ملفات وتقارير

ماذا يعني "استبعاد" قسد من اللجنة الدستورية.. وما صحته؟

لا يبدو أن تركيا إحدى الدول الضامنة ستكون موافقة على مشاركة قسد باجتماع اللجنة الدستورية- جيتي

أثارت تصريحات المبعوث الأمريكي الخاص للشؤون السورية، جيمس جيفري، بشأن مشاركة "قسد" في اجتماع اللجنة الدستورية السورية المرتقب، جدلا حول صحته، وسط نفي من المعارضة السورية والنظام، ورفض من "الدول الضامنة".

 

وقال جيفري، إن ممثلين عن "قوات سوريا الديمقراطية" وإدارة مناطق شمال شرق سوريا سيشاركون في أعمال اللجنة الدستورية السورية.

جاء ذلك وفق ما صرح به للصحفيين على هامش فعاليات الجمعة العامة للأمم المتحدة في نيويورك، بحسب ما أكدته وكالة "نوفوستي" الروسية.

 

ونقلت عن جيفري قوله، إن "شمال شرق سوريا سيكون له تمثيل (في اللجنة الدستورية)، فبين الـ50 شخصا الذين اختارتهم الأمم المتحدة، يوجد ممثلون عن مناطق الشمال الشرقي".

 

اقرأ أيضا: "الدول الضامنة" تدفع نحو عقد أول اجتماع لـ"اللجنة الدستورية"

وردا على سؤال عما إذا كانت "قسد" والمجالس الديمقراطية السورية التابعة لها ستشارك في اللجنة، أجاب "بالطبع".

وقال إن "مشاركة قوات سوريا الديمقراطية يجري بحثها باستمرار، بما في ذلك مع شركائنا الأتراك".

 

في المقابل، أكد عضو الهيئة السياسية في الائتلاف السوري، يحيى مكتبي، لـ"عربي21"، تعليقا على تصريجات جيفري، إنها بحاجة لتدقيق، بحسب قوله إن قوات سوريا الديمقراطية لا وجود لها في اللجنة الدستورية التي ستعقد اجتماعها في جنيف قريبا.

 

وأكد أن موقف الائتلاف السوري من مشاركة قسد أو أي جناح لها، في اللجنة الدستورية غير مقبول، مشددا على أن "موقفنا واضح ولم يتغير، نحن لسنا مع مشاركة جهة تُدار من جبال قنديل"، في إشارة إلى مقر حزب العمال الكردستاني "بي كاكا" المصنف إرهابيا وفق أنقرة وبعض الدول الأخرى، وتعد "قسد" إحدى أذرعها المسلحة في سوريا.

 

وأكد كذلك وزير خارجية النظام السوري، وليد المعلم، أن "قسد ليسوا مشاركين".

 

وسبق أن رفضت الإدارة الذاتية التابعة لقوات قسد، طبيعة تشكيل اللجنة الدستورية، ما دفع المعلم للقول لصحيفة "الوطن" الموالية، ردا على عدم اعتراف "الإدارة الذاتية" بما سيخرج عن اللجنة الدستورية: "ومن قال أنهم مشاركون".

 

استبعاد قسد


ويأتي استبعاد "قسد" التي تشكل الوحدات الكردية عصبها الرئيس، وجناحها السياسي "الإدارة الذاتية"، من اللجنة الدستورية السورية، ليضاعف من مخاوف "الوحدات الكردية" باستبعادها من الحل السياسي، رغم سيطرتها على مساحات كبيرة من الجغرافية السورية.

ولم تخف الإدارة الكردية، غضبها من عدم إشراكها في اللجنة الدستورية التي تبحث في وضع دستور جديد لسوريا بمشاركة المعارضة والنظام، حيث اعتبر بيان صادر عنها أن ذلك يعد مخالفة لقرارات مجلس الأمن حول سوريا.

وطالبت الأمم المتحدة بإعادة النظر في تشكيل اللجنة الدستورية السورية.

 

وقال الرئيس المشترك للمجلس التنفيذي في "الإدارة الذاتية": "نطالب الأمم المتحدة بإعادة النظر بالخطوة غير العادلة، التي لا تمثل حق السوريين في المشاركة من أجل التعامل بشكل ديمقراطي".

ووصل الغضب بالمسؤولين الأكراد، إلى حد الإعلان عن عدم الاعتراف بما سيصدر عن اللجنة الدستورية.

