شالوم

عندما نكتشف أنه في مصر كان النجم الكوميدي الأول، هو ممثل يهودي اسمه شالوم، وعندما نكتشف أيضا أن معظم من كان يُخرج أعماله هو اليهودي توجو مزراحي؛ كان ذلك في الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي، نتحسّر على مصرنا الغالية اليوم.. مصرنا الغالية كانت واحة كوزموبوليتانية؛ تحتضن كل أنواع الناس من جنسيات شتى. 

لنتأمل تلك الطبيعة الحلوة المتسامحة، المُنفتحة المُرحبة بالآخر، وعلينا أن نعترف أن مثل هؤلاء ساهموا في الإرساء والتأسيس لحركة فنية سينمائية في بلادنا مبكرا. 

أعتقد أن مصر في ذاك التاريخ كانت أكثر تقدما ومرونة في هذه الناحية، لم تكن العنصرية حيال الآخر تُمارس بشكل منهجي كما هو اليوم.

كانت أرضا يعيش عليها الجميع بسلام وسلاسة ليصنع النجاح.

يكفي أن ننظر لفيلم من كلاسيكيات السينما المصرية مثل "غزل البنات"، لنكتشف أن ليلى مراد التي كانت نجمة فيه؛ يهودية (سطع نجمها وأحبها المصريون)،  وأجزم أن الكثيرين ما زالوا يرددون أغانيها.

في هذا الفيلم، كان أيضا أنور وجدي السوري الأصل، ونجيب الريحاني المسيحي العراقي، ويوسف وهبي المغربي المنشأ، ومحمد عبد الوهاب من باب الشعرية، كل القمم تلك التقت في عمل واحد، دون أي حساسية أو تعصب.

عندما نتأمل فيلما آخر بعنوان "حسن ومرقص وكوهين"، نتأكد بما لا يدع مجالا للشك أننا نعيش في مصر مختلفة عما ذي قبل؛ نواجه الفتنة الطائفية، نواجه الخوف من الآخر، نواجه انغلاقنا وشدة تقوقعنا.

مع الأسف..

إننا ندعي محاربة الفتن، ولكن في الحقيقة نحن نحاربها بكل الوسائل التي تُؤججها، تماما كمن يصب الزيت على النار.

نحلم بمصر كما تربينا على أرضها؛ فيها قيم الحق والجمال والسلام.