في ظل انسداد الأفق السياسي في العالم العربي واستمرار الصراعات والحروب في هذه المنطقة وعليها وحولها، تنشط بعض المؤسسات الفكرية والبحثية في العمل من أجل فتح كوة في الجدار القاسي، وفي هذا الإطار أعادت مؤسسة "المفكر الدكتور محمد عابد الجابري" في المغرب النقاش حول "مفهوم الكتلة التاريخية"، ومدى الحاجة إليها اليوم لمواجهة التحديات المختلفة في العالم العربي، في حين يستمر عدد من المفكرين والناشطين من دول عربية وإسلامية مختلفة في الدعوة إلى "التكامل والتعاون الإقليمي" لمعالجة الأزمات والحروب والصراعات والبحث عن حلول للواقع الصعب في دول المنطقة .
فما هي حصيلة هذه اللقاءات الفكرية والحوارية في المغرب والمشرق؟ وهل ستنجح هذه الجهود الفكرية والعلمية والمجتمعية في إشعال نقطة ضوء في هذا الليل المظلم الذي يحيط بنا جميعا؟
مشروع "الكتلة التاريخية"
بداية ماذا عن مشروع "الكتلة التاريخية" وندوة "مؤسسة الدكتور محمد عابد الجابري" في المغرب والتي عقدت في أواخر شهر نيسان (أبريل) الماضي؟
من المعروف أن مفهوم "الكتلة التاريخية" هو من اختراع المفكر الشيوعي الإيطالي أنطونيو غرامشي وجرى نقله إلى العالم العربي عبر المفكر الدكتور محمد عابد الجابري وتبناه مؤسس مركز دراسات الوحدة العربية الدكتور خير الدين حسيب، وهو يقوم على تجميع كل القوى الأساسية في أي مجتمع لمواجهة التحديات الكبرى وخصوصا الاحتلال الخارجي أو الأوضاع الاجتماعية الصعبة، وجرى تطبيقه في العديد من دول العالم في أمريكا اللاتينية وآسيا .
الفكرة بسيطة جداً وتقوم على ضرورة تلاقي تيارات الأمّة حول ثوابتها وإطلاق آليات العمل المشترك بينها على قاعدة "نعمل معاً على ما نتفق عليه، وليعذر بعضنا بعضاً فيما نختلف عليه".
فكرة التعاون والتكامل الإقليمي
وأما بشأن "التعاون والتكامل الإقليمي" فالجهود مستمرة من قبل عدد من المفكرين والناشطين (وأبرزهم الدكتور عبد الحسين شعبان والأستاذ سعد محيو) لبلورة هذا المشروع، وفي هذا الإطار يعقد في لبنان في 10 و11 من شهر أيار (مايو) الحالي المؤتمر الثاني لمنتدى التكامل الإقليمي، بعد أن عقد المؤتمر الأول في تونس، وسيتم خلال هذا المؤتمر انتخاب الهيئات القيادية ووضع برامج عمل للمرحلة المقبلة وإصدار بيان تأسيسي جديد بعد مراجعة البيانات الأولى، ويأمل المشاركون أن يستطيعوا إعادة تفعيل هذا المشروع وتحويله إلى خطة عملية في المرحلة المقبلة.
وبموازة ذلك يستكمل الأستاذ أنيس نقاش مع عدد من الناشطين والمفكرين العمل لاطلاق ما سمي "مجلس السلم والتعاون الإقليمي"، وقد أجريت الاتصالات بالعديد من الجهات السياسية والحزبية في عدد من الدول العربية وإيران وتركيا، ويتوقع أن يعقد المؤتمر التأسيسي للمجلس في شهر أيلول (سبتمبر) المقبل في بغداد، على أن يتم خلال الأشهر المقبلة استكمال الاتصالات بمراكز الدراسات والأبحاث والمؤسسات الإعلامية ورجال الأعمال كي تتبنى المشروع .
وبانتظار أن تتحول كل هذه الأفكار والمشاريع إلى خطوات عملية وتقدّم علاجات حقيقية للأزمات التي نعاني منها في عالمنا العربي والإسلامي، فإنه لا يمكن إلا الدعاء ودعم أية خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح، لكن المهم وضع خارطة طريق صحيحة وواقعية كي نحقق الأهداف المطلوبة، كي لا نصاب بالإحباط واليأس مما نعاني منه من أزمات متنوعة.
التصعيد الأمريكي ـ الإسرائيلي ورهانات الحرب الإقليمية