نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا للكاتب ديفيد إغناطيوس، تحت عنوان "على إيران الهروب من الخناق الأمريكي قبل أن يصبح قاتلا"، يقول فيه إن المتغير الأهم في المواجهة الحالية في الخليج هو الوقت.
ويقول إغناطيوس في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إن "إدارة دونالد ترامب تريد لعبة طويلة الأمد من أجل تشديد العقوبات، أما إيران فتريد لعبة قصيرة الأمد للخروج من الخناق الأمريكي قبل أن يقتلها".
ويرى الكاتب أن "الدينامية الداخلية تساعد على فهم الأحداث في الخليج، التصعيد الإيراني المستمر في الهجمات التي تنكرها، والتردد من الرئيس دونالد ترامب، وكل طرف لديه شروط لعبة تمليها المصالح والمصادر والقدرة على مواصلة العمليات".
ويشير إغناطيوس إلى أن البلدين وصلا إلى الحافة يوم الخميس، عندما أسقطت إيران طائرة دون طيار "آر كيو- 4 غلوبال هوك"، قرب مضيق هرمز، وقال ترامب في تغريدة إن "إيران ارتكبت خطأ جسيما"، لكن الولايات المتحدة لم تقرر القيام بعمل عسكري واضح.
ويحذر الكاتب من المخاطر، قائلا إن "إيران لن تستطيع الخروج من الضغط المفروض عليها دون أن تخلق أزمة كبيرة تؤدي إلى تدخل دولي، ربما هجوم إيراني يؤدي إلى قتل أمريكيين يدفع واشنطن لعملية انتقامية، ولا تريد إدارة ترامب حربا كهذه، على الأقل في الوقت الحالي؛ لأن المسؤولين الأمريكيين يعرفون أن إيران ستضعف مع كل يوم يمر عليها تحت نظام العقوبات".
ويتساءل إغناطيوس قائلا: "كيف سينتهي هذا كله إن لم يتم عبر الحرب؟ إن هذا هو السؤال المقلق للاستراتيجيين في واشنطن والخارج، وعرضت الولايات المتحدة مفاوضات، وليس تخفيفا للعقوبات، من خلال الوساطة التي قام بها رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، لكن المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية رفض قبولها، فهو لا يريد على ما يبدو تجرع الكأس المسمومة كما فعل سلفه آية الله الخميني عندما قبل وساطة دولية لوقف الحرب مع العراق في عام 1988".
ويجد الكاتب أنه "عندما نقوم بدراسة المنطق الداخلي للمواجهة تصبح الأحداث المحيطة بها أكثر قابلية للفهم، ويقوم كل طرف بالتصرف بطريقة عقلانية لتحقيق أهدافه دون الدفع إلى مواجهة واسعة لا يريدها الطرفان، وهذا أمر مطمئن لكنه لا يلغي حدوث إساءة في التقدير".
ويقول إغناطيوس: "لو بدأنا بإيران، التي بدأت في التصعيد في نهاية أيار/ مايو؛ ردا على تصنيف ترامب للحرس الثوري منظمة إرهابية، وإلغاء الإعفاءات التي منحت للدول لتواصل استيراد النفط في محاولة لوقف تصديره تماما".
ويلفت الكاتب إلى أن "طهران كانت تخطط للانتظار حتى خروج ترامب من السلطة، لكن الإجراءات الأخيرة الخانقة جعلتها تغير من استراتيجيتها، ولشعور الإيرانيين بأنه قد تم حشرهم في الزاوية، فإنهم بدأوا في البحث عن طرق لفك الخناق، ومثلما فعلت روسيا في أوكرانيا اختار الإيرانيون استراتيجية الإنكار، التي قامت من خلالها الجماعات الوكيلة لإيران بالتصعيد، وقام المتمردون الحوثيون، حلفاء إيران في اليمن، بضرب أنابيب النفط السعودية، وقام الحرس الثوري على ما يبدو بزرع ألغام في طريق ناقلات النفط في الخليج".
ويفيد إغناطيوس بأن "هذه التكتيكات لم تجبر الولايات المتحدة على التراجع، ما دفع الإيرانيين للتصعيد وضرب الطائرة المسيرة، والخطوة القادمة لأمريكا هي إرفاق الطائرة المسيرة بمقاتلة (أف-18)".
وينوه الكاتب إلى أنه "عندما يتم النظر إلى استراتيجية ترامب، وبأنه يريد لعب لعبة طويلة الأمد، فإننا نجد أن هناك سلسلة من التناقضات في هذه الاستراتيجية، ففي المرحلة التي قادت إلى الوساطة اليابانية ظل يتحدث عن رغبة الإيرانيين في التفاوض، وكان يحاول رمي الطعم للإيرانيين لكنهم تجنبوه، وبعد هجوم الأسبوع الماضي على الناقلتين، قال إنه (بسيط جدا)، والجملة الوحيدة التي كتبها بعد إسقاط الطائرة هي أن (هناك فرقا كبيرا جدا جدا) لو كانت الطائرة بطيار".
ويرى إغناطيوس أن "ترامب في الوقت الحالي لا يبدو راغبا في الحرب، فهو يخوض حربا اقتصادية ناجحة، ترافقها حرب إلكترونية أخرى هادئة".
ويفيد الكاتب بأنه "في كل مرة يُسأل فيها وزير الخارجية مايك بومبيو عن مخرج للأزمة، فإنه يجيب أن على
طهران تنفيذ الـ12 نقطة المطلوبة منها، التي تقتضي وقف تطوير الطاقة النووية، وإيقاف دعم المليشيات والجماعات الوكيلة في سوريا والعراق واليمن ولبنان وأفغانستان، أي الاستسلام الكامل، وربما قبل بومبيو بجزء أقل من الإهانة الإيرانية، لكن لماذا عليه القبول والوقت يعمل لصالحه؟ ".
ويشير إغناطيوس إلى أن ترامب قال إنه لا يريد تغيير النظام في إيران، مع أنه من الصعب تخيل نهاية المواجهة الحالية إلا إذا قرر آية الله خامنئي تجرع الكأس المسمومة التي تجرعها سلفه".
ويختم الكاتب مقاله بالقول إن "المواجهة الحالية غير ضرورية، ولا تخدم مصالح الولايات المتحدة أو إيران، وستترك تداعيات على المنطقة، لكن المنطق الداخلي لكل من إيران وأمريكا يدفع بهما إلى الحافة".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
ديلي بيست: هل يتورط ترامب بالدفاع عن ناقلات لا تحمل نفطه؟
FT: هل يدفع بولتون وبومبيو ترامب لحرب لا يريدها؟
وول ستريت: الإيرانيون لا يتوقعون حربا مع أمريكا ولكن..