نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا للكاتب ديفيد إغناتيوس، يقول فيه إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لديه فرصة لإعادة ترتيب الطاولة في أفغانستان.
ويبدأ إغناتيوس مقاله بالقول إن "كل رئيس منذ الرئيس جيمي كارتر حلم في توقيع معاهدة سلام في كامب ديفيد، وهذا الغرور يمكن التسامح معه حتى وإن كان من شخص محب لنفسه مثل الرئيس ترامب، لكن هذا الحلم كاد أن يجعل ترامب يعقد صفقة غير حكيمة بخصوص أفغانستان مع حركة طالبان التي لا تزال تستخدم الإرهاب سلاحا رئيسيا".
ويقول الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إنه "حتى أقرب حلفاء ترامب، مثل السيناتور ليندزي غراهام، حذره على مدى أسابيع من الاتفاق مع حركة طالبان، وفي مقابلتين حديثتين أجريتهما مع غراهام كان منتقدا جدا لترامب، على غير عادته، بحجة أن الاتفاقية التي يقوم المبعوث الخاص زلماي خليل زاد بالتفاوض عليها مع حركة طالبان التي لم تتغير ستترك أمريكا عرضة للهجمات".
ويستدرك إغناتيوس بأن "ترامب أمر خليل زاد بإعداد الصفقة، وأضاف على ذلك أن يكون التوقيع في كامب ديفيد، وربما يكون الرئيس يعاني من رغبة شديدة في الحصول على جائزة نوبل، (ألم يحصل أوباما عليها؟)، ففي المفاوضات التي قام بها ترامب مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون وحركة طالبان (وغزله مع إيران)، إنه يسعى للحصول على اتفاقيات، ويريد فرصة لالتقاط الصور أيضا".
ويشير الكاتب إلى أن "ترامب تراجع عن مهزلة تضخيم الذات قبل أن يفوت الأوان، وليست المشكلة فقط أنه كان سيحتضن قيادات حركة طالبان الملطخة أيديهم بالدماء، فتلك مشكلة في اتفاقيات السلام التي تتم بين المتقاتلين كلها، لا، بل المشكلة هي أن حركة طالبان لم تثبت أنها ملتزمة بالتخلي عن جذورها الإرهابية".
ويقول إغناتيوس: "أعتقد أن ترامب قال ذلك بدقة ليلة السبت في تغريداته التي ألغت لقاء كامب ديفيد، بعد أن تحملت حركة طالبان مسؤولية الهجوم بسيارة مفخخة في كابل، تسبب بقتل جندي أمريكي و11 آخرين، فقال: (أي نوع من البشر يلجؤون للقتل لتقوية موقفهم التفاوضي؟.. وإن لم يكن بإمكانهم الالتزام بوقف إطلاق النار خلال مفاوضات السلام المهمة هذه.. فإنهم ربما لا يملكون القدرة على التفاوض على اتفاقية ذات معنى على أي حال)".
ويرى الكاتب أن "هذا يجب ألا يكون مفاجئا لترامب، فقد حاول خليل زاد لفترة طويلة الضغط على حركة طالبان لإيقاف مثل هذه التفجيرات، وإثبات أنها مستعدة للعمل مع الحكومة الأفغانية لتخفيف العنف، لكن مفاوضي حركة طالبان رفضوا ذلك، فكان من الواضح أنهم يعتقدون أن التكتيكات الإرهابية تلك تزيد من أوراق الضغط في أيديهم، وعلى مدى الأسابيع القليلة الماضية، بحسب مصادر أفغانية، كانوا يقومون بما يمكن اعتباره احتفالات انتصار، والآن تم إبطال أسباب هذه الاحتفالات".
ويقول إغناتيوس: "قال لي غراهام في مقابلة يوم الاثنين: (لقد تجنبنا الرصاصة)، ووصف اجتماع كامب ديفيد الذي كان مخططا له بأنه (كثير جدا ومبكر جدا)، وقال إن ترامب (قام بالفعل الصحيح) عندما ألغى ذلك الاجتماع.
ويؤكد الكاتب أن "لدى ترامب فرصة الآن لأن يعيد ترتيب الطاولة في أفغانستان، دون الالتزام بأي جنود أمريكيين إضافيين، عن طريق زيادة الضغط السياسي على حركة طالبان، التي أدت تكتيكاتها الإرهابية إلى نتائج عكسية، والانتخابات التي كان من المزمع عقدها في وقت لاحق من هذا الشهر يجب أن تمضي قدما، ومن المحتمل أن يخرج منها الرئيس أشرف غني، (الذي تعزز موقفه بسبب موقف ترامب القوي) بتفويض أقوى، وستحاول حركة طالبان إرهاب المصوتين وعرقلة الانتخابات، لكن ذلك سيؤدي إلى تعمق عدم شعبيتها لدى معظم الأفغان".
ويفيد إغناتيوس بأن "أفغانستان أصبحت بلدا غير تلك التي حكمتها حركة طالبان حتى تم إسقاطها في حملة قادتها أمريكا بعد هجمات 11 أيلول/ سبتمبر، فأصبحت أكثر تمدنا وحداثة واتصالا، بدلا من المجتمع القبلي التقليدي السابق، ونقلت (نيويورك تايمز) عن طبيب عالج أحد ضحايا السيارة المفخخة الأسبوع الماضي، قوله: (أريد أن أسأل ترامب لماذا لم يوقف مفاوضات السلام بعد هذه الهجمات كلها، عندما قتلت حركة طالبان العديد من المدنيين".
ويلفت الكاتب إلى أن "هناك طريقة أخرى لتعزيز الضغط على حركة طالبان، وهي تقوية العلاقات الأمريكية مع باكستان، بالتفاوض على اتفاقية تجارة حرة، وتعاون أمني أفضل، فازدواجية باكستان -بدعم حركة طالبان في الوقت ذاته الذي تؤيد فيه الحرب الأمريكية ضدها- كانت مشكلة جذرية خلال حرب أفغانستان الطويلة، وهذا أمر بحاجة لإصلاح".
ويقول إغناتيوس: "الآن هناك فرصة لإعادة الأمور إلى نصابها: فقادة باكستان الحاليون -رئيس الوزراء عمران خان ورئيس الأركان الجنرال قمر جاويد باجوا- قد يكونون أفضل الشركاء الذين تحصل عليهم أمريكا منذ سنوات، لقد حان الوقت لاختبار ما إذا كان بإمكانهم القيام بالمهمة، فكما قال غراهام، إن علاقات أمريكية أقرب مع باكستان (ستخيف حركة طالبان)".
ويختم الكاتب مقاله بالقول إن "فرصة السلام في أفغانستان مهمة جدا، ويجب عدم إضاعتها باتفاقية سابقة لموعدها ولا تحظى بالدعم الكامل، وفي الوقت المناسب قام ترامب بإعادة إرسال خليل زاد للتفاوض على اتفاقية أفضل، وذلك يوفر على ترامب حرج فشل اتفاقية توقع في كامب ديفيد، والأهم من ذلك أنها تفتح المجال أمام تحالف سلام أفضل يمكنه فعلا تطويق الإرهاب".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
WP: قرار ترامب وقف المحادثات مع طالبان راحة مؤقتة للطرفين
NYT: هكذا رتب ترامب اجتماعا سريا مع طالبان وهكذا انهار
واشنطن بوست: طالبان لا تزال تنكر دور القاعدة بهجمات سبتمبر