نشرت صحيفة "البايس" الإسبانية تقريرا تحدثت فيه عن التدهور الاقتصادي الذي تعاني منه الجزائر والذي تسبب في تعميق السخط الاجتماعي.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن التدهور التدريجي للخدمات العامة والافتقار إلى بدائل بالنسبة للشباب، زاد من انزعاج وسخط المجتمع الجزائري في السنوات الأخيرة.
ويؤكد ميغيل هيرناندو دي لارامندي، مدير مجموعة الدراسات حول المجتمعات العربية والإسلامية بجامعة "كاستيا لامانشا"، في مؤتمر نظمه معهد "إلكانو" الملكي خلال هذا الأسبوع، أن "المجتمع الجزائري قد وجد مخرجا في الاحتجاجات ضد الإهانة الوطنية التي تضمنها إعلان بوتفليقة".
وأوردت الصحيفة أن الاقتصاد الجزائري كان بحاجة للإصلاحات لسنوات عديدة، بالنظر إلى ضرورة التنويع في موارد البلاد، على نحو يتجاوز الغاز والنفط لتوفير فرص العمل للشباب، في مجتمع يبلغ متوسط العمر فيه 27 أو 28 سنة، حيث تجاوزت نسبة البطالة في هذه الفئة العمرية 25 بالمئة. من جهتها، توظف الدولة، الكتلة البيروقراطية الكبرى وغير الفاعلة، بشكل غير مباشر حوالي 40 بالمئة من السكان النشطين في الجزائر. وبحسب بعض التقارير، يضاهي الاقتصاد الخفي 45 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.
اقرأ أيضا: رئيس الأمن الوطني السابق بالجزائر أمام القضاء بتهم فساد
وأضافت الصحيفة أن صناعة النفط، وهي القطاع الاقتصادي الرئيسي الآخر في الجزائر، يمثل حوالي 35 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي وثلثي الإيرادات الضريبية ويوفر حوالي 95 بالمئة من عائدات التصدير، وهو ما أكدته الخبيرة في الاقتصاديات المغاربية، أمل بالعيد. من جهة أخرى، سلط انهيار أسعار النفط في سنة 2014 الضوء على الحاجة إلى الإصلاحات، لكن الشلل السياسي والفساد والاعتماد الكلي للشركات على السلطة السياسية أدى إلى تأخير اعتماد التدابير، فضلا عن تراجع النمو.
من جهته، قام صندوق النقد الدولي بخفض توقعاته للنمو خلال هذه السنة من 2.7 إلى 2.3 بالمئة مقارنة بنسبة 4 بالمئة التي بلغتها البلاد في المتوسط في الماضي. كما حقق الاقتصاد نموا في المتوسط بنسق يضاهي 3 بالمئة. وعلى عكس الاقتصادات الأخرى التي تعتمد على النفط، حيث ازداد ثراء دائرة صغيرة أو عائلة في الوقت الذي يتصارع فيه الأعضاء الآخرون من النخبة على الفتات، يتم تقاسم الثروة في الجزائر بين الجيش والبيروقراطيين في القطاع العام ورجال الأعمال والقادة السياسيين.
ونقلت الصحيفة عن الباحث في معهد "إلكانو" الملكي، هيثم عميرة فيرنانديز، قوله إن هذا "نموذج واضح وبسيط للدولة الريعية، حيث يقوم الاستقرار الاجتماعي على المساعدات والإنفاق العام". في الواقع، تمثل الإعانات حوالي 12 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، كما ارتفعت نسبة الديون العامة من 15 بالمئة تقريبا خلال سنة 2013 إلى 50 بالمئة في سنة 2017. وأضاف الباحث أن "حوالي 10 بالمئة من الميزانية تذهب إلى الإنفاق العسكري، وهو ما يفترض نصف ما تنفقه القارة بأكملها، ما يجعل الجزائر أكبر مستورد للأسلحة في أفريقيا".
اقرأ أيضا: معهد ستوكهولم: الجزائر الأولى أفريقيا في الإنفاق العسكري
وبينت الصحيفة أن تدهور الحسابات العامة قد تأخذ البلاد إلى أبعد من ذلك. فعلى الرغم من الانتعاشة الأخيرة التي شهدتها أسعار النفط، إلا أن تراجع الاستثمارات على امتداد سنوات في قطاع النفط، يشير إلى أن الجزائر، العضو في منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك"، هي واحدة من الدول القليلة التي لم تف بحصتها من الإنتاج. أما بالنسبة لفنزويلا، فقد حفزت الإعانات الاستهلاك المحلي للوقود بشكل غير فعال وأصبحت صادرات النفط تنخفض تدريجيا.
وعلى الرغم من إمكاناتها العالية، تمتلك الجزائر أكبر عاشر احتياطي من الغاز الطبيعي في العالم، وثالث أكبر احتياطي من الغاز الصخري، إلا أن الاستثمار الأجنبي يبدو مترددا في الدخول إلى بلد يفرض على الدولة الحفاظ على نسبة 51 بالمئة من ملكية المشاريع.
وفي الختام، أشارت الصحيفة إلى أن مجموعة الأزمات الدولية تؤكد أنه "بعد 20 سنة من انتهاء الحرب الأهلية، حان الوقت للبدء في التخلي عن نموذج يبدو أنه غير مستدام على الرغم من الأمن والسلام الذي وفّره". ويعد ذلك تحديا آخر للحكومة في انتخابات الرابع من تموز/يوليو المقبل.
الموندو: الجنرالات والمواطنون.. هذه سيناريوهات الجزائر
لوب لوغ: هل تحاول الرياض وأبو ظبي إجهاض الثورة الجزائرية؟
الغارديان: سقوط بوتفليقة المهمة الأسهل والأهم هو التالي