تصعد قوات النظام السوري وحليفتها روسيا منذ أسابيع قصفهما لمناطق في محافظة إدلب ومحيطها، بما يرافق ذلك من اشتباكات وتقدم محدود على الأرض.
ورغم
ذلك يرجح محللون ألا يتحول التصعيد إلى هجوم واسع، هدفه استعادة كافة معاقل
المعارضة السورية.
وتسيطر
هيئة تحرير الشام على الجزء الأكبر من محافظة إدلب وأجزاء من محافظات حماة وحلب
واللاذقية المجاورة، كما تتواجد في المنطقة فصائل أخرى أقل نفوذا، وتخضع المنطقة
المستهدفة لاتفاق روسي-تركي ينص على إقامة منطقة منزوعة السلاح بعمق 15 إلى 20 كيلومترا،
تفصل بين قوات النظام والفصائل المعارضة.
وشهدت
المنطقة هدوءا نسبيا بعد توقيع الاتفاق في أيلول/ سبتمبر، إلا أن قوات النظام صعدت
منذ شباط/ فبراير قصفها قبل أن تنضم الطائرات الروسية إليها لاحقا، وزادت وتيرة القصف بشكل
كبير منذ نهاية شهر نيسان/ أبريل.
اقرأ أيضا: محللون لـ"عربي21": إدلب تدخل مرحلة تحدٍ تركي روسي
ومنذ
ذلك الحين، أسفر القصف السوري والروسي عن مقتل نحو 280 مدنيا، بينهم عشرات
الأطفال، وفق حصيلة للمرصد السوري لحقوق الإنسان، كما دفع التصعيد بنحو 270 ألف
شخص إلى الفرار إلى مناطق أكثر أمنا غالبيتها بالقرب من الحدود التركية، بحسب
الأمم المتحدة.
وطال
القصف 23 منشأة طبية، وخرجت 19 منها عن الخدمة.
وبالتزامن
مع القصف، تدور اشتباكات في ريف حماة الشمالي الذي تمكنت قوات النظام خلال
الأسابيع الماضية من السيطرة على بلدتين رئيسيتين فيه محاذيتين لإدلب.
ويشكك
محللون متابعون للشأن السوري في أن يتحول التصعيد الحالي إلى هجوم واسع لقوات
النظام على منطقة إدلب المحاذية لتركيا، خصوصا أن موسكو وأنقرة لا ترغبان حاليا في
أي توتر في علاقتهما.
ويقول
أرون لوند، الباحث في مركز "سنتوري فاونديشن" الأمريكي: "أشك بشدة
أن يكون الهدف من الهجوم الحالي هو السيطرة على كامل منطقة إدلب"، فتركيا،
التي تستضيف أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ سوري، لا تزال تقف ضد أي هجوم واسع.
ويوضح
أن "استعادة كامل المنطقة سيشكل ضغطا كبيرا على تركيا التي ستحاول مقاومته
بالتأكيد"، وذلك يعود بشكل أساسي إلى خشيتها من أن يؤدي إلى موجة نزوح ضخمة
جدا بالقرب من حدودها.
اقرأ أيضا: مقتل 13 مدنيا بخروقات النظام السوري بمناطق خفض التصعيد
وكان
يفترض وفق الاتفاق الروسي التركي أن تنسحب الفصائل المعارضة من المنطقة المنزوعة
السلاح، بعد سحب الأسلحة الثقيلة منها، وتنشر تركيا المزيد من نقاط المراقبة
فيها لضمان تنفيذ الاتفاق الذي يتضمن أيضا إعادة العمل بطرق رئيسية.
نشرت
تركيا نقاط مراقبة، إلا أن مسلحي المعارضة لم ينسحبوا من المنطقة، ولم يتم إعادة
العمل بالطرق الرئيسية التي تمر بإدلب وصولا إلى مناطق قوات النظام.
ويقلل
الباحث في مركز عمران للدراسات نوار أوليفر من إمكانية توسع نطاق الهجوم الحالي،
مشيرا إلى أنه بالرغم منه "لا تزال النقاط التركية موجودة كما ترسل أنقرة
تعزيزات إليها".
وبالنتيجة،
يقول إن "اتفاق خفض التصعيد لا يزال موجودا، ولم يمت لكنه يمر بمطبات"،
وفق وصفه.
ويرى
محللون أن تركيا وروسيا لا يريدون سقوط الاتفاق، بل ما يجري العمل عليه اليوم هو
التوصل إلى تنازلات من الطرفين، وقد يتضمن ذلك، بحسب أرون، سيطرة قوات النظام على
مناطق معينة، أو أن تتدخل تركيا ضد مجموعات معارضة معينة.
ويقول
أرون: "أتوقع أن يستمر القتال حتى تتوصل روسيا وتركيا إلى اتفاق جديد أو نوعا
ما من وقف إطلاق النار (..)، في النهاية أتوقع التوصل إلى معادلة جديدة".
ماذا
يريد النظام السوري؟
وبالنتيجة،
يرجح المحللون أن تقتصر العملية على سيطرة قوات النظام على مناطق محدودة.
ويقول
سام هيلر، الباحث في مجموعة الأزمات الدولية: "عوضاً عن هجوم كامل، يبدو أن
دمشق وموسكو تسعيان للسيطرة على مناطق معينة عن اطراف منطقة إدلب"، بينها
منطقة سهل الغاب.
وسهل
الغاب، هي منطقة زراعية تقع معظمها في شمال حماة وتمتد إلى جنوب غرب إدلب، ومن شأن
السيطرة عليها، وفق هيلر، أن تخلق "مساحة أكبر بين مناطق سيطرة الفصائل وتلك
التي تسيطر عليها الحكومة وتتعرض لقذائف الفصائل".
وتكمن
أهمية تلك المنطقة في قربها من محافظة اللاذقية والساحل، المعقل الأساسي للطائفة
العلوية التي يتحدر منها الرئيس السوري بشار الأسد، وحيث تقع قاعدة حميميم الجوية
الروسية والتي تتعرض بين الحين والآخر لقصف من قبل الفصائل.
وقد
تهدف قوات النظام أيضاً، وفق هيلر، إلى الضغط على تركيا لتنفيذ اتفاق أيلول/ سبتمبر
في ما يتعلق بإعادة فتح وضمان أمن طريقين رئيسين، أبرزهما الأوتوستراد الدولي حلب
- دمشق الذي يمر في جنوب وشرق إدلب.
وعلى
مدى السنوات الماضية، وفي إطار عمليات عسكرية عدة، سيطرت قوات النظام على الجزء
الأكبر من هذا الأوتوستراد الدولي الذي يصل بين الحدود التركية شمالا والأردنية
جنوبا.
ومن
جهتها، لطالما توعدت دمشق بنيتها استعادة كافة المناطق الخارجة عن سيطرتها
ومقدمتها إدلب، بعدما تمكنت منذ العام 2015 من السيطرة على غالبية معاقل الفصائل
المعارضة في البلاد بدعم جوي روسي وميداني من مقاتلين إيرانيين وحزب الله
اللبناني.
ماذا وراء حديث روسيا عن نقاط عبور للمدنيين بإدلب؟
تشكيلات عسكرية يعتمد عليها النظام وروسيا في معارك إدلب
ما حجم مشاركة روسيا في حملة التصعيد على إدلب؟