جاء اعتقال أجهزة الأمن المصرية، الأربعاء، لأستاذي العلوم السياسية بجامعة القاهرة، حسن نافعة، وحازم حسني، والصحفي خالد داوود، ليثير التساؤلات حول ما ستجره سياسات التعامل الأمني التي ينتهجها النظام في ظل تصاعد الحراك الثوري بالبلاد، وحول ما تبقى للمصريين من خيارات لمواجهة النظام.
وتشهد مصر منذ الجمعة الماضية، حملة اعتقالات واسعة بحق المتظاهرين السلميين الذي خرجوا للميادين بعدة مدن معبرين عن رفضهم لاستمرار حكم رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي، بعدما كشفه الممثل والمقاول محمد علي، من فساد يطال المؤسسة العسكرية والسيسي نفسه.
وحسب منظمات حقوقية فقد يصل عدد المعتقلين 1500 معتقلا، فيما طالت تلك الحملة محامون مدافعون عن المعتقلين بينهم الناشطة ماهينور المصري الاثنين، و17 من قيادات "حزب الاستقلال"، الثلاثاء، بينهم الأمين العام للحزب مجدي قرقر، وذلك على خلفية دعوة الحزب المصريين للتظاهر بميدان "التحرير".
واستباقا لمظاهرات دعا لها محمد علي، الجمعة المقبلة، تواصلت حملة الاعتقالات لتطال فجر الأربعاء، الأكاديمي حازم حسني، المتحدث السابق باسم الفريق سامي عنان، والأكاديمي حسن نافعة، المنسق العام للجمعية الوطنية للتغيير، الذين يعتبرهما نشطاء من رموز المعارضة الناعمة التي تعتمد التغيير من داخل النظام ولا تؤسس للخروج عليه بالتظاهرات ولا تؤمن بفكرة الانقلاب من الجيش.
ويأتي اعتقال نافعة، بعد ساعات من تسريب الإعلامي وائل الإبراشي، الثلاثاء، مكالمة صوتية له، أثناء الاتفاق على مقابل مادي للمشاركة بفيلم تسجيلي لفضائية "الجزيرة". بآخر تغريداته بـ"تويتر"، قال نافعة: "استمرار حكم السيسي المطلق سيقود إلى كارثة, وأن مصلحة مصر تتطلب رحيله اليوم قبل الغد, لكنه لن يرحل إلا بضغط شعبي من الشارع, وعلينا في الوقت نفسه اختيار أقل الطرق كلفة لضمان انتقال السلطة إلى أيد أمينة, وأن نتجنب سيناريو الفوضى".
اقرأ أيضا: تصاعد حملة الاعتقالات في مصر استباقا لمظاهرات الجمعة
وسجلت آخر تدوينة لحازم حسني، عبر "فيسبوك"، انتقادات واسعة لإعلام النظام، واصفا ما يقدمه، بالسقوط الأخلاقي.
تلك الحملة الأمنية دفعت منظمة "هيومن رايتس ووتش" لمطالبة القاهرة بحماية حق التظاهر السلمي وإطلاق سراح من تم توقيفهم، كما طالبت منظمة "العفو الدولية" الثلاثاء، بـ"الإفراج الفوري" عن المعتقلين، خلال ما أسمته بالرد القمعي ضد المتظاهرين وسحق النظام لحقوق الاحتجاج السلمي وحرية التعبير.
وفي رده على التساؤل بعد اعتقال المتظاهرين و"المعارضة الناعمة"، قال الناشط السياسي سمير عليش: لقد "ترك لهم الإرهاب، والثأر، والخوف، وتمزق النسيج الوطني من ناحية، والتيار الشعبوي الفوضوي من ناحية أخرى"، مضيفا: "يا فرحة الصهيونية".
عليش، أحد قيادات التيار المدني، وصف في حديثه لـ"عربي21"، تصعيد النظام تجاه المعارضة الناعمة الذين من المفترض أن يستعين بهم في أزماته والاستعانة بما لديهم من حلول بأنه "غشم وعناد من السيسي، ويقين أنه مختار من الله طبيبا، ومحميا من الصهيونية العالمية، والرجعية العربية، ويعتقد بذلك أن ظهره للحيط".
وأكد أن هذه الضغوط الأمنية لم تبق إلا خيار الشارع بكل أخطاره، مشيرا إلى أنه "بالطبع سيكون القرار للتيار الشعبوي الفوضوي".
من جانبه أكد الكاتب الصحفي قطب العربي، أن "السيسي يعتقل الآن الجميع سواء معارضة ثورية أو إصلاحية أو هادئة جدا مثل حسن نافعة، وحازم حسني، وخالد داوود".
أحد رموز ثورة يناير قال لـ"عربي21": "نحن أمام أجواء تُذكرنا بأجواء اعتقالات 5 سبتمبر 1981، بعهد الرئيس أنور السادات، حينما سجن 1536 من القيادات والرموز الحزبية والسياسية".
وأشار العربي إلى أن "عدد المعتقيلن بعهد السادات يقارب العدد المعتقل الآن، حيث تجاوزنا 1300 معتقل بأقل من أسبوع، وهو عدد مرشح للزيادة في المظاهرات المحتملة الجمعة المقبلة، والهدف كسر إرادة الناس عن النزول".
اقرأ أيضا: حسن نافعة: استمرار حكم السيسي يقود مصر إلى كارثة
وتحدث الصحفي المعارض، عن ازدواجية النظام باعتقال المتظاهرين وفي نفس الوقت حشد أنصاره للنزول يوم الجمعة دون عوائق بالمرة، بل بتسهيلات من توفير الحافلات ووجبات وأعلام ولافتات بدعم رجال الأعمال أو الجهاز الإداري للدولة.
وتعجب العربي، من "سماح النظام لبعض المصريين التعبير عن دعمهم له، في حين يمنع مصريين آخرين ويعتقل رموزهم وقياداتهم السياسية ولا يسمح بأي صوت معارض".
وختم بالقول: "ولذا فليس أمام المصريين للتعبير عن رأيهم سوى النزول للشارع لمواجهة هذه التحديات؛ لأنهم لو سكتوا عليها ستزداد صعوبة وقهرا".
وعلق الأكاديمي نادر فرجاني على الاعتقالات في صفوف الجبهة الناعمة من المعارضة بقوله عبر "فيسبوك": "بعد اعتقال الأمل، اعتقال العقل، العصابة التي تعتقل حسن نافعة، وحازم حسني؛ طاش صوابها ويحكمها معاتيه مذعورون ومسعورون".
كما وصف المحامي عبدالمجيد راشد، النظام بـ"المسعور"، مؤكدا أن الدكتور حازم حسني، "من حكماء وعقلاء المحروسة".
وعبر صفحته بـ"فيسبوك"، أكد أستاذ الإقتصاد بأكاديمية السادات شريف حسن قاسم، أن "القبض على الساسة وقادة الأحزاب المدنية والمفكرين السلميين والتعامل معهم بنفس معاملة الإرهابيين والقتلة؛ لن يحقق استقرارا"، موضحا أنه "قد يشيع الخوف بعض الوقت، ولكنه حتما سيزيد الفتنة اشتعالا لوقت أطول ويهيئ المناخ لمزيد من الانفجارات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية".
مصادرة أملاك المعتقلين.. أداة السيسي الجديدة ضد المعارضين
وثائق "عربي21" كشفت محاولة غسيل مخ الجيش المصري
مختصون: هذه الملفات المطروحة خلال زيارة السيسي للكويت