أحيت فعاليات عمالية وسياسية أردنية الأربعاء، ذكرى يوم العمال العالمي، بمسيرة احتجاجية على ما أسموه "الظلم والاستغلال والفقر وارتفاع معدلات البطالة بشكل غير مسبوق"، في وقت يترنح الاقتصاد الأردني ويرزح تحت وطأة أزمة مالية واقتصادية حادة.
وانطلقت المسيرة الاحتجاجية من وسط العاصمة الأردنية
عمان بتنظيم من اتحاد النقابات العمالية المستقلة والتيار الديمقراطي التقدمي،
وندد المشاركون بـ"استغلال واضطهاد، السياسات الليبرالية المتمثلة لإملاءات
صندوق النقد والبنك الدوليين".
ودعا رئيس اتحاد النقابات العمالية المستقلة، سليمان
الجمعاني، خلال المسيرة الحكومة الأردنية إلى تعديل قانون العمل بما يضمن حرية
التعدد النقابي للوصول إلى نقابات عمالية تمثل العمال لا نقابات مسيطر عليها
أمنيا، قائلا لـ"عربي21" إن "94 بالمئة من العاملين في الأردن غير
منظمين في نقابات تمثلهم".
وانتقد الجمعاني "تدني معدلات الأجور في الأردن
وسط أسوأ ظروف للعمل دون نصير ولا معين، واستغلال القطاع الخاص للعاملين"، مضيفا أن "مسيرات المعطلين
تفترش الساحات أمام الديوان وفي المحافظات، للمطالبة بالحق الدستوري وبأمل العيش
البسيط، في وقت تنتشر فيه البطالة بين الشيب والشباب".
اقرأ أيضا: في يوم عيدهم.. هذه رسائل عمال مصر للنظام الحاكم
ويعاني واقع العمل والعمال في الأردن من تحديات
عديدة عنوانها الأبرز تراجع المؤشرات الاقتصادية، وارتفاع غير مسبوق لأرقام
البطالة، وسط تسريحات بالجملة لعاملين إثر إغلاق مصانع وهروب استثمارات إلى الخارج.
وحذر المشاركون من تسريح شركات خاصة للعمال
والاستغناء عن خدماتهم، في ظل إغلاق المصالح المُعثّرة أو هيكلتها، أو الاستعانة
بالعمالة الأجنبية.
شروط العمل اللائق
بدوره، قال المرصد العمالي الأردني في ورقة موقف له
الأربعاء، إن سوق العمل الأردني يعاني من ضعف كبير في شروط العمل اللائق بسبب جملة
سياسات اقتصادية واجتماعية وضعتها ونفذتها الحكومات المتعاقبة.
ومن هذه السياسات، وفق المرصد "غياب المساءلة
والمحاسبة والرقابة الحقيقية، ووجود برلمانات ضعيفة غير قادرة على مراقبة أداء
الحكومات، إلى جانب القيود الكبيرة المفروضة على تنظيم المجتمع لنفسه، وخاصة
العمال، ليجد الأردن نفسه يعاني من المشكلات الاقتصادية ذاتها، التي كان يعاني
منها عند انفجار الأزمة الاقتصادية الكبرى التي واجهها قبل ثلاثة عقود، وأطاحت
بالقيمة الشرائية للدينار الأردني بشكل ملموس، وقد اعتاد المسؤولون تحميل الظروف
الخارجية مسؤولية مجمل المشكلات الاقتصادية التي نعاني منها".
ويقول مدير المرصد العمالي أحمد عوض
لـ"عربي21"، إن "سوق العمل الأردني يعاني من انخفاض ملموس وكبير في
مستويات الأجور للغالبية الكبيرة من العاملين بأجر في القطاعين العام والخاص، إذا
ما أخذ بعين الاعتبار مستويات الأسعار لمختلف السلع والخدمات، ما أدى إلى اتساع
رقعة العمالة الفقيرة. فالغالبية الكبيرة من العاملين بأجر لا يحصلون على أجور
توفر لهم الحياة الكريمة لقاء عملهم الأساسي، وهنالك فجوة كبيرة بين معدلات الأجور
التي يحصل عليها الغالبية الساحقة، وبين قدرة هذه الأجور على توفير حياة كريمة لهم".
مستويات البطالة
وبحسب إحصائيات مركز بيت العمال للدراسات، وصلت معدلات البطالة في الأردن إلى مستويات غير مسبوقة (18.7 بالمئة)،
معتبرا أنها النسبة الأسوأ منذ الأزمة المالية التي شهدها الأردن في ثمانينيات القرن
المنصرم، خاصة في ظل تراجع الاهتمام ببرامج التشغيل والتدريب والشراكة مع القطاع
الخاص في تنفيذها في ظل الحكومة السابقة.
