أطلقت جمعية في بريطانيا، منحة دراسية باسم لاجئ سوري كان من ضحايا حريق "غرينفيل"، الأسوأ في تاريخ المملكة البريطانية.
ولما لقصة اللاجئ السوري الهارب من الحرب السورية، من سعي للطموح والاجتهاد والمثابرة لطلب العلم، قررت جمعية "رفيو إيد" لمساعدة اللاجئين في البحث عن وظائف وتعليمهم اللغة وإدخالهم الجامعات المناسبة، إطلاق منحة دراسية باسم اللاجئ تخليدا لاسمه.
محمد الحاج علي، اسم اللاجئ السوري الذي كان معروفا بحب العلم، ولكنه قضى في حريق لندن، في 2017، وأثارت قصته مشاعر الكثيرين.
اقرأ أيضا: "ميرور" تروي قصة امرأتين كافحتا لمنع كارثة برج غرينفل (صور)
ووثقت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" قصة الحاج علي، وشقيقه الذي كان معه ونجا من الحريق، وأكدت إطلاق المنحة الدراسية التي تغطي تكاليف المعيشة والدراسة الجامعية لغير القادرين من اللاجئين في بريطانيا.
وفي الوقت الحالي توفر المنظمة المنحة لشخص واحد سنويا.
وتاليا التقرير الكامل لـ"بي بي سي" يستعرض قصة اللاجئ السوري:
"وصل الحريق إلى غرفتي .. مع السلامة".. كانت هذه آخر كلمات محمد الحاج علي قبل أن يسكت صوته إلى الأبد.
توفي محمد الحاج علي، طالب الهندسة المدنية السوري في حريق برج غرينفيل غرب العاصمة البريطانية لندن يوم 14 يونيو/ حزيران عام 2017.
وكان البرج يتكون من 24 طابقاً و120 شقة، ويقطنه أكثر من 600 شخص أغلبهم مهاجرون عرب وأفارقة وآسيويون.
غادر محمد سوريا مع أخيه عمر بسبب الحرب الأهلية التي سببت أكبر أزمة لجوء إنساني يشهدها العالم منذ الحرب العالمية الثانية، وبعد رحلة لجوء طويلة وشاقة تمكن الاثنان من الوصول إلى لندن في عام 2014 والحصول على حق اللجوء أملاً في تحقيق حلمهما في متابعة دراستهما الجامعية والحصول على عمل وحياة أفضل في المملكة المتحدة.
كان حلم محمد الحاج علي أن يصبح مهندساً مدنياً، لذلك عمل بجد في عملين مختلفين لدعم عائلته وتحقيق حلمه كما يقول عمر: "في اليوم الذي حصل فيه أخي على القبول الجامعي اتصل بوالدي في سوريا وأخبره بأنه سيتابع دراسته في الهندسة المدنية مثل والدي الذي كان مهندساً مدنياً أيضاً، فبكى أبي فرحا وفخرا وكان سعيداً جدا بأننا بدأنا حياة جديدة بعيدة عن الحرب في سوريا".
عاش محمد وعمر في أماكن مختلفة في لندن، ثم وجدا شقة متواضعة عن طريق البحث في الإنترنت في برج غرينفيل غرب لندن وعاشا مدة تتجاوز السنة في الطابق الرابع عشر قبل أن ينشب الحريق ليدمر كل شيء.
يقع برج غرينفيل على أطراف أحد أغنى مناطق لندن وهو حي كينسينغتون وتشيلسي، ويسكن فيه كثير من رجال الأعمال ومديري الشركات الكبرى.
ولكن على هامش الحي تقع أبراج الفقراء التي يسكنها غالبا أناس من الطبقة العاملة.
كان أغلب سكان البرج من المهاجرين البسطاء والمشغولين بضمان قوت يومهم، وقد قدم سكان المبنى عدة مرات شكاوى لبلدية كينسينغتون في عام 2013 بخصوص سوء حالة البناء، حيث إن منافذ الخروج من المبنى ظلت مغلقة بسبب مخلفات عملية ترميم المبنى وإصلاحه، لكن البلدية لم تأخذ هذه الشكاوى على محمل الجد.
