أعاد مشروع قانون بالبرلمان المصري الحديث عن "الزواج العرفي" إلى دائرة الجدل مجددا، بين من يراه ضرورة للحفاظ على حقوق المرأة ومن يراه خلطا بين مسميات الزواج المختلفة.
وتبنت النائبة، وأستاذ العقيدة بجامعة الأزهر آمنة نصير، مشروع القانون الجديد، بهدف الحفاظ على حقوق المرأة وأولادها بعدما تعددت حالات الشكوى جراء مثل هذه الزيجات.
وفي المقابل، رفض عدد من علماء الأزهر هذا المقترح ومن بينهم محمود مزروعة الأستاذ بجامعة الأزهر، الذي يرى أن الزواج له شروط متى تحققت فيه فهو صحيح بصرف النظر عن مسماه وتوثيقه من عدمه.
وأضاف: "الأمة صارت لفترة طويلة تأخذ بالزواج العرفي الذي تتوفر فيه شروطه الصحيحة ولم يتم اللجوء للتسجيل إلا حديثا"، مشيرا إلى أن هناك فارقا بين مسمى الزواج وبين شروط صحته وعليه لا يمكن تجريم الزواج العرفي، ولكن يمكن القول بتجريم الزواج الباطل سواء كان سريا أو تحت مسمى آخر .
وفي هذا السياق، أوضح الباحث الشرعي، المستشار الإعلامي السابق لجبهة علماء الأزهر، مصطفى إبراهيم، أن الزواج العرفي هو ما توافرت فيه أركان وشروط الزواج الصحيحة من ولي وشاهدي عدل وصيغة ومهر، لكنه لم يوثق لدى الجهات الرسمية في الدولة، وأن الزواج بهذه الصورة حلال شرعاً ويترتب عليه كل ما يترتب على الزواج الموثق لدى المأذون، ولا يمكن أن يكون حرامًا.
وأضاف لـ "عربي21" أن هذه هي الصورة الصحيحة لزواج المسلمين منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى العهد القريب الذي ظهرت فيه الأحوال الشخصية والتسجيل، حيث لم يكن هناك توثيق أوقسيمة زواج، وإنما ظهر التوثيق حديثا.
وأشار إبراهيم إلى أنه بعدما فسدت الضمائر وأصبح الرجل بإمكانه أن يتزوج امرأة زواجًا شرعيًّا وتلد منه، ثم يتنكر لهذا الزواج أو يهرب من الزوجة ولا يعطيها حقوقها، وينكر أولاده منها ، لذلك دعت الحاجة إلى التوثيق لدى الجهات الرسمية في الدولة على غرار ما يحدث من توثيق البيع والشراء فيما يعرف بالشهر العقاري أو السجل العيني، كما يحدث في مسألة الديون عبر إثباتها في الشيكات والإيصالات والكمبيالات.
ولفت الباحث الشرعي إلى أن هناك لبسًا في الأذهان بين الزواج العرفي، وبين زاوج السر - وهو الذي يتم من وراء ظهر الأب والعائلة، ولا تعلم به الأسرة ولا الأقارب، ويعد زواجًا باطلا مرفوضا شرعاً وعرفاً - وبين الزواج العرفي الذي تتوافر به الشروط الشرعية الصحيحة السابق ذكرها وهي معرفة الأب والأسرة وموافقتهما على الزواج وإقرارهما له، مؤكدا أنه بسبب هذا الخلط حدثت تجاوزات عديدة.
وأكد المتحدث الإعلامي السابق لجبهة علماء الأزهر على أن الزواج العرفي الذي اكتملت فيه شروطه الشرعية، زواج صحيح شرعًا لكنه خطأ قانونًا، أما الزواج السري (وهو مايسمى بالعرفي بين الشباب الآن) بين البنت والولد والذي يشهد عليه اثنان من أصدقائهما دون معرفة ولي أمر الفتاة فهذا زواج باطل، ولا يُعترف به وما يحدث بينهما زنا.
من جانبها ترى المستشار الأسري والتربوي منال خضر، أن الزواج العرفي المستوفي الشروط والأركان من الناحية الشرعية، يستطيع أحيانا أن يقوم بحل مشكلات للطرفين الزوج والزوجة، من قبيل القوانين الظالمة التي تمنع الزوجة الأرملة من معاش والدها أو زوجها السابق من المعاش بمجرد الزواج ويكون لديها أطفال وليس لها مصدر دخل، والزوج الذي ستتزوج منه ظروفه المادية لا تسمح له بالنفقة على الأولاد فتضطرها القوانين أن تتزوج "عرفي" حتى لا تحرم من الحياة مع زوج يحميها وتستطيع أن تنفق على أولادها من هذا المعاش.
وأضافت لـ"عربي 21": "كذلك الزوج الذي يعيش مع زوجته حياة تعيسة وبائسة ولا يريد أن يهدم أسرته فيتزوج "عرفي" للحفاظ على بيته الأصلي ويجد الزوجة التي تؤنسه ويشعر معها بالسعادة مع الحفاظ على حقوقها المادية والمعنوية. وغيرها كثير من الحالات والظروف التي يحتاج إليها المجتمع في ظروف وأحوال هي بالأصل استثنائية ولكن مهمة ويحتاج إليها المجتمع ما دام لم ينص الشرع على تحريمها".
وشددت على رفضها القاطع للزواج العرفي الذي لا يترتب عليه أي حقوق أو نسب أو نفقات من الأب على أبنائه. مؤكدة أن الزواج الموثق هو حصن الأمان والحقوق للزوجة والأبناء.
أما المحامية آمال مصطفى فترى أن توثيق الزواج الآن أمر لا بد منه لمصلحة المرأة ولحفظ حقوقها فإن لم يوثق هذا الزواج يجوز أن يسن لذلك تشريعات يترتب عليها معاقبة من لم يفعل ذلك لأن من حق ولي الأمر أو القائمين على الأمور أن يقيدوا هذا الحلال بشروط، ضمانًا لمصلحة الطرفين أو لأحدهما سواء كان الزوج أو الزوجة، لكنه عند الشرع صحيح.
وأضافت لـ"عربي21" أنه لا يجب أن يحدث خلط بين الزواج العرفي بأركانه وشروطه والذي هو حلال شرعاً ولا حرمة فيه، وبين الزواج السري المحرم شرعاً وعرفاً وهنا يجب تحريمه قانوناً حيث أن هناك زواجًا عرفيًّا بمعنى الزواج السري، وهو الذي يتم بدون معرفة ولي الزوجة ولا أسرتها و بدون شهود وهو باطل، أو يتم بشاهدين لكن يُوصي كل منهما بكتمانه، فلا يعلمه إلا الزوج والزوجة والشاهدان فقط، وفي كل أحواله يغيب الولي، مع أن أول ما يبطل عقد الزواج هو غياب الولي وعدم معرفته.
مصري يروي لـ"عربي21" تفاصيل مجزرة "رمسيس الثانية" (فيديو)
نجل معتقلة أمريكية بمصر يناشد ترامب للإفراج عنها (شاهد)
نيوزويك: هذا حال مصر بعد ست سنوات على مذبحة رابعة