نشر موقع "لوب لوغ" مقالا للصحافي والباحث جوناثان فينتون هارفي، يقول فيه إن الإدارة الأمريكية الحالية لدونالد ترامب، كما تظهر أفعالها، ليست شريك سلام حياديا في اليمن.
ويبدأ هارفي مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، بالقول إن "الأمر لا يتعلق فقط باستخدام الأسلحة الأمريكية والبريطانية في المناطق المدنية في اليمن، لكن الدعم العسكري الغربي، وموافقة الغرب على الحرب التي تقودها السعودية في اليمن، يلحقان ضررا بجهود السلام الهشة بين الحوثيين وحكومة عبد ربه منصور هادي، التي تدعمها السعودية، وتعترف بها الأمم المتحدة".
ويجد الباحث أن الدعم غير المشروط من الإدارتين البريطانية والأمريكية للتحالف الذي تقوده السعودية يزرع المزيد من عدم الثقة لدى الحوثيين، ويزيد من التوتر بين الأطراف المتحاربة.
ويشير هارفي إلى أن الأمم المتحدة وصفت الأزمة الإنسانية في اليمن بأنها "الأسوأ في العالم"، وأعلنت مؤخرا أن عدد الضحايا قد يتجاوز 230 ألف شخص مع نهاية عام 2019، بالإضافة إلى أن الوضع، بحسب الأمم المتحدة، قريب من أن يكون "أسوأ مجاعة يشهدها العالم خلال 100 عام".
ويقول الكاتب إن "من الواضح أن هناك حاجة ضرورية لإنهاء الصراع، الذي دمر بلدا هو في الأصل فقير".
ويرى هارفي أنه "مع ذلك، فإن استخدام الرئيس دونالد ترامب للفيتو ضد استدعاء الكونغرس لقانون سلطات الحرب؛ لإنهاء الدعم العسكري الأمريكي للسعودية، يدل على أن البيت الأبيض يجد أن العلاقات التجارية وعدة آلاف وظيفة للأمريكيين أكثر أهمية من ملايين الأرواح من الشعب اليمني".
ويلفت الباحث إلى أن وزير الخارجية مايك بومبيو كرر التأكيد على أن الدعم العسكري الأمريكي للسعودية يخدم "المصالح الأمريكية بشكل أفضل"، بالإضافة إلى إلقاء اللوم على إيران، بالرغم من الدعم المحدود الذي تقدمه إيران للحوثيين، "فالإدارة الأمريكية الحالية، كما تظهر هذه الأفعال، ليست شريك سلام حياديا في اليمن".
وينوه هارفي إلى أنه في الوقت ذاته، فإن وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت، التقى مع نظيريه السعودي والإماراتي في لندن في 27 نيسان/ أبريل؛ لإجراء المزيد من مفاوضات السلام، مشيرا إلى أنه رغم أن هانت يقول إنه يعارض حلا عسكريا، إلا أنه لم يتطرق إلى دور التحالف والحكومة التي تدعمها السعودية، في الوقت الذي انتقد فيه الحوثيين على أفعالهم، و"عندما كانت تكتب مسودات قرارات الأمم المتحدة السابقة، فإن المملكة المتحدة كانت تركز بشكل كبير على شجب الدور المزعوم لإيران في اليمن".
ويقول الكاتب: "مع أن هانت كان نشيطا في الاتصال مع أطراف إقليمية مختلفة، بينهم الحوثيون، الا أن جهوده لن تكون مثمرة دون التعامل مع أفعال التحالف بالشكل المناسب".
ويذكر هارفي أن الأمم المتحدة تشير إلى أن السعودية هي المسؤولة عن معظم الضحايا المدنيين، وتتهم منظمات حقوقية، مثل "هيومان رايتس ووتش" و"أمنستي إنترناشيونال" ولجنة من الخبراء تابعة للأمم المتحدة، التحالف بارتكاب جرائم حرب.
