حصلت "عربي21" على معلومات جديدة حول ظروف
اعتقال الرئيس
السوداني المعزول، عمر
البشير، وعدد من كبار أعوانه.
وكشفت المصادر أن البشير، الذي أُطيح به بعد اندلاع ثورة
شعبية، بدا مؤخرا منفرج الأسارير، ويطلق القفشات مع زواره ومرافقيه، وأكثر تماسكا مما
كان في الأسبوع الأول عقب الإطاحة به، عندما وصف بأنه يعاني من تدهور صحته
النفسية، وشعوره بـ"الخيانة".
وعلمت "
عربي21" أن البشير سُيقدم إلى المحكمة
في نهاية شهر تموز/ يوليو الجاري، حيث يواجه بتهم غسل الأموال، وحيازة أموال ضخمة
دون مسوغ قانوني.
ويُعتقد بأن الحالة التي يبدو عليها البشير دلالة على
ارتياحه من مسار وضعه القانوني، وربما بات أكثر اطمئنانا منذ الأيام الأولى للإطاحة
به، ما يعزز معلومات متداولة حول ضمانات بمستقبل آمن تلقاها البشير وكافة قيادات
نظامه من قبل المجلس العسكري الانتقالي، فضلا عن التعهدات التي أعلنها المجلس
العسكري بعدم تسليم البشير إلى المحكمة الجنائية الدولية، التي أصدرت مذكرة توقيف
ضده إبان حكمه عقب توجيه تهم بحقه تتعلق بجرائم حرب في إقليم دارفور.
وقالت منى أبو العزائم، مسؤولة الإعلام في المفوضية
القومية لحقوق الإنسان، لـ"
عربي21"، إن البشير مسجون في غرفة تحوي مبرد
مياه صغيرا ومكيف هواء وثلاجة صغيرة لحفظ أدويته، وحماما ملحقا بالغرفة، بينما أكدت
مصادر أخرى هذا الوصف، وزادت أن البشير يحظى في زنزانته بالاطلاع على الصحف
اليومية، ولديه تلفزيون يشاهد عليه القنوات الإخبارية، ويتابع ما يقال عنه وعن
نظامه في القنوات، ويعلق تارة ضاحكا، وتارة أخرى يصف ما يقال عنه بأنه افتراء، وأن
ما جرى له "خيانة"، حسب المصادر الأخرى.
وكانت أبو العزائم زارت قبل فترة قصيرة
السجن المعروف باسم
"الشرقيات" في جزء من سجن كوبر العتيق، ضمن وفد من المفوضية سمح له
المجلس العسكري الانتقالي بزيارة هذا القسم من السجن، الذي يضم زنزانة الرئيس
المعزول عمر البشير، وعنابر تضم 22 من كبار أعوانه.
وذكرت أبو العزائم أن البشير يتناول طعاما قادما من منزله
في أوان تخص أسرته، ويشاركه الوجبات المعتقل في الزنزانة ذاتها المهندس حامد صديق
نائب الأمين العام للحركة الإسلامية، التي كانت الرافد الرئيسي لحزب المؤتمر الوطني
بزعامة البشير.
وزار وفد المفوضية القومية لحقوق الإنسان البشير وأعوانه
في السجن؛ لمراقبة حقوق الإنسان داخل السجون، ومعايرتها بالمعايير الدولية لمعاملة
النزلاء، وتنظيم وتطبيق السجون وإدارتها لتلك المعايير؛ استنادا إلى المعايير
الدولية التي عرفت بمعايير مانديلا.
ومن بين الذين قابلهم وفد المفوضية شقيق البشير، الدكتور
عبد الله حسن أحمد البشير، وهو لواء طبيب ارتبط اسمه أيضا بعمليات مالية مشكوك
فيها، والدكتور نافع علي نافع، الرجل الذي كان نافذا في عهد البشير، قبل إقالته من
منصبه كمساعد للرئيس في العام 2013م.
وحسب أبو العزائم، فإن شقيق البشير اشتكى من أن اعتقاله تم دون تقديم أي تهمة في مواجهته، وأنه لا يعمل مع أي جهة حكومية مالية، وأردف:
"ليس هناك مبرر إذا كان أخي موجودا بالمعتقل أن أكون أنا أيضا موجودا"،
وذكر أن والدتهما مريضة، وهي في التسعين من عمرها، وتحتاج لرعايته، ونقلت أن بعض
أعضاء وفد المفوضية شاهدوه بعد هذا الحديث وهو "يذرف الدموع".
أما الدكتور نافع علي نافع، فقد ذكر أن خدمات السجون
ممتازة، وأنه ناشط سياسي وعضو فاعل في حزبه، وتساءل: هل ممارسة السياسة في ظل حزب تعدّ جريمة؟ وقال إن اعتقاله والآخرين تم
باستجابة من المجلس العسكري للسياسيين المعارضين.
وطبقا لما نقلته أبو العزائم، فإن نافع قال: "إذا
كانت التهمة الموجهة إليه لأنه من رموز قوى سياسية، فإنها ليست تهمة، وإن الكيان السياسي
لا يحاكم بالشعارات"، وأضاف أنه حرم من حقوقه استجابة لضغوط ليس لها أي أساس
سياسي أو براهين.
وقال إنه مستعد للمحاكمة، ولا يهتم للرضوخ السياسي في
مواجهة من وصفهم بعطالة السياسيين وشذاذ الآفاق.
ونقلت أبو العزائم عن المعتقلين رفقة البشير شكوى
بأنهم حرموا من أداء الصلاة لخمس "جمع"، رغم أن هناك 6 مساجد بالسجن، كما
حرموا من صلاة التراويح خلال شهر رمضان، في حين أنهم يسمحون بقداس الأحد والخميس للمسيحيين
في السجن، وقالت إن أحمد هارون، الذي عينه البشير قبل وقت قصير من الإطاحة به
مساعدا لها ومشرفا على الحزب الحاكم، قال إن هناك شعورا لدى المعتقلين بحلقة
مفقودة ما دون المجلس العسكري الانتقالي وأمام إدارة السجن، وإن هناك عدم وضوح بشأن
قناة للتواصل.
وأشار أحمد هارون إلى معاناة بعض المعتقلين من أمراض
مزمنة، واحتياجاتهم لأطبائهم الخصوصيين بمقتضى لائحة السجن، وتأخر نتائج الفحص، وأن
طبيب السجن هو واحد لكل النزلاء، وعددهم يقارب ألفي نزيل.