حذرت صحيفة "الغارديان" البريطانية، الاثنين، من اندلاع خرب جوية في ليبيا، لا سيما مع تنامي ضربات الطائرات بدون طيار من جانبي الصراع قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر وحكومة الوفاق الليبية المعترق بها دوليا.
اقرأ أيضا: "الدرونز" سلاح المهام الصعبة.. مزايا وعيوب (إنفوغراف)
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه قُتل ما لا يقل عن 45 شخصا وأصيب العشرات في غارة جوية الأحد الماضي استهدفت اجتماعا ضمّ أكثر من 200 شخصية اجتمعت لحل النزاعات في المجلس المحلي بمدينة مرزق جنوب غرب ليبيا.
وحمّل العديد من المراقبين مسؤولية هذا الهجوم لقوات خليفة حفتر، الرجل القوي العسكري البالغ من العمر 75 سنة والذي يُحكم قبضته على جزء كبير من شرقيّ البلاد. ووفقا لشهود عيان، استهدف الهجوم الجوي حي القلعة الواقع في مدينة مرزق باستخدام طائرة مُسيّرة.
وأفادت الصحيفة بأن الهجمات المتكررة التي يشنّها حفتر أدت حتى الآن إلى مصرع أكثر من ألف مدني إلى جانب عرقلة الجهود الدبلوماسية الرامية للتوصل إلى تسوية بين الفصائل السياسية المسلحة الرئيسية في البلد الذي مزقته الحرب الأهلية الدائرة. وإثر المكاسب السريعة التي حققتها، توقفت قوات حفتر عن شن هجمات لبعض الوقت في ظل تصاعد خلافات داخلية في صفوف تحالف من الميليشيات التي تقاتل في صفوف الجيش الوطني الليبي.
ووفقا للخبراء، أدى ذلك إلى زيادة انتشار القوة الجوية وكسب أفضلية من الناحية التكتيكية في ظل حالة الجمود الراهنة وتجنب وقوع المزيد من الإصابات في صفوف المقاتلين. والجدير بالذكر أن الدعم العسكري، على غرار الطائرات دون طيار وغيرها من أنظمة الأسلحة، الذي تقدمه القوى الإقليمية والدولية لكلا الفصيلين، يُعتبر السبب وراء هذا التغيير في الاستراتيجية العسكرية.
وحيال هذا الشأن، قال الباحث في معهد كلينجندل في لاهاي والمختص في الشأن الليبي، جلال الهرشاوي، إن "الحرب الجوية في البلد ستتضاعف وتيرتها في ظل الصمت الدولي، حيث أن [الجهات الفاعلة] يمكن أن تنجو بفعلتها، وتعيد الكرة من جديد، حتى في المناطق الآهلة بالسكان". وأضاف الهرشاوي أنه "وقع تخطي كل الحدود المتفق عليها".
وأشارت الصحيفة إلى أن مصر والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية تدعم المشير خليفة حفتر، في حين أن حكومة الوفاق الوطني، المعترف بها من قبل الأمم المتحدة كحكومة شرعية في البلاد، تحظى بدعم كل من تركيا وقطر. وفي شهر حزيران/يونيو الماضي، دعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى احترام حظر توريد الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة منذ سنة 2011.
في الواقع، لم يكن الهجوم الذي جدّ يوم الأحد أول هجوم جوي تشنه قوات حفتر. فخلال الأسبوع الماضي، دمرت طائرة دون طيار طائرة شحن أوكرانية في قاعدة جوية في مدينة مصراتة الساحلية التي تسيطر عليها حكومة الوفاق الوطني. وردا على هذا الهجوم، قالت السلطات الأوكرانية إن الطائرة القادمة من تركيا كانت تحمل مساعدات إنسانية، بيد أن الجيش الوطني الليبي أكّد أنها كانت محمّلة بأسلحة لأعدائه. وجاء القصف الجوي بعد فترة وجيزة من تدمير طائرتي شحن في القاعدة الجوية الأمامية الرئيسية لحفتر في الجفرة.
اقرأ أيضا: "الوفاق" تسقط طائرة بمصراتة.. وقوات حفتر تضرب مطار معيتيقة
ونقلت الصحيفة عن خبراء قولهم بأنه يُعتقد أن طائرة مسيّرة مسلحة صينية الصنع شاركت في القصف الجوي على مدينة مرزق الذي جدّ في الرابع من آب/ أغسطس. ومن المحتمل أن تكون الطائرة قد نُقلت من إحدى القواعد الجوية التي أنشأتها الإمارات في ليبيا. ويُذكر أنه وقع نشر طائرات من طراز تشنغدو وينق لونق لأول مرة في شرقيّ البلاد في سنة 2016.
وفي هذا الصدد، أوضح أرنود ديلالاندي، الخبير في الطيران العسكري الليبي ودوره في الصراع الدائر، إن الأساطيل الصغيرة التي يملكها كلا الجانبين قد استُنزفت بنيران العدو والحوادث والأعطال الميكانيكية أثناء القتال الأخير. وعلى الرغم من أن الجيش الوطني الليبي نشر بالفعل طائرات دون طيار تابعة للإمارات، حصلت حكومة الوفاق الوطنية على طائراتها المسيّرة من تركيا. وفي هذا الإطار، تابع ديلالاندي قوله: "يحتاج كلا الجانبان إلى خيارات عسكرية أخرى وكانت الطائرات دون طيار الخيار الأمثل".
وذكرت الصحيفة أنه يُعتقد أن طائرات مقاتلة حديثة من طراز "أف 16" أو "ميراج" شاركت في بعض الغارات الجوية الأخرى التي شُنّت مؤخرا. فضلا عن ذلك، وقعت هجمات دقيقة أخرى في جنح الظلام، وهو ما يشير إلى تورط مصر أو الطائرات الإماراتية، وفقا لما أورده محلّلون.
وبيّنت الصحيفة نقلا عن الدكتور أحمد عدي، وهو طبيب في المدينة عالج بعض الجرحى، أن الهجوم استهدف أيضا حفل زفاف أقيم في المبنى المحلي في وقت سابق من ذلك اليوم عندما حاولوا مساعدة الضحايا وأصيبوا في غارة جوية ثانية. ومن جهته، قال إسماعيل ازينغا، وهو طالب في كلية الطب يعيش في مدينة مرزق ساعد في تقديم الرعاية لضحايا الهجوم، خلال مكالمة هاتفية لصحيفة الغارديان: "لا يوجد سوى مستشفى واحد في البلدة بلا موارد، ومن الخطر أن يسافر المنتمون لقبيلة يبو للحصول على العلاج بسبب مشاكلهم مع الميليشيات القبلية التي يدعمها حفتر". ويُذكر أن هذه المدينة يعيش فيها 50 ألف نسمة، معظمهم من قبيلة تبو العرقية.
وفي الختام، أفادت الصحيفة بأن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا أصدرت بيانا أعربت فيه عن قلقها البالغ إزاء التقارير الواردة عن أعمال العنف في المدينة، بما في ذلك الغارات الجوية، التي وصفها بأنها "هجمات عشوائية وتشكل انتهاكا صارخا للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وقد تصل إلى حد اعتبارها جرائم الحرب".
MEE: حفتر.. حميدتي ولوبي الضغط الكندي
التقاط صور لطائرتين مدمرتين بقاعدة جوية تابعة لحفتر (شاهد)
صحيفة روسية: هكذا انضمت إسرائيل إلى قائمة أصدقاء حفتر