جراهام فوللر اسم كبير في دنيا المعلومات المخابراتية وتوظيفاتها الاستراتيجية، فوللر (82 عامًا) خريج هارفارد ومتخصص في الدراسات الإسلامية والشرق أوسطية وهو يتقن العربية وشغل مناصب دبلوماسية فى المنطقة لما يزيد عن عشرين عامًا ومسماه الوظيفي تحديدًا داخل المخابرات الأمريكية: الرئيس السابق لقسم البحوث والتخطيط (إن آي سي) وهو القسم المسؤول عن التنبؤات المستقبلية بعيدة المدى.
كان أكثر إنصافا للإسلام والمسلمين من شاكر نابلسي
جراهام فوللر كان قد نشر مقالة رائعة عام 2008 في مجلة فورين بوليسي الشهيرة بعنوان (عالم بلا إسلام) صدرت بعد ذلك في كتاب عام 2010م وترجمه إلى العربية الأستاذ مختار الخلفاوي، انتهى فيه إلى أن الشرق كان سيكون أكثر تشوهًا وتعقيدًا بدون الإسلام، المقال مهم ومنصف وهو يعتمد على طريقة بحثية جميلة اسمها (البناء الافتراضي للتاريخ)، وأعتقد أن الراحل شاكر نابلسي العلماني العتيد كتب كتابًا بهذا المعنى عنوانه (لو لم يظهر الإسلام ما حال العرب الآن؟) الطريف أن فوللر كان أكثر إنصافًا للإسلام والمسلمين من شاكر نابلسي.
في عام 2015 نشر فوللر 5 توقعات تخص الشرق الأوسط تتعلق بداعش وإيران وتركيا وطالبان وروسيا وهي جديرة بالقراءة والفهم.. إذ يرى أن "داعش" إلى زوال (بومبيو يحذر منها الآن مجددا!!) وسوف تتداعى سيطرتها ونفوذها في العراق والشام ولن يكون ذلك بسب قوة التحالف الذي بنته واشنطن!! ولكن لأنه كيان غير قابل للحياة كدولة فليس لديه أيديولوجية متماسكة وليس لديه القدرة على بناء أي مؤسسات سياسية واجتماعية ولا القدرة على التعامل مع الخدمات اللوجستية المفصلة للحكم.
دول الخليج ستضطر لاستيعاب نفسها مع واقع التطبيع مع إيران التي لديها رؤية واضحة لمنطقة الشرق الأوسط تتمتع فيها بسيادة حقيقية
هل يمثل تيار الإصلاح الإسلامي آخر معاقل المقاومة أمام مد العولمة الغربية ذات الطابع الأمريكي؟
يقولون كي تأخذ إجابات صحيحة عليك أن تسال أسئلة صحيحة، وأهم سؤال يتعلق بالظاهرة الأهم في الشرق العربي اليوم وأمس وكل يوم وفي كل الأوقات، وهي قصة إصلاح الشرق واستعادته لقيمته العالمية وقيمة القيم التي تحملها حضارته والظاهرة التي أقصدها وقصدها الكاتب هي ظاهرة الإصلاح الإسلامي.
السؤال الرئيسي كما قلنا الذي يحاول فوللر البحث عن إجابته له هو: (هل يمثل تيار الإصلاح الإسلامي آخر معاقل المقاومة أمام مد العولمة الغربية ذات الطابع الأمريكي؟) كلام في سويداء المعنى.
يبدأ الرجل إجابته بتتبع بدايات الحركات الإسلامية وتطورها وإمكانياتها فى إحداث تغيير حقيقي ويتناول الأدوار المتعددة التي قام بها تيار الإصلاح الإسلامي، ويؤكد أن جميع هذه الأدوار ليست واضحة للغرب بما يكفي بالرغم من أن هذه الأدوار المتعددة هي التي سُتبقي لهذا التيار دوراً رئيسياً في الواقع القائم، فالثقافة السياسية في العالم الإسلامي اليوم تركز على عدد من القضايا الأساسية كالعدالة الاجتماعية / والحاجة لبوصلة أخلاقية وحفظ الحضارة الإسلامية / وإعادة بناء قوة وكرامة العالم الإسلامي/ والمنعة ضد تهديدات القوى الخارجية / ومشروعية الحكومات / والرفاه الاجتماعي والعدالة الاقتصادية / وأهمية وجود حكومة نظيفة وفعالة، ويضيف: هذه الأفكار كلها تمثل قلب خطاب تيار الإصلاح الإسلامي.
أما نزوع الأفراد نحو العنف فذاك يعود للفرد نفسه وأسلوبه فى التغيير
ويشير فوللر إلى أن الصراع بين المتطرفين والمعتدلين سيكون محكًا كبيرًا للاثنين وبالرغم من أن التطرف ليس بالشيء الجديد إلا أن الضغوط السلبية محليًا وعالميًا على المجتمعات المسلمة تصب في صالح التطرف والتشدد.. ويرى فيها الناس محاولة جريئة لتغيير واقع بائس.
لكن هل الإسلام أو الانتماء للحركات الإسلامية ينتج بالضرورة أفراداً يميلون للعنف؟ أم إن المسألة تخضع لطبائع الأفراد والنزعات الشخصية؟ وكانت إجابة الرجل: أما نزوع الأفراد نحو العنف فذاك يعود للفرد نفسه وأسلوبه في التغيير مع الأخذ في الاعتبار أن الظرف المعيشي في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي ككل يجعل الفرد معبأ ابتداء ومشحونًا ومستفزًا قبل أي تعبئةٍ أيديولوجية.
الكتاب مهم ومليء بالرؤى الموضوعية المتجردة.
إنقاذ المعتقلين في مصر.. الفرص والإمكانيات
ماذا وراء المغازلة الإماراتية لإيران؟