كشفت صحيفة بريطانية الجمعة عن علاقة تربط بين رئيس الوزراء البريطاني الجديد بوريس جونسون وشركة بريطانية للدعاية والعلاقات العامة تقدم خدمات للسعودية.
ونشرت صحيفة الغارديان تقريرا - ترجمته "عربي21" على صفحتها الأولى بعنوان "حليف رئيس الوزراء يدير شبكة للتضليل على فيسبوك"، تناولت فيه شركة "سي تي اف بارتنرز" للدعاية والعلاقات العامة، التي يديرها سير لينتون كروسبي، الحليف المقرب لرئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون.
وذكرت الصحيفة أن هذه الشركة أسست "شبكة للتضليل تقدم موادا للدعاية على أنها أخبار حقيقية على فيسبوك"، وتشير إلى أنها أجرت تحقيقا "تضمن لقاءات مع موظفين حاليين وسابقين في الشركة ودراسة مستفيضة لاستراتيجياتها".
وتضيف أن هذا التحقيق "كشف أنها تقدم "تضليلا احترافيا على الإنترنت"، وأنها قبلت عملاء مثيرين للجدل، كما أن بعض موظفاتها تعرضن للتنمر المعادي للمرأة".
وفيما يتعلق بالسعودية، تقول الصحيفة إن الشركة "تلقت مئات الملايين من الجنيهات من السعودية لتلميع صورة ولي العهد محمد بن سلمان، الذي تورط لاحقا في مقتل الصحفي جمال خاشقجي".
وفي التفاصيل، تنقل الصحيفة عن الموظفين، قولهم إن
مناخ السرية في الشركة وصل لدرجة أن العاملين في حملات التضليل على الإنترنت، التي
قامت بالترويج للعملاء بطريقة انتقائية على صفحات "فيسبوك" مجهولة
المصدر، واتبعت صيغة واحدة، استخدموا الرموز الأولى، بدلا من الأسماء الكاملة في
النظام الداخلي لها، حتى لا يتم تتبع المصدر إلى شركة "سي تي أف"
وزبائنها.
ويجد التقرير أن الكشف عن تصرفات الشركة
يزيد من الضغط على رئيس الوزراء ليبعد نفسه عن "سي تي أف"، حيث حذر
موظفون سابقون من الأثر الكبير الذي تمارسه الشركة على الحكومة الجديدة، مشيرا إلى
أن "سي تي أف" قدمت في بداية العام قرضا دون فوائد إلى جونسون ليغطي
نفقات مكتب ورواتب موظفين، وأن شريكي غروسبي في الشركة، وهما مارك تيكستور ومارك
فولبروك، الذي أخذ إجازة من العمل لإدارة حملة جونسون في السباق على زعامة حزب
المحافظين إلى جانب ديفيد كانزيني.
ويفيد الكاتب بأن هذا التحقيق يأتي
بعدما كشفت الصحيفة في نيسان/ أبريل عن أن شركة غروسبي تقف وراء سلسلة مؤثرة من
المجموعات على "فيسبوك"، التي أنفقت مليون جنيه لغرس فكرة الخروج من
الاتحاد الأوروبي في عقل الرأي العام، مشيرا إلى أن التحقيق الحالي كشف عن نشاطات
أوسع للشركة، وشمل حكومات أجنبية.
وتلفت الصحيفة إلى أن التحقيق يكشف عن
مظاهر القصور في أدوات "فيسبوك" السياسية، التي منحت شركة غروسبي، التي
تفاخر بأنها "تستخدم أحدث أدوات التعامل الرقمية"، استخدام منابر
التواصل الاجتماعي لإدارة صفحات تبدو أنها "إخبارية" تصل إلى ملايين
الأشخاص، وتقدم لهم مواد حول موضوعات خلافية، دون الكشف على أن مصدرها "سي تي
أف" ونيابة عن عملاء لها.
