نشرت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية تقريرا سلطت من خلاله الضوء على أبرز محطات الحياة السياسية لمحمد مرسي، الرئيس المصري السابق المنتخب شرعيا، الذي وافته المنيّة يوم الاثنين.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن أول رئيس منتخب ديمقراطيا في تاريخ مصر، والمنتمي إلى الإخوان المسلمين والمسجون منذ ست سنوات، توفي يوم الاثنين في القاهرة، بعد جلسة استماع في المحكمة. ويروي مسار حياة محمد مرسي قصة رجل لم يكن ينبغي له أن يكون رئيسا فضلا عن قصة حملة قمع وحشي شنها الجيش وسعى من خلالها إلى استهداف المعارضة المصرية منذ سنة 2013، ليُصبح بذلك محمد مرسي، يوم الاثنين، 16 حزيران/يونيو ضحية هذه الحملة.
وذكرت الصحيفة أنه في ذلك الوقت، لم يكن من المتوقع أن يصبح هذا المهندس التقي أول رئيس دولة منتخب ديمقراطيا في التاريخ المصري. وفي أول انتخابات أُجريت في مرحلة ما بعد مبارك، بعد 16 شهرا من سقوطه في أعقاب ثورة 2011، اختير مرسي في اللحظة الأخيرة مرشحا للإخوان المسلمين، وهي جماعة تنشط في الظل منذ 84 سنة.
وكان مرسي قد حل محل رجل الأعمال المحافظ خيرت الشاطر، الذي كان ترشحه غير سليم نظرا لصدور حكمين بالسجن في حقه. وفي السابع عشر من حزيران/ يونيو سنة 2012، فاز مرسي (الذي لُقّب آنذاك "بعجلة الانقاذ")، بالجولة الثانية للانتخابات متفوقا بذلك على رئيس الوزراء السابق أحمد شفيق بحوالي 51.73 بالمئة من الأصوات، ليصبح أول مدني يشغل منصب الرئيس.
وأردفت الصحيفة أنه سرعان ما أصيب الشعب بخيبة أمل، وشعرت النساء بالقلق من التضييق على حقوقهن. وندد الثوار الشباب في ميدان التحرير بانزلاق سياسي سلطوي. ومع مرور الأشهر، توسعت دائرة الامتعاض الشعبي. فقد نُظمت مظاهرات أمام القصر الرئاسي، سرعان ما تم قمعها. كما هزت الاحتجاجات العديد من المدن الأخرى. وفي نهاية شهر حزيران/ يونيو سنة 2013، خلفت موجات العنف حوالي 50 قتيلاً ومئات الجرحى.
اقرأ أيضا: أردوغان يهاجم السيسي ويشكك في ظروف وفاة مرسي (شاهد)
بعد رفض الإنذار الذي دعاه إلى "تلبية مطالب الشعب"، استُبعد مرسي من السلطة في الثالث من حزيران/يوليو سنة 2013، في أعقاب انقلاب نظمه المجلس العسكري، ثم اعتُقل. ومن المفارقات أن وزير دفاعه، المشير السيسي، قد انتُخب، بعد سنة رئيسًا جديدًا لمصر، بعد عدة أشهر من الانتقال السياسي في البلاد. وفي الوقت ذاته، تم حل قيادات هذه الجماعة وتعقب أتباعها. كما تم فض الاعتصام بطريقة دموية. ووفقًا لمنظمات الدفاع عن حقوق الإنسان، تعرض حوالي 1400 شخصا من المحتجين الموالين لمرسي لهذا القمع الوحشي وسُجن حوالي 15 ألف آخرين من الأعضاء أو المتعاطفين معهم. وقد حُكم على بعضهم، بما في ذلك مرسي، بالإعدام.
وبينت الصحيفة أن المعارضة الليبرالية والعلمانية أصبحت بدورها في مرمى نيران السلطة. وتم إخماد أصوات الصحفيين تدريجيا وفرضت الرقابة على الكتّاب. وعلى الرغم من أنه تم رفع عقوبة الإعدام على مرسي، إلا أن الرئيس السابق كان قد تلقى أحكاما مختلفة في عدة قضايا، بما في ذلك السجن لمدة 21 سنة بسبب إصدار الأوامر بقتل المتظاهرين في سنة 2012، والسجن مدى الحياة بتهمة التجسس لصالح قطر، بسبب ظهور مزاعم تشير إلى مشاركته وثائق سرية مع هذه الدولة.
وفي السنوات الأخيرة، أعرب الناشطون في مجال حقوق الإنسان، من الذين كانوا أول من نددوا في ذلك الوقت "بالأسلمة" المتنامية في عهد مرسي، عن قلقهم إزاء التعامل "الراديكالي" الذي لقاه رجل لم يحكم مصر سوى لسنة واحدة. ومن خلال استنكار عدم التوازن بين العقوبات المحتملة التي وجهت إليه والإفراج عن الرئيس السابق حسني مبارك، حاول هؤلاء الناشطون تنبيه السلطات حول ظروف اعتقاله، دون جدوى.
وأضافت الصحيفة أنه يوم الاثنين، 16 حزيران / يونيو، استُدعي مرسي مرة أخرى للمثول أمام المحكمة، في قضية تجسس أخرى على خلفية اتصالات مشبوهة أجراها مع حركة حماس الفلسطينية. ووفقا للتلفزيون الحكومي، أصيب مرسي بوعكة صحية في الجلسة، توفي على إثرها. ومن جهته، صرح مصدر قضائي لوكالة فرانس برس قائلا: "تحدث مرسي أمام القاضي لمدة 20 دقيقة، ثم انفعل قبل أن يُغمى عليه. وسرعان ما نُقل إلى المستشفى حيث توفي هناك في وقت لاحق".
وكان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أحد المؤيدين الرئيسيين لمرسي، أول من نعاه، حيث أفاد مساء يوم أمس قائلا: "رحم الله شهيدنا، شقيقنا مرسي". من جانبها، تعتبر منظمة هيومن رايتس ووتش أن هذا الموت المفاجئ دليل حزين على التدهور الشديد في ظروف احتجاز المنشقين المصريين.
وعلى حسابه الخاص على التويتر، يلاحظ الباحث في هذه المنظمة الدولية غير الحكومية، إيفان هيل، أنه "يجب فهم الوفاة في سياق سوء معاملة منهجي وسنوات من العزلة التي فرضتها السلطات المصرية على عشرات الآلاف من السجناء السياسيين، بما في ذلك الحرمان من الرعاية الطبية". والجدير بالذكر أن محمد مرسي وارى الثرى اليوم الثلاثاء في مدينة نصر، وهو حي يقع شرقي القاهرة.
MEE: هل تكون وفاة مرسي بداية جديدة لمستقبل مصر؟
نائب بريطاني يدعو لتحقيق دولي مستقل بوفاة الدكتور مرسي
إيكونوميست: وفاة مرسي هي المقطع الأخير والحزين لثورة مصر