ارتفعت حصيلة قتلى الاحتجاجات والمظاهرات في العراق الأربعاء، إلى سبعة بينهم شرطي، بعد مقتل متظاهرين اثنين جنوبي البلاد، وسط دعوات أطلقها الرئيس العراقي برهم صالح، طالب فيها المتظاهرين بضبط النفس.
وأعلن رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي حظر التجول في بغداد اعتبارا من الخامسة من صباح غد الخميس حتى إشعار آخر.
وقُتل متظاهرين وأصيب آخرين في محافظة "ذي قار" والناصرية جنوبي العراق، جراء استخدام قوات مكافحة الشغب الرصاص الحي في تفريق احتجاجات أمام وداخل مبنى مجلس المحافظة، وفق شهود عيان، ليرتفع عدد القتلى منذ أمس إلى سبعة. بحسب إحصائية غير رسمية.
قال شهود من رويترز إن دوي انفجار سُمع في بغداد في وقت متأخر من مساء الأربعاء من ناحية المنطقة الخضراء الشديدة التحصين في العاصمة العراقية.
ولم يعرف بعد سبب الانفجار. وأكد جندي عراقي بالمنطقة الخضراء أن صوت الانفجار جاء من المنطقة ولكنه لم يدل بتفاصيل أخرى.
وفي تطور جديد، قررت السلطات العراقية إعادة إغلاق المنطقة الخضراء وسط بغداد، التي تضم مقار حكومية والسفارة الأميركية، بعدما أعيد فتحها في حزيران/ يونيو الماضي.
وانتشرت المدرعات العسكرية وعناصر أمنيون عند المداخل والطرق المؤدية إلى المنطقة الخضراء، بحسب المصدر نفسه.
ويتخذ المتظاهرون في بغداد من ساحة التحرير نقطة انطلاق لتظاهراتهم، والتي لا يفصلها عن المنطقة الخضراء سوى جسر لعبور نهر دجلة، فيما قال مرصد مراقبة الإنترنت في العراق "نتبلوكس" إن الخدمة قطعت عن عدة مناطق بالعراق بينها بغداد.
من جهة أخرى، قالت مصادر محلية إن محتجين اقتحموا مطار بغداد الدولي.
اقتحام #مطار #بغداد الدولي .#بغداد_بوست pic.twitter.com/XHoOQzfyDx
واتسعت رقعة المظاهرات، ووصلت إل محافظات ومدن أخرى، ففي الديوانية، أحرق متظاهرون البوابة الخارجية لمبنى مجلس المحافظة، فيما قام متظاهرون آخرون في محافظة ذي قار بإحراق مبنى المحافظة أيضا.
وأطلقت قوات الأمن الرصاص الحي في الهواء لتفريق محتجين، فيما علقت الخارجية الأمريكية، وطالبت جميع الأطراف بخفض التوتر.
وكانت تظاهرات انطلقت، الثلاثاء، أسفرت عن مقتل خمسة متظاهرين في أعمال عنف حملت الحكومة مسؤوليتها إلى "مندسين".
وفي مواجهة أول امتحان شعبي لها منذ تشكيلها قبل عام تقريباً، اتهمت الحكومة العراقية "معتدين" و"مندسين" بالتسبب "عمداً بسقوط ضحايا بين المتظاهرين".
واستخدمت قوات مكافحة الشغب مجدداً الرصاص الحي لتفريق مئات المتظاهرين الذين خرجوا للمطالبة بمحاسبة الفاسدين ومكافحة البطالة، وصولاً إلى رفض تنحية قائد عسكري شعبي.
وامتدت التظاهرات إلى خمسة أحياء في بغداد، منها حي الزعفرانية بجنوب العاصمة، حيث أقدم المتظاهرون على حرق إطارات، سمع مراسل وكالة فرانس برس أزيز الرصاص على غرار يوم الثلاثاء في وسط بغداد، في محيط ساحة التحرير التي انطلقت منها التظاهرة.
ووفقاً لمصادر طبية، نقل نحو عشرة أشخاص إلى مستشفيات بغداد، مشيرة إلى أنهم كانوا يعانون من الاختناق نتيجة استنشاق الغاز المسيل للدموع أو أصيبوا خلال عمليات التدافع.
وكشف مصدر طبي، الأربعاء، أن حصيلة تظاهرات العاصمة العراقية بغداد فقط بلغت وحدها 4 قتلى وأكثر من 700 إصابة بحالات اختناق وجروح بينهم حالات خطرة.
وكشفت المصدر الطبي في حديث لوكالة الأناضول، أن "أغلب المصابين تتراوح أعمارهم بين 16 و20 عاما".
