نشر موقع "ميدل إيست آي" مقالا للصحافية والكاتبة بيلين فيرنانديز، تقول فيه إن هوليود لم تتغير، فمن فيلم علاء الدين وحتى عودة إلى المستقبل، تصر الأفلام الأمريكية على تصوير العرب على أنهم مجرمون.
وتشير فيرنانديز في مقالها، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه تم الإعلان الأسبوع الماضي عن أن الممثل المصري الأمريكي والفائز بجائزة الأوسكار رامي مالك سيقوم بأداء دور "مجرم غامض مسلح بتكنولوجيا غريبة"، مقابل دانيال كريغ في الفيلم الخامس والعشرين من أفلام جيمس بوند، الذي سيصدر العام القادم.
وتلفت الكاتبة إلى أن قسم التسلية في "بي بي سي" غرد قائلا: "بسم الله! لقد تم اختيار الفائز بالأوسكار رامي مالك لأداء دور المجرم في آخر أفلام بوند"، وعندما ظهر على برنامج "غود مورنينغ أميركا" للحديث عن الخبر في الوقت الذي صفق فيه الجمهور وانفعلوا، علق نجم فيلم "بوهيميان رابسودي" بأنه كان هناك "مجرمون رائعون في تاريخ الفيلم".
وتستدرك فيرنانديز قائلة: "عندما تفكر في الأمر فإن هناك أيضا تاريخا لتصوير العرب كونهم مجرمين في الأفلام".
وتقول الكاتبة: "ليست مهمتي أن أدخل في النقاش حول ما إذا كانت هوية مالك القبطية ستمنع العرب من اعتباره واحدا منهم، لكن الواقع هو أن إرثه يقع فيما يشار إليه الآن إلى أنه من العالم العربي والإسلامي، وأنه بغض النظر عن مدى روعة مالك بصفته مجرما في فيلم بوند، فإن هذه تشكل فرصة جيدة للتبصر في معاملة هوليود للشخصيات من ذلك العالم".
وتبين فيرنانديز أنه في قصة الغلاف حول مالك لمجلة "جي كيو ميدل ايست" تندرت المجلة بالقول: "في الغرب لدى الممثلين المنحدرين من الشرق الأوسط خياران: إما أن تهمل أو توضع في دور يعكس صورة نمطية (عن الشرق الأوسط)"، مشيرة إلى أن هذه كانت هي الحال بالنسبة لمالك ابتداء، حيث كان "مغناطيسا للأدوار ذات البعد الواحد، فمثل دور الإرهابي والمتوحش وتشكيلة الصور الكاريكاتورية للعربي".
وتفيد الكاتبة بأنه بعد أن مثل مالك دور المفجر الانتحاري في مسلسل تلفزيون "فوكس 24"، فإنه قال إنه قرر أن هذا النوع من الأدوار "هراء"، وأنه لن يستجيب "لأي دعوات لأداء أدوار عن العرب أو الشرق أوسطيين تظهرهم بصورة سلبية".
وتقول فيرنانديز: "بالمناسبة، تمت الإشارة إلى مسلسل 24 من الأكاديمي الراحل جاك شاهين، مؤلف كتب من بينها كتاب (ريل باد أرابس)، (لعب على معنى كلمة (real) باللغة الإنجليزية، التي تعني حقيقي، لكنه استبدلها بكلمة (reel)، التي تعني إسطوانة الفيلم، في إشارة منه إلى تصوير هوليود السلبي للعرب)، بصفته أول برنامج يقوم بـ(عملية شيطنة) للعرب والمسلمين في أمريكا بعد احداث 11 أيلول/ سبتمبر، تصورهم جميعا على أنهم (نسخ من أسامة بن لادن)"
وتنوه الكاتبة إلى أن شاهين كتب أن كلا من مسلسل 24 ومسلسل هوملاند على "شو تايم"، "وفرا وسيلة لدولة الأمن القومي، لبث الأوهام حول تهديد إرهابي من العرب والمسلمين".
وتشير فيرنانديز إلى أنه بالنسبة لعملية الشيطنة قبل أحداث 11 أيلول، فإن نعي شاهين في صحيفة "نيويورك تايمز" عام 2017، ذكر بأنه "توصل من خلال تحليلاته إلى أنه من بين حوالي 1000 فيلم تظهر فيها شخصيات عربية أو مسلمة تم إنتاجها ما بين 1896 و2000، كان هناك 12 فقط صورتهم بشكل إيجابي".
وتذكر الكاتبة أن كتاب "ريل باد أرابس"، يستعرض للقارئ أفلاما مثل فيلم ديزني الكرتوني علاء الدين (1992)، التي تحتوي كلمات أغنية الافتتاح:
أنا قادم من أرض،
تقع في مكان بعيد،
فيه تجول قوافل الجمال،
وفيه يقطعون أذنك..
إن لم يعجبهم شكل وجهك،
إنه مكان بربري، لكنه يا هذا وطن.
وفي نسخة عام 1993، تم تغيير السطرين الرابع والخامس بسبب الاحتجاجات إلى:
حيث الأرض منبسطة وشاسعة،
وحيث الحرارة حارقة
لكن تأكدوا أنه ليس من المبكر أبدا أن تعلم الأطفال التعصب الأعمى وكراهية الأجانب.
