كشف عدد من المقربين من الرئيس المصري الراحل محمد مرسي، والذين تعاملوا معه عن قرب، سواء في فترة رئاسته أو قبل ذلك، عن الجانب الإنساني المتميز في شخصية هذا الرجل، عبر شهادات ومواقف حدثت معهم خلال صداقة أيام الشباب أو زمالة الجامعة أو عندما كان رئيسا.
وأكد هؤلاء المقربون أن "مرسي
كان متواضعا وعطوفا ورحيما ولينا، وصاحب أخلاق أكسبته احترام الجميع"، مشيرين
إلى أنه "كان يستمع لشكوى البسطاء ويرفض التعامل معهم بغلظة من جانب حرسه،
ولا يقبل إبعادهم من طريقه أثناء مرور موكبه، ويستمع إلى الآراء التي تتحفظ على
بعض قراراه، وكان في بعض الأحيان يتراجع عن قراراته، إذا رأى فيها مصلحة للبلاد
والعباد، إلى جانب انتصاره لقضايا الحرية بشكل عام وحرية الصحافة بشكل خاص، وتدخله
لمنع حبس الصحفيين والإفراج عنهم، وغيرها من المواقف التي تؤكد انحياز الرجل للبشر
كبشر، ولمصلحة الوطن والمواطنين".
وفي هذا السياق، يقول السفير السابق
عبد الله الأشعل، الذي عمل مستشارا لمرسي، إنه "اقترب من الرئيس في فترة
رئاسته"، مشددا على أن "الرجل كان متواضعا ودودا بشوشا، يتعامل مع الناس
بأريحية وحيادية".
ويشير الأشعل في حديثه
لـ"عربي21" إلى "واقعة حدثت معه بشكل شخصي، عندما عقد جلسة حوار مع
القوى السياسية، حيث تخلى الرئيس الراحل عن الجلسة، وفوضني لأحل محله تحقيقا لمبدأ
الحياد، حتى لا تكون رئاسة الرئيس للجلسة سببا في المصادرة على رأي أحد وتؤثر على
سير النقاش".
اقرأ أيضا: هكذا نعى مشعل "مرسي".. تحدث عن مواقفه تجاه فلسطين (شاهد)
ويتابع الأشعل قائلا: "عرفت
الرجل في مرحلة الشباب، حيث أننا ننتمي لمحافظة واحدة، ولمست فيه نفس التواضع الذي
كان يتحلى به في شبابه، ولم يتغير أبدا عقب توليه منصب رئيس الجمهورية، والرجل
بالفعل يطبق الدين كسلوك وليس كنصوص في التراحم والعطف على الناس، واحترامهم كبشر
كرمهم الله"، وفق قوله.
ويلفت إلى أنه كان يختلف رأيه مع
مرسي في عدد من القضايا، ولكن "الرئيس لم يغضب"، ومنها الموقف من
الإعلان الدستوري في تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، وكذلك زيارة إيران، والموقف من
سوريا، مؤكدا أن "مرسي تلقى ملاحظاته بكل اهتمام وتواضع واعدا بوضعها في
الحسبان".
من جانبه، يتحدث الدكتور صلاح عز
زميل الرئيس الراحل بكلية الهندسة، قائلا إنه "خلال سنوات معايشتي لمرسي،
سواء عندما كان طالبا أو معيدا بالكلية لاحقا، وجدت فيه إنسانا رائعا طيبا، ملتزما
يطبق الدين في تصرفاته وفي عمله، ما جعله محط احترام والدي يوسف عز، الذي كان يعمل
أستاذا بالكلية وقتها، وكان دائما يثني عليه، سواء في الجانب الخلقي أو
العملي".
ويضيف عز لـ"عربي21" أن
"الرجل كان حريصا على مصلحة زملائه وطلابه وتفانيه في عمله وإخلاصه بشكل
لافت، ما أكسبه احترام الجميع، فضلا عن تواضعه الشديد مع من حوله سواء أساتذة أو
طلابا أو عاملين بالكلية، وكان هذا كله بمثابة رصيد حب له لدى الجميع".
