نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا لمراسلها ميهول سريفستافا، يقول فيه إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعيش وسط أصعب حملة انتخابية إلى الآن.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن نتنياهو قام بتحويل مساره ليزور الضفة الغربية، وكانت وجهته مستوطنة بيت إيل، التي يفصلها عن رام الله جدار إسمنتي كبير، لافتا إلى أن المجتمع الدولي كثيرا ما اعتبر تلك المستوطنات غير قانونية.
وينقل سريفستافا عن نتنياهو، قوله للمستوطنين الأسبوع الماضي، في الوقت الذي وضع فيه حجر الأساس لوحدات سكنية جديدة يبلغ عددها 650: "مهمتنا هي إسكان الشعب اليهودي في أرضه، وسنعمق جذورنا في وطننا القومي، في أجزائه كلها".
وتقول الصحيفة إنه بسبب تهم الفساد التي تلاحق نتنياهو، وكون الاستطلاعات تظهر أن منافسه بيني غانتس يتمتع بالحظوظ ذاتها قبيل انتخابات أيلول/ سبتمبر، فإن نتنياهو تخلى بشكل كبير عن استراتيجيته السابقة، التي ركزت على مكانته الدولية وإيران وتهديد اليسار السياسي، وبدلا من ذلك يستغل قضية تضمن له قاعدته اليمينية: مستقبل المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة.
ويلفت التقرير إلى أن المستوطنات الإسرائيلية، التي تعد غير قانونية، بحسب القانون الدولي، وقفت لسنوات عديدة حاجزا في طريق جهود السلام الفلسطينية الإسرائيلية، مشيرا إلى أنه بعد توقيع حكومة إسرائيلية يسارية اتفاقية أوسلو في تسعينيات القرن الماضي، فإنها وافقت على انسحاب تدريجي من الضفة الغربية، التي احتلتها إسرائيل من الأردن عام 1967.
ويفيد الكاتب بأنه بدلا من ذلك، فإنه كان هناك سباق لمصادرة المزيد من الأراضي، وزاد عدد المستوطنيين أربعة أضعاف، حتى وصل إلى 500 ألف مستوطن، ما خلق واقعا على الأرض جعل الانسحاب المحتمل أكثر صعوبة، بالإضافة إلى أن هناك 200 ألف مستوطن يعيشون في مستوطنات بنيت في القدس الشرقية العربية منذ بداية السبعينيات، التي تعد أيضا غير قانونية.
وتنوه الصحيفة إلى أنه بسبب دعم الرئيس دونالد ترامب الجامح للموقف الإسرائيلي في الصراع العربي الإسرائيلي، بما في ذلك الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، فإن نتنياهو أعاد الأمل لليمين الإسرائيلي بأن بإمكانه توجيه ضربة قاضية للطموحات الفلسطينية بـأن تكون المستوطنات المزدهرة في الضفة الغربية مؤقتة.
ويجد التقرير أنه ستكون هناك تداعيات كبيرة لبسط السيادة الإسرائيلية لتشمل بيت إيل وغيرها من المستوطنات اليهودية، حيث ستنهي عقودا من الغموض الإسرائيلي حول الوضع النهائي للمستوطنات غير الشرعية، مشيرا إلى قول الفلسطينيين إنهم سيوافقون على أن تصبح المستوطنات الأقرب للقدس جزءا من إسرائيل، لكنهم يريدون أن تهدم المستوطنات الموزعة في الضفة، التي ستقسم أي دولة فلسطينية محتملة.
ويستدرك سريفستافا بأن تطبيق القانون الإسرائيلي -ونظريا الإعلان عن ديمومة ذلك- في المستوطنات سيخرب العلاقات مع الفلسطينيين، إن لم ينه تماما إمكانية قيام دولة فلسطينية ذات مناطق متصلة، مشيرا إلى أن ذلك قد يجعل نتنياهو يفوز في أخطر انتخابات يخوضها، ويمدد قبضته على السياسية الإسرائيلية، التي دامت عقدا.
