نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا للكاتبة ياسمين بحراني، تحت عنوان "ماذا يعني أن تعيش في دولة رقابة؟ انظر إلى دبي".
وتعلق بحراني في مقالها، الذي ترجمته "عربي21"، على ما ورد في تقرير لوكالة أنباء "رويترز"، جاء فيه: "لا تتجسس (سي آي إيه) على الإمارات العربية المتحدة"، قائلة: "كوني شخصا عاش في الخليج، ضحكت لأن هناك الكثير من التجسس في الإمارات، خاصة من الإماراتيين أنفسهم، فالحكومة تراقب الناس الذين يعيشون هناك، وربما كان مفاجئا للكثيرين من خارج المنطقة أن يعرفوا أن أبو ظبي ودبي هما أكثر مدينتين تتعرضان للرقابة في العالم".
وتشير الكاتبة إلى أن "هناك في أبو ظبي ما يقدر بـ20 ألف كاميرا رقابة، تستهدف حوالي 1.5 مليون نسمة يعيشون فيها، وفي دبي هناك 35 ألف كاميرا تراقب 2.8 مليون نسمة، وللمقارنة بين الرقابة في المدينتين مع الرقابة في واشنطن العاصمة، فإن عدد الكاميرات في الأخيرة لا يتجاوز 4 آلاف كاميرا، ومع أن هناك مدنا تتعرض للرقابة، إلا أن هذه موجودة في الصين".
وتلفت بحراني إلى أن "هناك بعض الإيجابيات لهذه الرقابة من ناحية انخفاض مستوى الجريمة، فعندما كنت معلمة في دبي، أخبرتني طالبة نيجيرية كيف تركت حقيبتها على مقعد عام وظلت في مكانها، وعادت الى المقعد بعدما تذكرت الحقيبة لتأخذها ووجدت أنه لم يمسها أحد، ولم يفاجأ أحد بهذه القصة، والكل يعلم أن دبي هي أكثر الأماكن أمنا في العالم؛ نظرا لوجود الكاميرات في كل مكان".
وتستدرك الكاتبة بأن "الشعور أو الشك بأن هناك من يراقبك أو يستمع إليك ليس جيدا، خاصة أن نسبة المواطنين الأصليين في المدينة لا تتجاوز الـ 15%، أما البقية فهم أجانب، وهم، مثلي، ممتنون للحصول على الوظيفة، ولا يريد أحد منهم ارتكاب خطأ يؤدي إلى خسارته الوظيفة، الترحيل أو السجن".
وتشير بحراني إلى تجربتها عندما وصلت إلى دبي للقيام بعملها، وكيف تم أخذ صورة لعينيها، وبعد ذلك طلب منها شراء شريحة هاتف، ولم يشرح لها أحد الداعي لهذا، ولا لزملائها الذين مروا بالتجربة ذاتها، و"لكننا لاحظنا النتيجة: فكلما سافرنا إلى خارج البلد، كنا نتلقى رسالة نصية على الهواتف المسموح بها تقول شيئا مثل هذا.. سفارة الإمارات العربية المتحدة ترحب بكم في فرانكفورت في ألمانيا، وعندما نعود إلى دبي نتلقى رسالة مرحة تقول: مرحبا بكم ثانية في دبي".
وتعلق الكاتبة قائلة إن "هذه الرسائل وإن كانت لطيفة إلا أن فكرة المراقبة ليست كذلك، ثم هناك الرقابة على الإنترنت، ففي كانون الثاني/ يناير نشرت وكالة أنباء (رويترز) تقريرا، قالت فيه إن الإمارات شكلت فريقا من القراصنة الأمريكيين -عمل عدد منهم في وكالة الأمن القومي- لقرصنة ومراقبة الصحافيين ومعارضي الحكومة، وبحسب صحيفة (نيويورك تايمز) فإن حكومة الإمارات كانت زبونا لشركة (أن أس أو غروب) وكشف عن قيامها بزرع برمجة تجسس في هاتف معارض لها".
وتؤكد بحراني أن "المسألة ليست أجهزة أو نشاطات إنترنت تستدعي انتباهنا، فبعد وصولي إلى دبي حضر إلى مكتبي زائر دون موعد، وبدا أكبر من أن يكون طالبا، لكنه قال إنه يريد التسجيل في مادتي، وشرحت له الدورات المتوفرة وما يمكن أن تقدمه لاحقا من فرص عمل، وشكرني، ومن ثم نصحني بأخذ هاتفي النقال إلى أي مكان أذهب إليه، ثم انتقل الحديث إلى الأمور السياسية وخرج، لكنه لم يسجل في البرنامج".
وتقول الكاتبة: "تستطيع أن تتخيل أثر هذا كله، فعندما عدت مع زملائي إلى الشقق التي وفرتها لنا الشركة بدأنا عملية رقابة ذاتية على رسائلنا الإلكترونية، وكنا نراقب كلامنا، كما لو أن هناك شخصا يقف فوق رؤوسنا، أو يستمع لحديثنا، ولم نكن نكتب شيئا فيه دعوة للتخريب -على الأقل أنا- لكن هذا لم يمنعنا من الحذر".
وتنوه بحراني إلى أن "الحديث بالهمس عندما تتم مناقشة الأمور السياسية أصبح أمرا عاديا، وكان هذا الشعور منتشرا لدرجة أن طالبة مصرية أخبرتني أن عائلتها تجمع الهواتف النقالة في البيت كلها وتضعها في غرفة واحدة وتغلق الباب، وتجتمع في غرفة ثانية لمناقشة القضايا كلها دون الخوف من أن هناك شخصا ما يستمع إليهم".
وتستدرك الكاتبة بأن "من كان يريد الحديث مع أحبابه في الخارج فلا خيار أمامه إلا استخدام الهاتف و(سكايب) و(فيس تايم)".
وتختم بحراني مقالها بالقول إن "من يعمل في الإمارات يقول لنفسه بأن يظل محترسا حتى ينتهي عقده ويعود لبلده، لكن هذا لا يعني التخلص من الرقابة، فنشاطاتنا تصبح محل رقابة من شركات التسويق، فيما تتم إعادة بيع النشاطات على الإنترنت بعد جمعها لتجار البيانات، ويتم تسجيل التاريخ الصحي للفرد".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
الموندو: قصة الأميرة هيا تفتح قضية "مختطفات القصر"
إندبندنت: الحرب الأهلية في اليمن تصل إلى المهرة
"لوفيغارو": حرب الحلفاء بعدن تخدم الحوثي وتكرس التقسيم