مع اقتراب انعقاد مؤتمر المنامة الذي دعت إليه الولايات المتحدة الأمريكية
أواخر الشهر القادم، بدأت وسائل الإعلام الإسرائيلية تتحدث بشكل لافت عن انهيار مالي
محتمل للسلطة، في ظل إصرارها على رفض القبول بأي حلول اقتصادية أو مالية للخروج من أزمتها
الراهنة.
جاء ذلك في تقرير أعده الكاتب الإسرائيلي يوآف زيتون، لصحيفة يديعوت أحرنوت،
حيث أشار إلى أن رفض
السلطة استلام أموال المقاصة التي اقتطعت إسرائيل جزءا منها، قد
يضع السلطة أمام انهيار مالي وشيك في حال لم تغير من مواقفها.
وفي سياق آخر، أشار المسؤول السابق في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية،
ميخائيل ميلشطاين، في دراسة نشرها معهد أبحاث الأمن القومي في جامعة تل أبيب، إلى أن تصاعد
الأزمة المالية للسلطة قد يفتح الباب أمام تدهور محتمل للأوضاع في الضفة الغربية، وذلك
انطلاقا من إمكانية استغلال حركة حماس لحالة الفوضى التي قد تنشأ عن تراخي الأجهزة
الأمنية في القيام بمهامها، جراء تأثر عناصر الأجهزة الأمنية اقتصاديا من أزمة تقليصات
الرواتب.
مخاوف إسرائيلية
ويشير المختص في الشؤون الإسرائيلية، محمد مصلح، أن "حالة التهويل
الإسرائيلي من عدم مشاركة السلطة بمؤتمر المنامة، يشير إلى قلقهم من فشل المؤتمر قبل
انعقاده، نظرا لعدم وجود أي طرف
فلسطيني معترف به، يمكن التفاوض معه والاتفاق على آليات
تطبيق توصيات الخطة الأمريكية للسلام".
وأضاف مصلح لـ"
عربي21" من جانب آخر، تحاول إسرائيل أن
"تستدرج أطرافا فلسطينية كالقطاع الخاص ورجال الأعمال وشخصيات أمنية، للمشاركة
في هذا المؤتمر لإضفاء نوع من الشرعية هذا من جهة، ومن جهة أخرى تسعى إسرائيل لتشكيل
رأي عام فلسطيني تقوده هذه الأطراف للضغط على السلطة لإبداء موقف إيجابي من الشق الاقتصادي
للصفقة، تمهيدا لطرح الشق السياسي مستغلة الأشهر الأخيرة من ولاية الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب".
في حين يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح، رائد نعيرات، أن
"الطرف الفلسطيني ممثلا بالسلطة، لا يملك أي خيار لمعارضة أي حل سياسي تمليه عليه
الأطراف الدولية لحل القضية الفلسطينية، لذلك في حال شاركت السلطة أو لم تشارك، فهذا
لن يكون له أي أثر ما دام هنالك إجماع عربي وإقليمي على تفاصيل الخطة الأمريكية للسلام".
مرحلة جديدة
وشدد المحلل السياسي في حديث لـ"
عربي21" أنه من المرجح أن مؤتمر
المنامة "سيؤسس لمرحلة جديدة من العلاقات بين الفلسطينيين والدول العربية، حيث
ستحاول إسرائيل إلى جانب الولايات المتحدة تشكيل تحالف مع الدول العربية، لإخضاع السلطة
للقبول بخطة السلام، من خلال طرح ورقة اللاجئين الفلسطينيين في الدول العربية، وتصويرهم
على أنهم عبء اقتصادي ومعيشي لا تستطيع الأونروا أو الدول المضيفة تحمل تكاليف استضافتهم".
ويشير نعيرات إلى أن "تلميح إسرائيل بشأن تدهور أمني محتمل في الضفة
هو أمر وارد، وهذه قضية ستدفع بدول الجوار كالأردن إلى الضغط على السلطة، خشية أن تنعكس
هذه الأوضاع الأمنية على أمنه القومي".
في حين يرى أستاذ الاقتصاد في جامعة الأزهر بغزة، سمير أبو مدللة، أن
"الأوضاع الاقتصادية للسلطة باتت تثير الكثير من المخاوف من احتمالية انهيارها
بشكل حقيقي، خصوصا أن السلطة تعاني من أزمة مالية مركبة، حيث تراجعت إيراداتها المحلية
إلى النصف جراء رفضها استلام أموال المقاصة، إضافة إلى تقليصات الدول المانحة، وعدم
حسم الدول العربية موقفها النهائي من تفعيل شبكة الأمان المالية".
ويؤكد أبو مدللة لـ"
عربي21"، أن "هذه الأزمة قد تقود إلى
الفوضى، فعلى الصعيد الأمني ستنعكس هذه الأزمة على أداء جهاز الشرطة والمؤسسات الخدماتية
كالدفاع المدني والصحة، وهذا من شأنه زيادة غضب الشارع الفلسطيني، الذي سيطالب السلطة
بالتنازل عن مواقفه السياسية من أجل تجاوز الحصول على مستوى مقبول من الخدمات".