 

اقرأ أيضا: غوتيريش: بدء عمل اللجنة الدستورية في سوريا خلال أسابيع

الوزن السياسي

وحول دلالات ذلك، عدّ الخبير بالشأن الكردي، الدكتور فريد سعدون، في حديثه لـ"عربي21"، أن "استبعاد الإدارة الذاتية من اللجنة الدستورية، يؤشر إلى انعدام وزنها السياسي".

وقال إن سبب استبعاد الإدارة الذاتية، من اللجنة الدستورية، وقبلها من المؤتمرات السياسية للمعارضة، ارتباط حزب "الاتحاد الديمقراطي" الكردي، الذي يقود الإدارة الذاتية، بحزب "العمال الكردستاني" المصنف على قوائم الإرهاب الدولية.

ووفق سعدون، فإن هناك إجماعا دوليا على عدم إشراك الإدارة الذاتية بأي اتفاق سياسي، مستدركا القول: "أما عسكريا، فهذا شأن آخر، خصوصا أن الولايات المتحدة هي المستفيدة من ذلك الدور".

وبهذا المعنى، يعتقد الأكاديمي الكردي، أن الولايات المتحدة لا تريد إشراك الإدارة الذاتية في الحل السياسي، لأنها تريد مواصلة استثمارها عسكريا، مضيفا: "أمريكا تريد أن تبقى "قسد" خارج التصنيفات السورية (المعارضة والنظام)، لأن ذلك يتناسب مع مصالح واشنطن، أي إطالة أمد الأزمة من خلال أداة محلية، بإشعال صراع هنا أو هناك".

أما الناشط السياسي أحمد الصالح، فاعتبر في حديثه لـ"عربي21" أن "الولايات المتحدة، وصلت إلى مرحلة الاستغناء عن "قسد"، أو عن المكون الانفصالي فيها (قيادات العمال الكردستاني)، حيث تتفاوض مع أنقرة لتسليم الشريط الحدودي والمدن الكبيرة فيه، لانتزاع الحاضنة الشعبية من التيار الانفصالي داخل المليشيات الكردية".

وقال إن "الولايات المتحدة لو كانت متمسكة بتحالفها مع "قسد" لكانت فرضت حضورها في اللجنة الدستورية".

أمر طارئ

من جانبه، رأى الباحث عرابي عبد الحي، أن إقصاء الإدارة الذاتية من اللجنة الدستورية المتعمد يشير إلى تعاطي الأمم المتحدة مع القوى الكردية بحجم واقعها الافتراضي الطارئ، موضحا لـ"عربي21"، أن الإدارة أمر فرضته ضرورة التحالف، ولا تمتلك أن تفرض شروطها ورؤاها في دولة تتجاذب مسارات الحل فيها الولايات المتحدة وروسيا.

ووفقا لذلك، فإن غضب الإدارة الكردية ينبغي أن يقرأ ضمن سياق التذكير بأنهم موجودون وبامتلاكهم الحق في رسم القرار المستقبلي لسوريا، وفق عبد الحي.

المشهد لا يسمح

وعن جدية التهديدات التي يطلقها المسؤولون الأكراد، من قبيل عدم الاعتراف بما سيصدر مستقبلا عن اللجنة الدستورية، رأى الباحث في العلاقات الدولية، هشام منوّر، أن المشهد السوري، لا يسمح لأي جهة أيا كانت بتنفيذ أي تهديد يتعلق بمستقبل وشكل سوريا في المستقبل القريب، لا سيما بعد إعلان الأمم المتحدة إطلاق اللجنة الدستورية.

وأضاف لـ"عربي21" أن "كل هذا الضجيج الكردي، يندرج في إطار إبداء الانزعاج من تهميش "قسد" واستبعادها من اجتماعات وتكوين اللجنة الدستورية، بالتالي هي محاولة للفت الانتباه والتأكيد على الحضور قبل الشروع في الإعداد لمسودة الدستور".

فشل سياسي

بدوره، رأى الباحث بالشأن السوري، مهند الكاطع، أن عدم إشراك "قسد" في اللجنة الدستورية، يعكس "فشلا بإقناع المجتمع الدولي والدول الفاعلة في سوريا والمعارضة بأنها تشكل بالفعل حركة سورية".


وتابع حديثه لـ"عربي21": "أمريكا لم تتبناهم سياسيا في أي مرة في تاريخ حلفهم العسكري".


يذكر أنه وبعد إعلان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الاثنين، عن تشكيل اللجنة الدستورية، يُنتظر أن تبدأ هذه اللجنة عملها في الأسابيع المقبلة.