اقرأ أيضا: إعلامي مصري يهاجم تعامل إعلام بلاده مع وفاة مرسي (شاهد)
من جهته، يؤكد الكاتب الصحفي قطب
العربي، الذي عمل كأحد المستشارين الإعلاميين في حملة مرسي الرئاسية، أن
"شخصية الرئيس بعد فوزه بالانتخابات ظلت متواضعة وبسيطة ومتفهمة لسماع
الآخرين".
ويوضح العربي لـ"عربي21" بساطة
مرسي داخل القصر الجمهوري، منوها إلى أنه "حينما دخلت القصر في بعض المهمات
التي كانت تحتاج وقتا طويلا، لم أجد سوى أكواب الشاي الصغيرة وقطع البسبوسة، وكنا
نحضر غداءنا على نفقتنا الخاصة".
ويدلل العربي على تعاطف مرسي
وانحيازه للبسطاء، بالقول إن "حراس الرئيس أبعدوا أحد باعة الفول المتجولين
من طريق مرسي إلى المسجد دون علمه، ولكن حين مر الرئيس وافتقده سأل عليه وعرف أنه
يقف في مكان آخر، فذهب إليه وأعاده إلى مكانه الأول".
ويلفت إلى موقف آخر حينما "شاهد
مرسي سيدة تنام على الرصيف، فاقترب منها وسألها عن السبب، فعرف أنه تم طردها من
شقتها لعدم قدرتها على دفع الإيجار، فأمر لها بشقة جديدة مؤثثة"، منوها إلى
أن هناك وقائع أخرى تتعلق بالصحافة وتعكس تعاطف الرئيس مرسي مع الصحفيين.
ويستشهد العربي على ذلك بالإشارة إلى
حادثة إصدار حكم بحبس الصحفي إسلام عفيفي رئيس تحرير جريدة "الدستور"،
مؤكدا أن "مرسي تدخل وقتها وأصدر قانونا يمنع الحبس الاحتياطي بتهمة إهانة
الرئيس، ولم يبق الصحفي ليلة في الحبس".
اقرأ أيضا: عام مثير بالأحداث الساخنة خلال فترة حكم "مرسي" (تسلسل زمني)
ويردف بقوله: "تدخل مجددا حين
تحركت الإدارة القانونية في رئاسة الجمهورية بشكل مهني بحت، لتقديم بلاغات ضد بعض
الإعلاميين الذين كانوا يهينون الرئيس، وانحاز مرسي لحرية الصحافة مجددا، وطلب سحب
تلك البلاغات".
"وفي حادثة الصحفية شيماء عادل
من جريدة الوطن، والتي احتجزت في السودان لأسباب أمنية، أصر مرسي على إخلاء
سبيلها، بل واستضافتها معه في الفندق الذي كان يقيم فيه، وتناول معها طعام الإفطار
واصطحبها بالطائرة الرئاسية في رحلة العودة"، وفق شهادة العربي.
وفي الإطار ذاته، يروي مجدي حمدان نائب
رئيس حزب الجبهة والقيادي السابق بجبهة الإنقاذ، واقعة جمعته بالرئيس الراحل، وهي إحدى جلسات الجمعية الوطنية للدستور، حينما ترأس مرسي الجلسة الافتتاحية وتعامل بود
شديد واحترام للجميع، وكان يصغي لأي رأي، ويمنح الفرصة لكل من يريد التحدث فضلا عن
الود في الحوار.
ويشير حمدان إلى واقعة تتعلق بارتفاع
أسعار بعض السلع، عندما شعر الرئيس الراحل بغضب الناس، ونقل له مستشاروه ذلك، لم
يتردد في إلغاء القرارات المتعلقة برفع الأسعار، فضلا عن واقعة الإعلان الدستوري،
حيث قام بتعديله عقب غضب الشارع من هذا الإعلان، وهذا يحسب له بالتأكيد ويعكس حرصه
على مصلحة الوطن، ولم يتعصب لرأيه أو قراره، وإنما أراد أن تمر الأمور دون تصعيد
يضر بمصلحة الوطن.
نشطاء عن تصوير التلفزيون العبري لقبر مرسي: احتلال رسمي
حملة حقوقية متزامنة مع بطولة أفريقيا بمصر تزعج نظام السيسي
ما مصير آلاف المعتقلين بسجون مصر بعد وفاة الرئيس مرسي؟