نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا للصحافيين مايكل صافي وجوليان بورغر، يقولان فيه إن أنظمة الدفاع الصاروخي المتقدمة للسعودية لم تستطع فعل شيء لمنع سرب الطائرات المسيرة وصواريخ كروز، الذي ضرب أحد أهم أجزاء البنية التحتية للنفط خلال عطلة نهاية الأسبوع، فقد صممت للتعامل مع تهديدات أخرى، وكان تراقب الاتجاه الخطأ.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن الضربة الجريئة التي وجهت ضد منشآت تصنيع النفط في بقيق وحقل خريص النفطي صباح السبت، التي تقول السعودية إنها "دون شك مدعومة من إيران"، كشفت محدودية دفاعات الدولة الأكثر نفقة في العالم على السلاح بالنسبة لعدد سكانها.
ويورد الكاتبان نقلا عن محللين، قولهم إن قدرة المملكة على دفع هجمات مستقبلية محدودة، تعتمد كثيرا على استعداد دونالد ترامب للتوصل إلى صفقة مع إيران.
وتقول الصحيفة إن القوات السعودية، كغيرها من الجيوش التقليدية، تسعى جاهدة للحماية من التهديدات الرخيصة وذات التقنيات البسيطة مثل الطائرات المسيرة، وأنفقت السعودية في السنوات الأخيرة مليارات الدولارات على صواريخ باتريوت أرض جو، المصممة لاعتراض أهداف طائرة، مثل طائرات العدو أو الصواريخ البالستية، مشيرة إلى أن صور الأقمار الصناعية تظهر أنه تم نصب بطارية باتريوت واحدة على الأقل في بقيق في الفترة الأخيرة.
ويستدرك التقرير بأن الطائرات المسيرة وصواريخ كروز تطير على مستوى منخفض ما يمنع اكتشافها من الرادارات الأرضية، مشيرا إلى قول عمر لامراني من شركة ستراتفور للتحليل الاستراتيجي: "لم تصمم هذه الأنظمة لتغطية هذه التهديدات".
وينقل الكاتبان عن خبراء، قولهم إنه حتى لو كان بإمكان منظومة الدفاع الصاروخية السعودية رؤية التهديد -في الغالب أن المنظومة تتمتع بمجال رؤية على مدى 120 درجة- ستكون في الغالب موجهة باتجاه إيران عبر الخليج وإلى الجنوب باتجاه اليمن، إلا أنه يعتقد أن بعض الصواريخ والطائرات المسيرة جاءت من الغرب.
وتورد الصحيفة نقلا عن مايكل إيلمان، من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، قوله إنه يظهر من بقايا الصواريخ التي عرضتها السعودية في مؤتمر صحافي مساء الأربعاء، أنها من صاروخ من طراز قدس 1 الإيراني، الذي يتمتع بمدى أقل من 1000 كم، وربما لا يزيد على 500 كم، "ولذلك يبدو الاحتمال الأكبر أن يكون الإطلاق إما من العراق أو إيران، لكن بالتأكيد ليس من اليمن".
ويلفت التقرير إلى أن هناك على الأقل أربعة دفاعات مداها أقل موجودة حول بقيق، بحسب صور الأقمار الصناعية، مشيرا إلى قول الباحث في مركز دراسات منع انتشار الأسلحة في مونتيري، مايك دوتسمان، إنه يبدو أنها كانت في الطرف الخطأ من المنشأة، أو أنها رأت الطائرات المسيرة الصغيرة والصواريخ بعد فوات الأوان على إسقاطها.
وينقل الكاتبان عن لامراني، قوله: "هذا الهجوم شيء جديد، إنه شيء لم يكن السعوديون يتوقعون حدوثه".
وتذكر الصحيفة أن أمريكا تشارك المعلومات الاستخباراتية مع السعودية، لكن حتى ذلك له محدودية، بحسب ما قاله رئيس رئاسة الأركان المشتركة، الجنرال جوزيف دانفورد، للمراسلين يوم الأربعاء، وأضاف: "ليست لدينا رقابة لا تسهو على الشرق الأوسط كله طيلة الوقت".