ويفيد الباحث بأن "كلا من الرياض وأبو ظبي أظهرتا إصرارا على الحل العسكري ضد الحوثيين، وبمجرد إهمالهما لهذه الحقيقة الواضحة، فإن أمريكا والمملكة المتحدة تظهران تحيزا واضحا في الصراع".
ويبين هارفي أن "هذا الانحياز يتسبب بمزيد من الاستقطاب في الصراع، حيث جهود السلام هشة، فالحوثيون، الذين تدفعهم العداوة لأمريكا وعدم الثقة في عملية السلام، سيصبح التفاوض معهم أصعب، بعد أن أشار ترامب إلى استمرار مشاركة أمريكا في الحرب، وزادت حدة القتال وخرق وقف إطلاق النار في الحديدة وغيرها من مناطق اليمن".
ويشير الكاتب إلى أن "الحوثيين هددوا بإطلاق الصواريخ على الرياض وأبو ظبي، ومع أن تلك كانت تهديدات فقط إلا أنها تظهر كيف أصبح التوتر أسوأ".
ويقول هارفي إن "التدخلات الأمريكية السابقة والحالية في المنطقة أدت دورا في تطرف الحوثيين، وتبنى هذا الفصيل موقفا معاديا لأمريكا منذ عام 2003، بعد الغزو الأمريكي للعراق، وأحد أسباب قتالهم ضد الرئيس علي عبد الله صالح وقتها، في سلسلة من ست حروب ما بين عامي 2004 و2010، كان علاقاته بأمريكا وبالسعودية، التي تعد حليفا أكبر لأمريكا".
وينقل الموقع عن الصحافي اليمني ناصح شاكر، قوله إن الحوثيين أطلقوا حملة كتابة على الجدران في مناطق العاصمة صنعاء، التي تسيطر عليها القوات الحوثية، حيث كتبت عبارات مثل "أمريكا تقتل الشعب اليمني"، وأشار شاكر إلى أن الانحياز الأمريكي الواضح للسعودية يقلل من الثقة بأن مفاوضات السلام صادقة.
ويرى الباحث أن "هذه السياسة الغربية المستمرة في منح التحالف السعودي حصانة، مع تحميل مسؤولية الصراع للحوثيين وإيران، لن تؤدي إلا إلى إطالة التوتر، وتبعد السلام، ومجرد الحديث عن الحوثيين على أنهم يحاربون بالوكالة عن إيران يعكس جهلا عميقا في مظالم الفرقة الزيدية ودوافعها للتمدد، ومثل هذا الجهل سيجعل التفاوض معهم أكثر صعوبة".
ويقول هارفي إن "الأمل بالسلام زاد بعد تصويت مجلس الشيوخ الأمريكي في تشرين الثاني/ نوفمبر 2018، لإنهاء الدعم العسكري للسعودية، وبعد هذه الأخبار دفعت السعودية حكومة هادي للتفاوض، وقد يكون التصويت في مجلس الشيوخ رفع من آمال الحوثيين في مفاوضات سلام عادلة، لكن قرار ترامب الذي تبع ذلك حطم هذه الآمال".
ويجد الكاتب أن "أمريكا وبريطانيا لو كانتا غير منحازتين على الأقل، وتعاملتا مع التجاوزات السعودية والإماراتية، أو حتى قللتا من دعمهما العسكري للسعودية والإمارات، فإن ذلك كان سيولد نوعا من الثقة بين فصائل اليمن المتقاتلة".
ويختم هارفي مقاله بالقول: "طريق اليمن نحو السلام ليست مباشرة، بل هناك حاجة لأخذ الديناميكيات الأخرى في عين الاعتبار، فيما يتوقع أن تكون عملية طويلة، لكن على أمريكا والمملكة المتحدة أن تراجعا دعمهما للتحالف الذي تقوده السعودية لتخففا حقيقة من التوتر واستمرار المعاناة اليمنية".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
BBC: هل أصبح السودان الساحة الجديدة للنزاع الإقليمي؟
نيويورك تايمز: ما هي فرص تصنيف الإخوان جماعة "إرهابية"؟
واشنطن بوست: ترامب يتواطأ مع السعوديين في اليمن