ما الذي يجري على الأرض الليبية؟ وإلى أين يتجه صراع "الإخوة الأعداء" في هذا البلد، الذي لم يشهد طريقه إلى إعادة البناء والاستقرار منذ سقوط نظامه ربيع 2011؟ وهل ثمة حظوظ لعودة الحكمة والرشد إلى المتصارعين الليبيين لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، في بلد حَباه الله بكل الثروات والإمكانيات لأن يعيش أبناؤه في وئام، وسكينة، ونماء؟.. هي أسئلة عديدة يطرحها الواقع الليبي الصعب والأليم إنسانيا، ولا أحد قادر على تقديم أجوبة قطعية بشأن منحنيات تطور الصراعات العسكرية ومآلاتها.
ففي تقرير جديد للأمم المتحدة، أعلن متحدثها الرسمي "ستيفان دوجاريك" عن نزوح 94 ألف شخص نتيجة الجولة الأخيرة من الاقتتال، بين "الجيش الليبي"، بقيادة المشير المتقاعد "خليفة حفتر"، وقوات حكومة الوفاق الوطني، المعترف بها دوليا، برئاسة "فائز السراج".. ولأن ليبيا أضحت نقطة عبور إجبارية للنازحين من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء، فقد تعاظمت أعداد العالِقين في ليبيا، لتتجاوز 3700 لاجئ ومهاجر، بحسب تقديرات المبعوث ألأممي إلى ليبيا "غسان سلامة".. أما عن المعاناة من شُحِّ متطلبات العيش الكريم، فقائمتها طويلة، وأضرارها كثيرة ومهلِكة للبلاد والعباد. لذلك، ومن أجل فهم مشاهد اتجاه الصراع في ليبيا فهما سليما ومقنعاً، لا بد من فهم جذور هذا الصراع، ومصادره، والفاعلين في نشوبه، واستمراره، وديمومته في الزمن.
تعتبر ليبيا بلدا صغيرا من حيث الكثافة السكانية، أي ستة ملايين ونصف المليون نسمة، بمساحة جغرافية تصل إلى مليون و800 ألف كيلومتر مربع، وهو مجال شاسع مقارنة مع عدد السكان. أما تاريخها، فغني من حيث تنوع الولايات وتعاقبها على حكم البلاد، منذ العصر البرونزي المتأخر، ومرورا بالفينيقيين، والإغريق اليونانيين، والفرس، والمصريين، ثم الرومان، قبل أن يستقر العرب فيها حاملين الإسلام ديناً موحِّدا بين جميع العناصر المكوِّنة للهوية الليبية. أما خلال العصر الحديث، فقد دخل الأتراك الأرض الليبية (1551م)، واحتلها الإيطاليون عام 1911، لتستقل كمملكة سنة 1951. والحقيقة، أن عناصر قوة ليبيا لا تكمن في كثافتها السكانية ومساحتها الشاسعة، وثراء تاريخها، وغنى مكونات هوية أبنائها فحسب، بل تتجلى قوتها أيضا في مواردها الطبيعية من نفط وأجود أنواع الغاز، وما يرتبط بهما علاوة على الموقع الجيواستراتيجي، حيث توجد ليبيا في نقطة تقاطع بين عدة دوائر حضارية حساسة، وذات تأثير كبير وعميق في التوازنات الدولية.
عناصر قوة ليبيا لا تكمن في كثافتها السكانية ومساحتها الشاسعة، وثراء تاريخها، وغنى مكونات هوية أبنائها فحسب، بل تتجلى قوتها أيضا في مواردها الطبيعية من نفط وأجود أنواع الغاز، وما يرتبط بهما علاوة على الموقع الجيواستراتيجي
جذر آخر لتفسير ما يجري في ليبيا، وهو بكل تأكيد مصدر يتحكم وسيتحكم في آفاق تجاوز الصراع إيجابيا في هذا البلد. والحال أنه لم يعد خافيا على المتابعين ما يجري في ليبيا، والمحيط العربي عموما يعرف هذه القوى، وطبيعتها، والأهداف التي تروم تحقيقَها
أمريكا وإيران نفخ بلا طبخ.. ولكن
نعت الكور بالإرهاب بين الحقيقة والخيال
لماذا لا تُريد واشنطن إعلان الحرب ضد طهران؟