نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا لمراسلها في دبي سايمون كير، يتحدث فيه عن الجمود الذي تشهده الساحة اليمنية، ما يفتح الباب أمام نزاع أوسع نطاقا.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن التدخل السعودي في الحرب الأهلية اليمنية في العملية التي أطلق عليها اسم عاصفة الحزم، التي علمت صعود ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بصفته لاعبا إقليميا في مسرح المنطقة.
ويلفت كير إلى أنه في الوقت الذي بدأت فيه المقاتلات السعودية بدك المتمردين اليمنيين وأهدافهم في 15 آذار/ مارس، فإن وسائل التواصل الاجتماعي في المملكة بدأت في كيل المديح لوزير الدفاع الشاب ووالده الملك سلمان؛ باعتبارهما عاملي تغيير في المنطقة، يحاولان وقف التأثير الإيراني في المنطقة.
وتفيد الصحيفة بأن المملكة قامت ببناء تحالف، بناء على طلب من رئيس اليمن المطاح به، لوقف التقدم الحوثي، ومن أجل منع الجماعة المعادية للسعودية من توطيد أركان سلطتها، مشيرة إلى أن التحالف كان على ثقة في تركيع الحوثيين، الذين خاضوا معارك سابقة، من خلال القوة الجوية السعودية، وبمساعدة الإمارات العربية المتحدة، التي أرسلت جنودها إلى جنوب اليمن.
ويستدرك التقرير بأن ما نظر إليه على أنه تقدم سريع وحاسم على ثورة الحوثيين، تحول إلى تدخل عصي على الحل، وحرب أهلية متعددة الوجوه، وبعد خمسة أعوام تقريبا دخل النزاع منعطفا مغلقا، فيما توترت فيه العلاقة السعودية الإماراتية، وسحبت الإمارات قواتها من جنوب اليمن، لكنها لم تتخل عن دعم الانفصاليين الجنوبيين، الذين حولوا أسلحتهم ضد الحكومة الشرعية، وخاضوا ضدها عدة معارك في الجنوب الفوضوي.
وينقل الكاتب عن الخبير في الشؤون اليمنية في مجموعة الأزمات الدولية بيتر سالزبري، قوله: "الأماني ليست بديلا عن الاستراتيجية"، وأضاف أن "الحرب بدأت بفرضية تقوم على اقتلاع جماعة تمرد ناجحة سيطرت على جزء كبير من الجيش اليمني قبل الحرب، من خلال الغارات الجوية ودعم منافسيهم، وفشل هذا".
وتنوه الصحيفة إلى أنه كان من أهداف الحملة السعودية بالإضافة إلى إعادة الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى صنعاء، وقف خطر الصواريخ الباليستية التي يطلقها المتمردون من شمال اليمن إلى قلب السعودية، إلا أن الهجوم الجريء على منشآت النفط السعودية يوم السبت أثار شكوكا حول حيوية استراتيجية الحرب.
ويذكر التقرير أن المسؤولين ألقوا اللوم على إيران، وحملوها مسؤولية تزويد الحوثيين بالصواريخ والطائرات المسيرة لتطلقها على السعودية، وقال المسؤولون السعوديون يوم الاثنين إن التحقيقات الأولية تظهر أن الأسلحة التي استخدمت في الهجمات، وإن كانت إيرانية، إلا أنها لم تطلق من اليمن.
ويورد كير نقلا عن مسؤول أمريكي، قوله يوم الثلاثاء إن المعلومات الاستخباراتية تشير إلى أن الهجمات التي استخدمت فيها أسلحة طويلة المدى، التي جاءت من شمال- غرب مصفاة بقيق، تركت آثارا فادحة عليها.
وتشير الصحيفة إلى أن طهران وصفت مزاعم تورطها في الهجمات بأنه "لا أساس لها"، إلا أن مستنقع اليمن جر المملكة مع ذلك إلى النزاع مع إيران، فالتوتر يزداد بشكل مستمر منذ خروج الرئيس دونالد ترامب العام الماضي من المعاهدة النووية مع طهران الموقعة في عام 2015، حيث فرض عقوبات جديدة وقاسية، أدت إلى دخول الاقتصاد الإيراني في حالة من الركود.
ويفيد التقرير بأن السعودية دعمت حملة "أقصى ضغط" التي مارستها واشنطن ضد إيران، من أجل وقف تصدير النفط الإيراني تماما، بشكل وضع المملكة وبقية دول الخليج في طريق تصادم مع الجمهورية الإسلامية.
وينقل الكاتب عن سالزبري، قوله إن "هذه سياسة ألغاز منذ فترة، ودون تسوية سياسية فإن اليمن سيقوم بدور المحفز، أو قد يتورط في نزاع إقليمي، خاصة في حال كان هجوم الحوثيين أو هجوم تحملوا مسؤوليته ناجحا".
وتقول الصحيفة إن ما بدأ أنه حرب أهلية معقدة بعد الإطاحة بالرئيس علي عبد الله صالح أثناء انتفاضات الربيع العربي 2011 تطور إلى حرب إقليمية بالوكالة تغذيها السعودية وإيران.
ويورد التقرير نقلا عن داعمي التحالف الذي تقوده السعودية، قولهم بأن التدخل كان ضروريا لوقف التقدم العسكري الحوثي، الذي يرونه امتدادا للتأثير الإيراني، الذي يمثل تهديدا على أمن الخليج والممرات البحرية، التي تربط البحر الأحمر بالمحيط الهندي عبر خليج عدن، مشيرا إلى أن الحملة جاءت في آذار/ مارس 2015، بعد هجوم برمائي للإمارات، أدى إلى وقف تقدم الحوثيين باتجاه ميناء عدن، وعودتهم إلى المناطق الجبلية في الشمال.
ويلفت كير إلى أن الدول الغربية التي دعمت الحملة العسكرية في البداية بدأت بالقلق بعد تحول النزاع إلى أكبر كارثة إنسانية في العالم، وقتل حوالي 100 ألف شخص، بالإضافة إلى انتشار الجوع والأوبئة، مثل الكوليرا، التي جعلت الملايين على حافة المجاعة أو الموت، مع تشريد الملايين من السكان.
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أنه في الوقت الذي تقيم فيه السعودية الأضرار التي تركتها الهجمات على بقيق، فإن الرئيس ترامب قال إن قواته جاهزة للرد، مع أنه عاد وغير قوله بأنه لا يرغب بحرب مع أحد، وفي الوقت ذاته طلب الحوثيون من الأجانب مغادرة المنشآت النفطية السعودية، وتعهدوا باستمرار الغارات، وقالوا في بيان تحذيري: "نستطيع الوصول إليكم متى شئنا وفي الوقت الذي نحدده".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
NYT: هكذا يرى متشددو إيران استراتيجية الدعوة للحرب
WP: لماذا لم تحم صفقات السلاح الأمريكي الباهظة السعودية؟
وول ستريت: دلائل تؤكد انطلاق هجمات أرامكو من قاعدة إيرانية