ويورد التقرير نقلا عن المحللة في شركة راند، بيكا واسر، قولها إن ما أعاق رد الفعل السعودي هو تنظيم قواتها، ومعظم المبيعات الدفاعية من أمريكا ذهبت للجيش السعودي، والبنية التحتية النفطية للسعودية هي مسؤولية وزارة الداخلية، التي في العادة تركز على التهديدات الداخلية، وفي الوقت ذاته هناك دفاعات جوية يديرها الحرس الوطني.
وينوه الكاتبان إلى أن البنية التحتية الأخرى الضرورية في السعودية هي محطات تحلية المياه والأنابيب الطويلة التي تنقلها إلى المدن الرئيسية، التي تبدو الآن عرضة للخطر، مشيرين إلى قول كبير الباحثين في مركز برشلونة للشؤون الخارجية إيكارت وويرتز: "هذه المنشآت كلها كبيرة وفوق الأرض".
وتنقل الصحيفة عن مستشار الأمن القومي السابق للرئيس جورج بوش الابن، روبرت ماكنالي، الذي يرأس الآن مجموعة "رابيدان" للطاقة، قوله: "أرادت إيران من خلال هذا الهجوم إظهار أن لديها الإمكانيات والاستعداد للقيام بهجمات دقيقة جدا على أهم بنية تحتية نفطية في العالم.. ويمكن أن يعودوا يوم الثلاثاء القادم أو بعد أسبوع من يوم الجمعة، ويمكنهم فعل ذلك ثانية".
ويورد التقرير نقلا عن محللين، قولهم إن الرياض سوف تسعى في ردها لتجنب أي شيء قد يتسبب بتوسيع الصراع، خاصة إن لم يكن بإمكانها الاعتماد على الدعم الأمريكي، مشيرا إلى قول وويرتز: "لدى سلاح الجو السعودي إمكانيات، لكنه يعتمد جدا على أمريكا من أجل الذخيرة وتعبئة الوقود والمراقبة"، وأضاف: "من حيث وجود جنود على الأرض، فإمكانياتهم محدودة، وليس لديهم العديد من الجنود في اليمن، حيث يعتمدون على المرتزقة".
ويفيد الكاتبان بأن ترامب أوضح جيدا في الأيام الأخيرة أنه ضد اللحاق بالسعودية لخوض مواجهة شاملة، وقال دانفورد في لندن يوم الثلاثاء: "إن الرئيس جعل من الواضح بأنه لا يتطلع للذهاب إلى الحرب.. ما رأيناه كان اعتداء غير مقبول، وهذه عدة طرق للتعامل معه".
وتجد الصحيفة أن ما يزيد من تعقيد الوضع بالنسبة للرياض هو أنها لا تملك خيارا للتهدئة في المواجهة القائمة، فمطلب إيران هو رفع حظر بيع النفط عنها، الذي يشل الاقتصاد، وهو أمر لا يمكن إلا لأمريكا أن تقوم به، مشيرة إلى قول لامراني: "لكن طريق التصعيد أيضا خطير للسعودية؛ لأنه يعرض البنية التحتية لقطاع الطاقة للضربات الإيرانية".
ويذهب التقرير إلى أن الهجوم جعل إحداث تقدم دبلوماسي مفاجئ بين أمريكا وإيران بعيد المنال على المدى القصير، مشيرا إلى أن الأكثر احتمالا، بحسب المحللين، هو توجيه ضربة عسكرية محدودة يتم موازنتها بدقة لردع إيران من التصعيد دون إشعال حرب شاملة.
وينقل الكاتبان عن ماكنالي، قوله: "رد فعل محدود ومتناسب سيكون على شكل قيام القوات السعودية أو الأمريكية أو كلاهما بإطلاق وابل من صواريخ الكروز.. ضد منشآت أو أراض انطلقت منها هذه الهجمات".
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى قول لامراني: "ستكون ضربة رمزية متناسبة بشكل مباشر.. لقد ضربتم أهم منشأة نفطية لدينا ولذلك سنضرب منشأتكم ثم نتراجع".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
WP: لماذا لم تحم صفقات السلاح الأمريكي الباهظة السعودية؟
وول ستريت: دلائل تؤكد انطلاق هجمات أرامكو من قاعدة إيرانية
NYT: ماذا تعني رسائل ترامب المتناقضة حول هجوم أرامكو؟