وبناء على نقاشات مع موظفين حاليين
وسابقين، وفحص لعدد من الوثائق كشفت "الغارديان" عن الحملة التي أدارتها
الشركة عن عملاء، خاصة حصولها على ملايين الجنيهات الاسترلينية من الحكومة
السعودية لتحسين صورة ولي العهد محمد بن سلمان، الذي تورط لاحقا في جريمة قتل
الصحفي جمال خاشقجي".
ويكشف التقرير عن أن "الشركة قدمت
خدماتها إلى رئيس الوزراء الماليزي السابق نجيب رزاق، المتورط في أكبر فضيحة فساد
يشهدها العالم، مع أنه ينفي ارتكاب أي خطأ، بالإضافة إلى دور للشركة في حملات في
دول ذات سجل فقير في حقوق الإنسان، مثل زيمبابوي وسيرلانكا واليمن".
ويبين واترسون أن التحقيق "كشف عن
حملات الشركة في مواجهة التنظيمات الحكومية، من خلال حملات تدعم استخدام الفحم
الحجري في توليد الطاقة ولدعم التدخين وضد مستخدمي الدراجات الهوائية"، لافتا
إلى أن "شركة "سي تي أف" رفضت التعليق، لكنها قالت إنها تعمل ضمن
القانون، واتهمت "الغارديان" ببناء نتائجها "على حقائق مشوهة وغير
صحيحة"، واستبعدت فكرة تأثيرها أو غروسبي على حكومة جونسون".
وتذكر الصحيفة أن الشركة "اعتمدت
على تطبيق متقن لتقنية قديمة في الاتصالات، يقدم مظهرا خادعا بأن الرسالة السياسية
تحظى بدعم شعبي"، مشيرة إلى أن موظفا سابقا وصف طريقة عمل غروسبي بأنها "تقوم
على إنشاء صفحات على "فيسبوك" لخدمة موضوعات معينة لتضليل الرأي العام
في بريطانيا والخارج، قائلا: "عادة ما تكون مجهولة المصدر، لكنها تبدو
إخبارية وذات بعد متخصص. مثلا لو كنا نعمل للترويج للفحم الحجري، فعادة ما تكون
الصفحة معادية للحكومة، وربما قمنا بفتح صفحات تجتذب نوعيات تشبه مؤيدي ترامب
ونحركهم للتحرك ضد سياسات دعم البيئة".
ويورد التقرير نقلا عن الموظفين، قولهم
إنهم أنشأوا مواقع وصفحات "فيسبوك" بدت كأنها مواقع إخبارية مستقلة،
بأسماء مثل "لماذا تعد الكهرباء مهمة؟"، و"تغطية اليمن"،
و"لندنيون من أجل المواصلات"، وبدلا من ذلك تم استخدامها لنشر موضوعات
وتقارير إخبارية وصلت للملايين.
وينوه الكاتب إلى أنه عادة ما تتم إدارة
الصفحات المتعددة المفترضة أنها مستقلة من حساب "مدير تجاري" في شركة
غروسبي، يتجاوز أدوات الشفافية في شركة "فيسبوك"، مشيرا إلى أن مستخدم
"فيسبوك" عادة ما لا ينتبه لهذا الأمر.
وتقول الصحيفة إنه لكون السرية هي هدف
الشركة، فإن عدم استخدام الأسماء الكاملة واللجوء إلى الحروف الأولى كان سياسة
تهدف لعدم تتبع الصفحات إلى الشركة أو أي من عملائها.
ويكشف التقرير عن أن الشركة التي يديرها
غروسبي حصلت على ملايين الجنيهات من الحكومة السعودية بحساب أداره المقرب من
غروسبي، مارك دوميتراك، الذي عمل في مجال اللوبي نيابة عن شركة الدخان البريطانية
الأمريكية، مشيرا إلى أن الشركة أسهمت في التحضير لوصول محمد بن سلمان إلى لندن
عام 2018 وقبل مقتل خاشقجي.