وتقول فيرنانديز: "تم تشريح فيلم ستيفين سبيلبيرغ (باك تو ذي فيوتشر) (1985)، الذي يقوم فيه البطل (باختراق وتدمير إرهابيين نوويين عرب أوغاد)، وكان هذا بالرغم من أن –حينها كما هو الآن – (البلد النووي الوحيد في الشرق الأوسط هي إسرائيل)".
وتشير الكاتبة إلى أن كتاب إدوارد سعيد "الاستشراق"، الذي نشر لأول مرة عام 1978، تطرق إلى دور الأفلام والتلفزيون في تشكيل التصور الغربي للعرب، فكتب سعيد أن العربي على الشاشة "مرتبط إما بالانغماس بالشهوات، أو التعطش للدم، أو الخيانة، حيث يظهر على أنه منحط يعشق الجنس وقادر على التآمر، لكنه بشكل أساسي سادي ومتآمر وحقير".
وتستدرك فيرنانديز بأن "فيلم (باك تو ذي فيوتشر)، والدور الذي سيؤديه مالك في فيلم بوند دور المجرم (بسم الله)، ليس من الواضح إلى الآن إن كانت الشخصية عربية، لكن قد يكون هناك بعض الاستشراق القديم في ذلك".
وتقول الكاتبة: "واضح أن مالك، المصري الأمريكي، لا يناسبه جدا ركوب الجمال، و(بربرية) قطع الآذان في بعض الصور الاستشراقية، لكن الكثير من المعجبين ينسبون إليه درجة من (الجمال الحسي الغريب)، الذي تحدث عنه سعيد بصفته واحدا من العديد من العوامل التي ساعدت على (هيمنة معقدة) للغرب على الشرق".
وتضيف فيرنانديز: "صحيح أن الغرائبية قد توفر وسيلة أقل مباشرة لتسهيل الغزو الإمبريالي من التغلل السينمائي في نشر الصور النمطية التي تنفي الإنسانية عن الأعداء الإرهابيين الشيطانيين والوحوش غير المتحضرين، ففي أمريكا ساعد الأسلوب الأخير على زرع الحماسة لمشارع مثل اقصفوا العرب إلى قطع صغيرة".
وتجد الكاتبة أنه "لكونه تم تصوير العرب والمسلمين في أدوار الإرهابيين، فإن من حق أمريكا وزميلتها إسرائيل أن ترهبا العدو كما تريدان ودون المغامرة بتنصيب نفسيهما بكونهما من أخيار العالم".
وتقول فيرنانديز: "بالحديث عن الإرهابيين فهل يمكن لصناعة الأفلام أن تتماهى مع الواقع، حيث يحصل وأننا نشهد، كما ذكرت صحيفة (نيويورك تايمز) مؤخرا، بأن هناك (موجة من هجمات العنصريين البيض وإرهاب المتخوفين من الأجانب في الغرب، التي عادة استهدفت المسلمين والمهاجرين وغيرهم من الأقليات".
وتلفت الكاتبة إلى أنه من ناحيته، فإن المسؤول السابق في وزارة الأمن القومي جورج سليم، يؤكد أنه "ما بين عام 2009 و2018، فإن المتطرفين اليمينيين كانوا مسؤولين عن 73% من أعمال القتل التي قام بها متطرفون في أمريكا"، أما المتطرفون المسلمون فكانوا مسؤولين عن 23% من الجرائم.
وتستدرك فيرنانديز بأن "عادات هوليود لا تموت بسهولة، وليس فقط عندما يتعلق الأمر بالمجرم العربي السينمائي، أما في حالة جيمس بوند 007 بالذات، فقد أثير جدل في عام 2015 عندما رأى مؤلف جيمس بوند، أنتوني هورويتز بأن الممثل الأسود المشهور إدريس إلبا كان (سوقيا جدا) لأداء دور بوند".
وتؤكد الكاتبة أنه "من غير المعقول اتخاذ قرار بأن أي شخص له علاقة بالعرب لا يمكنه أداء دور (المجرم الغامض) لأسباب لا علاقة لها بالصور النمطية الاستشراقية الحاقدة، لكنه من غير المعقول أيضا أن نستبعد أي اعتبار للسياق التاريخي والسياسي الذي يؤثر على ممثلي الشرق الأوسط والشخصيات التي يقومون بتمثيلها".
وتقول فيرنانديز: "لأن الممثل الفائز بالأوسكار مالك -الذي يحتفى به لأنه رفض الواقع ومضى أبعد مما هو متعارف عليه تقليديا- بقي أيضا يستقبل الإعجاب بصفته (حبيبا للقلب) و(رمزا للجنس) و(محبوبا)، بشكل عام فيمكننا الافتراض بأنه حتى عندما يقوم بدور المجرم، فإنه سيحافظ على مكانته".
وتختم الكاتبة مقالها بالقول: "لكن يبقى الخطر في الوقت الذي نقع في حب الممثل المصري الأمريكي بأن نخدع أنفسنا كوننا أمريكيين بالتفكير أننا لا نعيش في مجتمع عنصري فاسد، وهذا بالطبع ليس أمرا جيدا".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
وول ستريت: هذا ما كشفته تحقيقات مع الحلقة القريبة لترمب
فيسك: لماذا تحتاج إيفانكا ترامب لدرس في التاريخ المصري؟
NYT: هل حظر 16 سعوديا من أمريكا يُحقق العدالة لخاشقجي؟