نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا للناشطة السعودية منال الشريف، تقول فيه إن بعض العبارات التي سمعتها من العاملين في الإعلام العالمي بعد مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقحي، في شهر تشرين الأول/ أكتوبر، عبارات مثل "أنت واحدة من آخر المعارضين" و"الآخرين لا يجرؤون على الكلام – ألست خائفة على حياتك؟".
وتقول الشريف في مقالها، الذي ترجمته "عربي21"، إنه "في وقتها كانت هناك تفاصيل جديدة تظهر كل يوم عن الطريقة البشعة التي انتهت بها حياته، وبعد عام مانزال نبحث عن أجوبة وننتظر أن تتم محاسبة المسؤولين".
وتستدرك الكاتبة قائلة: "لكن تعليقاتي على تلك العبارات بقيت ذاتها: (إنهم خائفون منا أكثر مما نحن خائفون منهم، لقد قتلوا جمال لكن صوته الآن أعلى من أي وقت مضى)".
وتشير الشريف إلى أنه "عندما غادر جمال السعودية في 2017، كان أحد أشهر الصحفيين السعوديين، وكان قد فقد حظوته عند الحكومة السعودية بسبب انتقاده ولي العهد محمد بن سلمان والتدخل الذي تقوده السعودية في اليمن، لكن جمال كان يحب وطنه، واعتقد فعلا بأنه من خلال العيش في المنفى فإنه يمكنه أن يستمر في خدمته باستخدام صوته الداعي إلى الإصلاحات".
وتجد الناشطة أن "اغتيال جمال في القنصلية السعودية في اسطنبول، كان رسالة واضحة من ولي العهد، وتحذيرا بشعا لكل من يجرؤ على السؤال أو الانتقاد أو التحدي. وكان مصير جمال مخيفا للسعوديين الذين يعيشون في المنفى، وكان تذكيرا لهم بأن الحدود لا تحمي الأشخاص من الديكتاتوريين، وبدأ الناس يسألون أنفسهم: (هل يمكن أن يحدث لي ما حدث لجمال؟)".
وتقول الشريف: "اعتقد النظام السعودي بأن قتل جمال سيسكت منتقديه في الخارج، لكن كان له أثر عكسي. أقول هذا من تجربتي، فأنا مثل جمال أعيش في منفاي الاختياري منذ عام 2017، تركت السعودية لأعيش في أستراليا؛ لأن الحياة في وطني لم تعد ممكنة بسبب نشاطي، وكنت قد فصلت من عملي ولم أستطع الحصول على عمل آخر في المنطقة".
وتلفت الكاتبة إلى أن "كثيرا آخرين واجهوا خيارا شبيها، فمنذ صعوده إلى السلطة، طرح ولي العهد مجموعة من الإجراءات التي تبدو (تقدمية) لتحديث المملكة، بما في ذلك القرار برفع الحظر عن قيادة النساء للسيارة في حزيران/ يونيو 2018، لكنه استخدم إصلاحاته للتغطية على حملته الوحشية ضد المعارضين وناشطي حقوق الإنسان".
وتفيد الشريف بأن "أحد هؤلاء الناشطين زميلتي المدافعة عن حقوق المراة لجين الهذلول، المعتقلة منذ أيار/ مايو 2018، التي يتم تعذيبها في السجن بحسب التقارير، كانت تدرس في الإمارات عندما تم اختطافها وإعادتها للسعودية، وماتزال في السجن، وتم توجيه تهم لها بارتكاب (جرائم)، مثل الحديث مع صحفيين أجانب، وتقديم طلب للعمل في الأمم المتحدة، إن قصتها مثل قصة جمال تبرز ثمن نشاطنا".
وتنوه الكاتبة إلى أن "عدد المعارضين في الخارج زاد منذ صعود ولي العهد للسلطة، وبحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإن ما لا يقل عن 815 سعوديا قدموا طلبات لجوء عام 2017، مقارنة مع 195 عام 2012، وداخليا وبحسب دراسة بتكليف من الديوان الملكي السعودي، توقعت أن يصل عدد السعوديين الذين سيقدمون طلبات لجوء سياسي إلى 50 ألفا مع حلول عام 2030".
وتقول الشريف: "لقد أخافت حملة القمع ضد معارضي ولي العهد العدد المتزايد من المعارضين السعوديين الذين يعيشون في الخارج، لكنها لم تسكتنا، بل إننا نستغل هذا الخوف لتغذية حوار غير مسبوق حول الحقوق المدنية والسياسية وحقوق الإنسان حول العالم، ومن كان في السابق صامتا أو يتحدث دون ذكر اسمه يقرر اليوم الحديث علنا".
وتضيف الكاتبة: "في نيسان/ أبريل قمت بقيادة سيارة لأكثر من 3000 ميل عبر الولايات المتحدة للتوعية بمعاملة بلدي للنساء، وفي الطريق من سان فرانسيسكو لواشنطن قابلت العديد من الناس الذين سمعوا بقصة جمال، لكن القليل منهم كان يعرف قصص النساء اللواتي يخاطرن بسلامتهمن وحريتهن في السعودية اليوم، وشاركت قصة لجين، وقلت للناس إنهم كما يعرفون عن جمال، يجب أن يعرفوا عن لجين".
وتتابع الشريف قائلة: "كنت قد خططت أن أنهي رحلتي بمظاهرة خارج السفارة في واشنطن، وللمفارقة كان هذا مبرمجا ليحصل بعد أن تسلمت أول سفيرة سعودية منصبها في السفارة في واشنطن، وفوجئت عندما دعاني المتحدث باسم السفارة إلى داخل السفارة لمقابلتها، فأجبته (أقابلها في الخارج)، فلا أريد الدخول إلى السفارة ما دامت جريمة قتل جمال مرت دون تحقيق العدالة، وأدركت حينها أن هذا بالضبط هو ما يفعله المعارضون السياسيون في الخارج، يواجهون الحكومة السعودية من الخارج".
وتختم الناشطة مقالها بالقول: "لقد خلف مقتل جمال ثغرة يجب على السعوديين في المنفى ملؤها، لكن في الوقت الذي يجد فيه السعوديون في الخارج صوتا لهم، آمل أن نجتمع وأن نقف متوحدين ضد الظلم الذي نراه يقع في وطننا".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
الغارديان: موقف بريطانيا تجاه السعودية خيانة لذكرى خاشقجي
نيويورك تايمز: ماذا فعل مقتل جمال خاشقجي لنا؟
NYT: سيبقى ظل جريمة خاشقجي يطارد محمد بن سلمان