وتبين الصحيفة أنه لفشله في تشكيل ائتلاف في الكنيست بعد انتخابات نيسان/ أبريل، فإن نتنياهو فاجأ الإسرائيليين بحل الكنيست، وبدء حملته الانتخابية الثانية لعام 2019، لافتة إلى قول ـحد شركاء الائتلاف عن وعود ضم مستوطنات الضفة الغربية، "إنه الوعد الوحيد الذي يمكن أن يعده والذي يستطيع وحده أن يفي به... قد ينجح، لكنه وعد ثمنه باهظ".
وبحسب التقرير، فإن الاستطلاعات تظهر أن أفيغدور ليبرمان، الذي كان حليفا لنتنياهو في السابق، والذي يعيش في مستوطنة، في طريقه لمضاعفة حظوظه الانتخابية؛ بسبب موقفه ضد مطالب الأقلية الدينية (الألترا-أرثودوكس) التي دعمت نتنياهو في الانتخابات السابقة.
ويشير الكاتب إلى أن معظم اليمينيين الإسرائيليين الذين استطلعت آراؤهم من معهد الديمقراطية الإسرائيلي، لم يتفقوا مع القضايا الرئيسية لحملة نتنياهو السابقة، مثل تقليل سلطات المحكمة العليا، ومنح الحصانة لأعضاء الكنيست.
وتستدرك الصحيفة بأن اليمين الإسرائيلي متحد بمعتقده الديني بأن الضفة الغربية منحت لليهود في التوراة، فيما الآخرون من الطيف السياسي تستميلهم الحجة بأن تسليم الضفة للدولة الفلسطينية سيكون كابوسا أمنيا، مقارنين إياها بغزة، حيث فرضت حركة حماس سيطرتها عليها بعد الانسحاب الإسرائيلي منها عام 2005.
ويورد التقرير نقلا عن عضو الكنيست من حزب الليكود الذي يرأسه نتنياهو، يواف كيش، قوله: "يجب ألا نتخلى عن هذه الأرض.. أينما كان هناك يهود يجب أن تكون إسرائيل".
ويلفت سريفستافا إلى أنه يعيش في الضفة الغربية حوالي 3 ملايين فلسطيني، يحد من حرية حركتهم أكثر من 500 ألف مستوطن، انتقلوا للعيش في المناطق التي تسيطر عليها إسرائيل، التي تشكل حوالي 60% من المناطق "المتنازع عليها".
وتقول الصحيفة، لذلك يميل الشعب اليهودي للتصويت لأحزاب على يمين الليكود، فالدعوة بضم ما يسمونه يهودا والسامرة قد تكون كافية لاختيار الليكود بدلا من الأحزاب اليمينية الأصغر، ما سيزيد من حجم المقاعد التي سيحصل عليها، مشيرة إلى أنه تم في الأسابيع الأخيرة المصادقة على بناء 6 آلاف وحدة استيطانية جديدة في عمق الضفة الغربية.
وينوه التقرير إلى أن ترامب ساعد حليفه نتنياهو في جهوده، فقد انتقل البيت الأبيض، الذي كان يصور نفسه على أنه وسيط محايد في الصراع العربي الإسرائيلي، إلى ازدراء معلن للسلطة الفلسطينية التي تحكم المدن العربية في الضفة الغربية، مشيرا إلى أن المسؤولين الفلسطينيين يقولون إن وجهة النظر الأمريكية تعكس وجهة النظر اليمينية الإسرائيلية، وتهمل الاستفزازات الإسرائيلية وخرق القانون الدولي.
ويفيد الكاتب بأن خطة السلام المقترحة، يقوم زوج ابنة ترامب، جاريد كوشنير برسمها دون استشارة للقيادة الفلسطينية إلى الآن، مشيرا إلى أن كوشنر تجنب في المقابلات إلى الآن الحديث عن دولة ثانية، بل تحدث بدلا من ذلك عن محفزات اقتصادية وحكم ذاتي محتمل.
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أنه بمزاوجة نتنياهو بين الأمن القومي والسيادة الإسرائيلية على المستوطنات، فإنه استطاع أن يروج لصداقته مع ترامب، وهو تحول قوي في بلد يتمتع فيها الزعيم الأمريكي بتأييد تصل نسبته إلى 70%.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
صالون: توقع تدخل سعودي وروسي وإسرائيلي للتجديد لترامب
NYT: كيف أصبحت عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية مهزلة؟
NYT: لماذا خاف ترامب ونتنياهو من عمر وطليب؟