ينظرإليها عى أنها أفعال بربرية، ولا يستحق ضحاياها في هذه الحالة الحماية، وفي السياق ذاته فإن لامبالاة كل من (أبل) و(غوغل) للناجيات من تطبيق (أبشر)، وأثره على سمعة الشركتين تروي قصة أخرى".
وتتساءل الكاتبة قائلة: "لماذا تحتاج السعودية لتنفيذ مطالب السيناتورات الأمريكيين أو لمنظمة (هيومان رايتس ووتش)، عندما يقوم صحافي مثلا في (كولومبيا جورنالزم ريفيو) بالدفاع بشكل أفضل من ولي العهد السعودي أو بريطانيا بأن علينا ألا نصدر الحكم؟".
وتشير بنيت إلى أن "الكاتب يتحدث عن المنافع للناس (السبب الذي شمل فيه متابعة المرأة في تطبيق للحكومة هو أن متابعة المرأة أمر قانوني في السعودية، فالزوج هو ولي زوجته من الناحية القانونية، ولهذا فهو يسيطر عليها)، لكنه لم يقل إن قطع رؤوس السجناء في السعودية، كما تم تذكيرنا الأسبوع الماضي، قانوني، وكان علينا أن نفهم أقل ونصدر أحكاما أقل، ولربما كانت هناك قيمة مالية نسبية أبعد من صفقات السلاح والتعاون التكنولوجي في مجال نظام الوصاية".
وتقول الكاتبة: "علينا أن نذكر الاتحاد الإسباني لكرة القدم، الذي يفكر بنقل مباريات (سوبر كاب) لستة مواسم إلى السعودية، البلد المصنف بأنه ثاني أسوأ بلد لمعاملة المرأة، أو كما فضلت لاعبة الغولف الأسكتلندية كاريل بوت وصفها الأسبوع الماضي عندما احتلفت برعاية السعودية لها، وفي اليوم ذاته الذي أعدمت فيه السلطات 37 مواطنا (من الناحية الثقافية هم مختلفون عن بقية الدول)".
وتختم بنيت مقالها بالقول: "سيكون واضحا للسعوديات اللاتي يغامرن في حياتهن للهروب من نظام الوصاية، أن العالم الذي نعيش فيه لا يرحب فقط بهؤلاء الأوصياء، بل إنه يدافع عنهم أيضا".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
إندبندنت: سعوديات يرمين أطفال السفاح في الشوارع
الغارديان: حلفاء بريطانيا في الخليج متهمون بدعم حفتر
NYT: هل حظر 16 سعوديا من أمريكا يُحقق العدالة لخاشقجي؟