ولفت المصدر، الذي رفض الكشف عن هويته لأنه غير مصرح له التصريح لوسائل الإعلام إلى أن "هوية بعض المتظاهرين تبين أنهم قادمون من محافظات أخرى إلى العاصمة بغداد".
ويبدو أن المتظاهرين عازمون على الاستمرار في تحركهم. ففي الزعفرانية، قال عبدالله وليد (27 عاماً) لفرانس برس إنه خرج للتظاهر الأربعاء "لدعم إخواننا في ساحة التحرير" التي ضربت القوات الأمنية طوقاً أمنياً حولها.
"نطالب بكل شيء"
وأضاف في شارع تتمركز فيه مدرعات قوات مكافحة الشغب: "نطالب بفرص عمل وتعيين الخريجين وتحسين الخدمات، مضت علينا سنوات نطالب، ولا جواب من الحكومة".
أما في حي الشعب، ووسط سحب الدخان الناتج عن حرق الإطارات، قال محمد الجبوري الذي يعمل كاسباً رغم أنه يحمل شهادة في الهندسة: "نطالب بكل شيء، نطالب بوطن، نشعر بأننا غرباء في بلدنا، لا دولة تتعدى على شعبها كما فعلت هذه الحكومة. نحن نتعامل بسلمية ولكنهم أطلقوا النار".
وتجمع الثلاثاء، للمرة الأولى منذ استلام حكومة عادل عبد المهدي السلطة قبل عام تقريباً، أكثر من ألف متظاهر.
وهذه التظاهرة غير مسبوقة، إذ إنها لم تنطلق بدعوة من حزب أو زعيم ديني كما تجري العادة في بغداد، بل جمعت الغاضبين المحتجين على غياب الخدمات العامة والبطالة.
ويعاني العراق، الذي أنهكته الحروب، من انقطاع مزمن للتيار الكهربائي ومياه الشرب منذ سنوات، ويحتل المرتبة 12 في لائحة الدول الأكثر فساداً في العالم، بحسب منظمة الشفافية الدولية.
وبحسب تقارير رسمية، فمنذ سقوط نظام صدام حسين في العام 2003، اختفى نحو 450 مليار دولار من الأموال العامة، أي أربعة أضعاف ميزانية الدولة، وأكثر من ضعف الناتج المحلي الإجمالي للعراق.
وعنونت صحيفة "البيّنة الجديدة" العراقية إن هذا الحراك لم يشهد "لأول مرة.. لا رايات ولا صور ولا شعارات حزبية".
"قمع"
وفرقت قوات الأمن التظاهرات، الثلاثاء، في بغداد ومدن عدة من جنوب البلاد بالقوة، أولاً بخراطيم المياه والغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي.
اقرا أيضا : قتلى وإصابات بقمع تظاهرة ببغداد ورئيس الوزراء يعلق (شاهد)
وعلق الرئيس العراقي على تويتر بالقول إن "التظاهر السلمي حقٌ دستوري (...) أبناؤنا في القوات الأمنية مكلفون بحماية حقوق المواطنين".
وأضاف: "أبناؤنا شباب العراق يتطلعون إلى الإصلاح وفرص العمل، واجبنا تلبية هذه الاستحقاقات المشروعة".
من جانبها، أعربت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين هينيس-بلاسخارت عن "قلق بالغ"، داعية السلطات إلى "ضبط النفس في التعامل مع الاحتجاجات".
بدورها، أبدت لجنة حقوق الإنسان النيابية اعتراضها على "ردة الفعل الخاطئة وأسلوب قمع التظاهرات السلمية"، مؤكدة على ضرورة أن "يتحمل الجميع مسؤوليته".
من جهته دعا رئيس البرلمان محمد الحلبوسي إلى التحقيق في الموضوع، على غرار رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر الذي يرفع راية مكافحة الفساد.
أما عبد المهدي، فقد أصدر بياناً قال فيه "نحيي أبناء قواتنا المسلحة الأبطال الذين أظهروا قدراً عالياً من المسؤولية وضبط النفس" في وجه "المعتدين غير السلميين (...) وتسببوا عمداً بسقوط ضحايا بين المتظاهرين".
وأثار هذا البيان تعليقات نارية على وسائل التواصل الاجتماعي صباح الأربعاء، بينما كان السياسيون داعمين للمتظاهرين.
قتلى وإصابات بقمع تظاهرة ببغداد ورئيس الوزراء يعلق (شاهد)
انتهاء مهام قائد التحالف الدولي في سوريا والعراق رسميا
18 قتيلا بقصف على فصائل عراقية مسلحة داخل سوريا (شاهد)