طرح قرار البرلمان الليبي المنعقد في مدينة "طبرق" بحظر جماعة "الإخوان" وتجريمها في هذا التوقيت تساؤلات عدة، حول الأهداف وعلاقة الدول الموالي لها المجلس مثل مصر والإمارات والسعودية، وما إذا كان للأمر علاقة بعدوان "حفتر" على العاصمة.
وقال المتحدث باسم برلمان "طبرق"، عبدالله
بليحق إن "أكثر من 70 عضوا صوتوا على حظر تنظيم الإخوان وتجريمه، وتصنيفه
جماعة إرهابية"، دون ذكر تفاصيل أكثر حول سبب اتخاذ القرار حاليا.
مراقبون تساءلوا حول دلالة القرار في هذا التوقيت،
وهل جاء ليغازل ويخدم أجندات لدول إقليمية تعادي الجماعة وتحاربها في كل مكان،
ومنها السعودية والإمارات ومصر وحليفهم الليبي خليفة حفتر؟
والغريب في القرار أنه اعتبر جماعة الإخوان في ليبيا تنظيما "إرهابيا"،
رغم قلة عدد أفراد الجماعة حاليا وانخراطها في العمل السياسي عبر حزب شارك في
جولات الحوار الوطني الليبي كلها وأن الجماعة لم تحمل يوما سلاحا أو تشارك باسمها
في قتال، ما يثير تساؤلا: من وراء هذا القرار؟ وما أهدافه الآن؟
الباحث الليبي في جماعات الإسلام السياسي علي أبو
زيد أوضح أن "القرار يأتي في سياق المناكفة السياسية ومحاولة إثبات الوجود،
خاصة بعد انعقاد جلسات مجلس النواب في طرابلس، وأعتقد أن الجماعة ستبقى حاضرة في
المشهد"،
وفق تقديره.
استرضاء ونزوات
وأشار في تصريح لـ"عربي21" إلى أن
"برلمان "طبرق" كانت له خطوة مماثلة بإصدار قوائم إرهاب من ضمنها
شخصيات جلس معها رئيس المجلس، عقيلة صالح وقائد عملية الكرامة خليفة حفتر، لذا
فالقرار لن يكون له أي أثر قانوني أو سياسي مؤثر"، وفق تقديراته.
وتابع أبو زيد: "لكن المعروف والمؤكد أن مجلس
النواب في طبرق وما يعرف بالقيادة العامة (حفتر) يأتمر بأوامر ثلاثي الاستبداد
العربي مصر والسعودية والإمارات، ويسترضيها بمثل هذه الإجراءات"، كما قال.
اقرأ أيضا: برلمان طبرق بليبيا يصنف "الإخوان" جماعة إرهابية
عضو حزب "العدالة والبناء" الليبي
(المنبثق عن جماعة الإخوان)، إبراهيم أصيفر أكد أن "القرار هو نوع من ممارسة
المغالبة غير الصحيحة ومحاولة إقصاء لفصيل موجود في المشهد، وهو غير صحيح قانونيا
كون الجلسة لم تشهد حضور نصاب حقيقي لاتخاذ هكذا قرارات".
وأضاف أصيفر في تصريحات لـ"عربي21":
"برلمان طبرق يحاول خلط الأوراق بعدم التفريق بين جماعة الإخوان وبين حزب العدالة
والبناء، والذي لا يتبع الجماعة بأي شكل من الأشكال، لكن قرار البرلمان هو محاولة
لإرضاء بعض الأطراف الإقليمية، وهذا سيساهم في تأزيم المشهد السياسي أكثر"،
وفق تعبيره.
بدوره، لفت المدون من الشرق الليبي فرج فركاش إلى أن
"قرارات البرلمان حاليا لا تعدو كونها بيانات مؤسسة مجتمع مدني ولا ترقى
لقرارات معترف بها، سواء حسب اللائحة الداخلية أو شعبيا في ظل غياب غالبية الأعضاء
وانقسام البرلمان إلى مجلسين".
وأوضح فركاش أن "هذا القرار وغيره ما هي إلا
مجرد بيانات تعبر عن رغبات ونزوات بعض النواب المتحكمين في البرلمان الذي يترأسه عقيلة،
وأنها أيضا توجيهات أو على الأقل بمباركة دول إقليمية معروفة كشرت عن أنيابها
بوضوح تجاه ليبيا في الحرب الأخيرة على العاصمة"، بحسب كلامه.
وتابع فركاش لـ"عربي21": "لن يكون
لمثل هذه البيانات أي تأثير عملي سوى "دق إسفين" أكبر وربما غلق الباب
أمام أية تسويات سياسية مقبلة بين مجلس النواب ومجلس الدولة، وهذا بدوره سيؤثر على
أي تقدم سياسي قريب في هذا الاتجاه بعد أن تضع الحرب أوزارها"، كما رأى.
برلمان رهينة
وقال الناشط السياسي الليبي محمد خليل إن
"الجلسة لم يحضرها إلا 23 عضوا بحسب مصدر موثوق حضرها، والبرلمان الشرعي موجود
الآن في طرابلس وليس في طبرق، أما قرار الحظر فهو قرار إماراتي مصري سعودي
بامتياز"، بحسب وصفه.
ونوه خليل إلى أن "جماعة الإخوان تعمل في 70
دولة ولم تجرم إلا في هذه الدول الديكتاتورية، لكن الخطير في هذا القرار هو إثبات
معسكر حفتر ومنهم البرلمان، أنهم مجرد رهينة لمشاريع دول أخرى تريد ضرب النسيج
الاجتماعي في ليبيا"، كما صرح لـ"عربي21".
"كارنيغي": 9 أسباب تجعل من الخطأ تصنيف الإخوان منظمة إرهابية
من يستهدف جماعة الإخوان المسلمين؟
هذه تداعيات وصم الإخوان المسلمين بالإرهاب في أمريكا