واعتبر رئيس المركز حمادة أبو نجمة في حديث
لـ"عربي21"، أن "التوجه الحكومي لإصلاح الواقع الاقتصادي، وتحسين
واقع سوق العمل في عهد الحكومة الحالية، ممثلا بتعهد الحكومة توفير 30 ألف فرصة
عمل بالتعاون مع القطاع الخاص، وبرنامج (خدمة وطن)، إضافة إلى مساعي توفير التأمين
الصحي الشامل، وإيجاد حلول لمشاكل النقل العام، كلها تحولات ومبادرات إيجابية يمكن
أن تحدث فارقا على المديين القريب والمتوسط في حال صاحبها إصلاحات عنقودية لسوق
العمل".
اقرأ أيضا: عمال فلسطين ينسجون الحياة في مغزل الموت
ودعا أبو نجمة إلى "رفع درجات التنسيق بين أطراف
الإنتاج، وتحسين ظروف وبيئة العمل والحمايات الاجتماعية، وتحقيق المواءمة بين
مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل، وتحفيز المشاركة الاقتصادية للمرأة، وتحسين
مستويات الأجور خاصة للفئات الضعيفة من العمال، والمراجعة الدورية للحد الأدنى
للأجور، فضلا عن تنظيم ملف العمالة الوافدة".
وشدد على "ضرورة وضع خطة طوارئ يشارك فيها
القطاعان العام والخاص بحيث تتضمن بشكل خاص تنفيذ برامج (تدريب وتشغيل في مواقع
العمل) لاستيعاب أكبر عدد ممكن من المتعطلين عبر تدريبهم وإعادة تأهيلهم وتوجيههم
مهنيا وإدماجهم في سوق العمل".
مشاركة المرأة
وتسجل الأردن مشاركة خجولة للمرأة في سوق العمل، إذ
وضع مؤشر الفجوة بين الجنسين لعام 2018 والصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي،
الأردن في المركز 138 من بين 149 دولة ، بسبب ضعف المشاركة الاقتصادية للنساء.
وأكدت المؤشرات الوطنية على ذلك، في معدل البطالة
بين النساء في الأردن نهاية العام الماضي، حيث بلغ 25.7 بالمئة ولم تتجاوز قوة
العمل من النساء 15.2 بالمئة، في حين بلغت نسبة النساء غير النشيطات اقتصاديا 84.8 بالمئة.
ووفق معهد تضامن النساء، تعاني المرأة في الأردن من تحديات ومعيقات متعددة ومتشابكة
تحول دون مشاركتها الاقتصادية الفاعلة وتنعكس سلباً على الاقتصاد الوطني، وإن
شاركن فإنهن ينسحبن من سوق العمل مبكرا، ما يحد من وصولهن إلى مواقع صنع القرار،
فلم يتجاوز التمثيل النسائي في غرف الصناعة 7.9 بالمئة وفي غرف التجارة 0.6 بالمئة
وفي النقابات العمالية 21 بالمئة، كما يشكلن فقط 7 بالمئة من العاملين في الإدارة
العليا في القطاع العام.
دور الحكومة
وزير العمل الأردني سمير مراد، اعتبر في بيان له الأربعاء
أن "الحكومة قامت باتخاذ حزمة من الإجراءات للحد من البطالة"، موضحا أن "ذلك
يحتل أولوية متقدمة في خطة التحفيز الاقتصادي للحكومة، حيث استمرت وزارة العمل
بالتوسع في إنشاء الفروع الإنتاجية ونقل الاستثمارات إلى المناطق النائية
والبعيدة، خدمة لأبناء المجتمعات المحلية".
وتابع قائلا إن "الدعوات الملكية دائما تتمحور
حول تحسين الظروف المعيشية للعمال، وتوفير البرامج التدريبية المتطورة من خلال
مؤسسة التدريب المهني، والشركة الوطنية للتشغيل والتدريب ، وتوفير الحماية
الاجتماعية للعمال".
اقرأ أيضا: عمال الجزائر يتجهزون لتظاهرة حاشدة في يومهم العالمي
حديث الوزير يأتي في وقت أظهرت به الأرقام الرسمية
الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة والمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، تدنٍ واضح في
معدلات الأجور لغالبية العاملين بأجر.
وتشير أرقام المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي أن
متوسط الأجر الشهري للمشتركين فيها في عام 2017 بلغ (511) دينارا (الدينار 70
سنتا)، حيث بلغت لدى الذكور (531) دينارا شهريا، ولدى الإناث (461) دينارا شهريا.
بينما تشير الأرقام الرسمية لمستويات الفقر المطلق
في الأردن إلى اقترابه من 450 دينارا شهريا للأسرة المعيارية المكونة من ما يقارب
(4.8) أفراد.
إدانة قطرية وأردنية لاقتحامات المستوطنين المتكررة للأقصى
دعوات في الأردن للإفراج عن طالب معتقل منذ 4 أشهر
مركز حقوقي يطالب بالإفراج عن صحفي أردني معتقل بالسعودية