ويشير واترسون إلى أن سام ليون، مدير
مكتب "سي تي أف" بارتنرز في لندن سابقا، عمل مديرا للاتصالات لجونسون،
وكان عضوا في الفريق الذي عمل مع حزب نجيب رزاق، الذي أطيح في الانتخابات
الماليزية وسط اتهامات بالفساد.
وتقول الصحيفة إن المصادر الإخبارية
المفترضة، التي يتابعها الملايين من المستخدمين، وصلت إلى عشرات الملايين من خلال
استخدام الدعايات المدفوعة الثمن على "فيسبوك"، وزادت من خلال استخدام
وسائل الترويج على منابر التواصل الاجتماعي، وبدعم من فريق المبيعات في
"فيسبوك"، الذي شجع على مزيد من المشتريات.
وينقل التقرير عن موظفين سابقين في
"سي تي أف"، قولهم إنه عندما تجد أسلوبا يؤدي إلى رد فعل قوي فإنك تضاعف
من الجهود، "لو كنت تبحث عن جمهور يشبه ماغا (مختصر لشعار جمهور ترامب لنجعل
أمريكا قوية مرة أخرى) فإنك تستهدف أشخاصا مثلهم، وعندما تحصل على جمهور فإنك تستهدفه".
ويفيد الكاتب بأن من بين الصفحات
الإخبارية "مراقبة البيئة"، التي نشرت مقالات تهاجم دعم "الإسراف
في مزارع توليد الطاقة من الهواء"، واستخدمت الصفحة شعار "لنجعل لوبي
الخضر صادقا"، دون الإشارة إلى أن الحملة مدعومة من غروسبي المرتبط بشركة
غلينغور لمناجم الفحم، فيما روجت صفحة أخرى لإنشاء محطة توليد طاقة في الهند،
واستخدمت أسماء مثل "بانغلا المنيرة".
وتلفت الصحيفة إلى أن من بين الصفحات
التي تبدو مستقلة، تلك التي تتعلق بحرب اليمن، التي استخدمت أسماء مثل
"دبلوماسي شرق أوسطي" أو "تركيز على إيران"، ولم تكشف عن عمل
"سي تي أف"، نيابة عن الحكومة السعودية التي تشترك وبقوة في الحرب.
ويكشف التقرير عن شبكة تضليل تضم صفحات
عن أفريقيا، مثل "في داخل انتخابات موريتانيا" و"انتخابات زيمبابوي
الحرة والنزيهة"، التي من المفترض أن تقدم أخبارا مشفوعة بالحقائق عما يجري
في البلدين، دون الكشف عن مصدر التمويل أو العمل نيابة عن حملات سياسية.
واختفت عدة صفحات بعدما بدأت
"الغارديان" عمليات التحقيق والتساؤل، وبعدما قدمت الصحيفة نتائجها عن
حملة التضليل على الإنترنت، قالت شركة "فيسبوك" إنها لن تتخذ إجراءات
فيما تبدو أنها مصادر حقيقية للأخبار، وأضافت أن الصفحات التي تتظاهر بأنها مصادر
إخبارية نيابة عن شركات أو دول لا تخرق القواعد أو "تمثل تصرفا غير
صادق"، وهو المصطلح المستخدم لإغلاق الصفحات والشبكات التي تشرف عليها دول،
مثل إيران وروسيا.
وتختم "الغارديان" تقريرها
بالإشارة إلى أن الصحيفة اطلعت على وثائق تظهر أن "فيسبوك" تعلم
بممارسات "سي تي أف" من العام الماضي.
الغارديان: السعودية تشكو من تدني رتبتها بمؤشر حرية الصحافة
كالامار: السعودية جعلت العالم متواطئا معها بتدمير العدالة
إيكونوميست: تحقيق في دور المال السعودي بالإعلام البريطاني