قال عمر: "حياتنا كانت هادئة إذ كنا ندرس أنا وأخي ونعمل في الوقت نفسه، ولكن الشيء الوحيد الذي كان يحزننا هو فراقنا لأهلنا في سوريا، وكان من المستحيل اللقاء بهم ضمن ظروف الحرب القاسية".
وعلى مدى أربع سنوات حاول محمد وعمر بشتى الطرق استقدام والديهما إلى بريطانيا، لكن طلبهما قوبل بالرفض من قبل مكتب الهجرة.
وبعد حريق غرينفيل وقّع الآلاف في بريطانيا عريضة تطالب الحكومة بإحضار الوالدين، فوافق مكتب الهجرة بوزارة الداخلية على حضور الوالدين ولكن ليس للم الشمل مع ولدهما وإنما لدفنه.
قال عمر: " كان أخي يتمنى لو يجتمع بوالديه حيث إننا لم نلتقِ بهما منذ غادرنا سوريا قبل خمس سنوات، كان يتمنى لو شاهدا ما حقق من نجاح، كان يتمنى لو عرّفهما على أصدقائه الجدد ممن تعرف عليهم، ولكن كان وصولهما إلى بريطانيا متأخرا".
منحة دراسية
عندما التقيتُ عمر كان يُريني على هاتفه صورا جمعته بأخيه في مناسبات حضراها معا، ومطاعم ذهبا إليها ووجبات تناولاها في مركز ويستفيلد التجاري القريب من مكان إقامتهما، وكان محمد يعمل كمشرف في أحد محلات بيع التجزئة، بينما كان البعض يظن أنهما توأم لشدة الشبه بينهما في طريقة اللباس والكلام.
ويقول عمر: "اشتركنا أيضا في ذكريات الرحلة الشاقة التي قطعناها معا من سوريا لبريطانيا، والتقينا بأشخاص غرباء يتحدثون بلغات لا نفهمها".
وصل صدى قصة محمد إلى جمعية "رفيو إيد" لمساعدة اللاجئين في البحث عن وظائف وتعليمهم اللغة وإدخالهم الجامعات المناسبة.
وقررت الجمعية مع عائلته إطلاق منحة دراسية تخلد اسمه وحبه للتعليم.
وتغطي المنحة تكاليف المعيشة والدراسة الجامعية لغير القادرين من اللاجئين في بريطانيا. وفي الوقت الحالي توفر المنظمة المنحة لشخص واحد سنويا.
"لاجئ" يحصل على منحة باسم لاجئ
سيكون يونس علي من العراق أول الحاصلين على المنحة في عامها الأول لدراسة هندسة الطيران الذي لطالما كان مفتوناً به منذ صغر سنه، غير أن الحرب في العراق لم تمنحه الفرصة لتحقيق حلمه.
فر يونس من الموصل في عام 2017 بعد سيطرة تنظيم الدولة عليها، حيث فقدت عائلته كل ما تملك.
ولم يستطع يونس الحصول على قرض دراسي لمواصلة تعليمه في جامعات بريطانيا بسبب وضعه القانوني وفقا لنظام الهجرة.
وتقول آنا جونز المنسقة في المنظمة التي أطلقت المنحة، إن "يونس اختير لأنه يريد أن يدرس الهندسة كما كان محمد وأيضا لحبه واندفاعه للتعليم الذي يشبه شخصية محمد".
عمر الذي ترك دراسته وعمله مدة من الزمن بعد الحادثة التي فقد فيها الأخ والصديق استعاد قوته وإرادته لأنه لا يريد أن يكون ضعيفاً وهو مصر على متابعة الحلم الذي بدأه مع أخيه.
ويقيم عمر الآن في أحد البيوت التي وفرتها الحكومة البريطانية لضحايا الحريق كما أنه يدرس الماجستير في إدارة الأعمال ويعمل في شركة للسفريات إلى جانب دراسته، كما أنه يقول لـ"بي بي سي": "أتمنى أن يستفيد عدد كبير من الطلاب من هذه المنحة وأن تسهل الصعوبات التي يمر بها الآخرون ليكملوا مشوارهم الدراسي".
إلى أين وصلت المباحثات حول "اللجنة الدستورية" السورية؟
عدد من الأثرياء حول بشار الأسد.. تعرّف عليهم (إنفوغراف)
"عربي21" تستعرض التغييرات الأمنية بسوريا ودور جنرالات الأسد