شكلت ليلة الأربعاء لحظة فارقة على الساحة السياسية التونسية، إذ تفجرت قضية تعامل المرشح لرئاسة البلاد، نبيل القروي، مع شركة علاقات عامة كندية، يديرها رجل استخبارات إسرائيلي سابق، وذلك بعقد بلغت قيمته مليون دولار أمريكي، ما يطرح أسئلة بشأن مستقبله الانتخابي والمسار الديمقراطي في البلاد بشكل عام.
وسعى القروي، زعيم حزب "قلب تونس"، بحسب نص مسرب للاتفاق، إلى توظيف الشركة في حشد تأييد غربي وأممي له، والترتيب للقاء يجمعه بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
يأتي ذلك مع استمرار احتجازه على ذمة قضايا فساد، وقبل أسبوعين على مواجهته المرشح المستقل، قيس سعيد، في الجولة الثانية والفاصلة لتحديد رئيس البلاد المقبل.
من جانبه، نفى حزب "قلب تونس" صحة الوثائق "واعتبرها إشاعات وحملات تشويهية شرسة تطال منذ سنوات نبيل القروي، تجاوزت كل الخطوط الحمراء ولن نسكت عنها".
وفي حديث لـ"عربي21"، قال أسامة الخليفي، منسق الحملة التشريعية و الرئاسية لحزب قلب تونس: "سنقاضي كل من قام بنشر هذه الوثائق وروج لها، وسنقدم شكاية للقضاء ولا علاقة لنا بها".
وقال الخليفي إن الغاية من نشر تلك الوثائق هي "مواصلة تشويه القروي، ما يعكس خوفا من نتائج الانتخابات".
اقرأ أيضا: ضابط موساد سابق يؤكد اتفاقه مع القروي.. وهذه صورة للعقد
إلا أن مصدرا من الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، رفض الكشف عن اسمه، قال لـ"عربي21" إن "الهيئة ستتولى التثبت في مصدر الوثائق التي تم نشرها ومدى صحتها ومتابعتها"، مؤكدا ضرورة أن تعمل وزارتا الخارجية والعدل على الملف بشكل حثيث.
"أيادٍ خفية" ومآلات وخيمة
في تدوينة له بعنوان نبيل القروي..."الطريق إلى أيلات"، أشار المدير السابق للديوان الرئاسي، عدنان منصر، إلى وجود "طرف دولي، والأقرب للواقع (أنه) عربي، يدفع بسخاء كبير من أجل وضع الرجل في قرطاج".
وتابع: "هناك خبرة شركات يملكها إسرائيليون، وقريبة من الاستخبارات في تل أبيب، تتولى تصوّر وتنفيذ جزء مهم من هذا المجهود.. إسرائيل في عقر انتخاباتنا!".
بدوره، أكد أستاذ القانون الدستوري، جوهر بن مبارك، أن الوثائق المنشورة موجبة لإسقاط المرشح والقائمات.
وأوضح: "نبيل القروي، رئيس حزب قلب تونس، يتعاقد مع شركة كندية تشتغل في الولايات المتحدة في مجال اللوبيينغ.. القروي يدفع ثلاث مليارات للتأثير بهدف دعمه في الانتخابات.. هذا يعد من قبيل الدعم والتمويل الأجنبي للحملات الانتخابية، الذي يعتبره القانون الانتخابي جريمة موجبة لسقوط ترشحه وترشح قائمات حزبه" .
شكوى قضائية
حزب التيار الديمقراطي (من الصف الثوري وهو حزب معارض) سارع بالتوجه إلى القضاء، وقدم إعلاما بجريمة إلى وكيل الجمهورية.
واعتبر الأمين العام للتيار الديمقراطي غازي الشواشي في تصريح لـ"عربي 21" أن الوثائق المنشورة "لا يمكن السكوت عنها، ولها علاقة مباشرة بالانتخابات التشريعية والرئاسية ومضمونها خطير وخطير جدا ".
وأضاف الشواشي أنه "من الواجب إعلام وكيل الجمهورية وتم تقديم إعلام بجريمة، وليس شكاية لفتح بحث تحقيقي من أجل جرائم وجناية تتعلق بالاعتداء على الأمن الخارجي للدولة التونسية، وتمويلات مشبوهة لمرشح للرئاسة".
من جانبه، قال رئيس حركة "تحيا تونس " ورئيس الحكومة الحالي يوسف الشاهد في تصريح لقناة محلية خاصة، إن الوثيقة "خطيرة ولا يمكن السكوت عنها".
وأضاف: "كنا قد حذرنا من هذه المافيا، وهو مس من السيادة التونسية وتأثير على رغبة الناخبين، ونحن بصدد دراسة الموضوع، ويمكن تقديم شكاية ولا يمكن المرور عاديا على هذه الوثائق".
ويشار إلى أن القروي تأهّل للدور الثاني من الإعادة للرئاسية بـ 15.85 بعد حصوله على المرتبة الثانية، فيما تم إيقافه 23 آب /أغسطس على خلفية تهم تتعلق بفساد مالي ورفض القضاء أربع مرات طلبا مقدما من هيئة الدفاع للإفراج عنه، فيما وافق يوم أمس القضاء إجراء حوارات صحفية معه لأول مرة بعد رفض سابق.
هل بات تعويل الإسلاميين على العاطفة الدينية رهانا خاسرا؟
توقعات بفوز ساحق لسعيّد في الدور الثاني لرئاسيات تونس
محللون: 4 عوامل وراء فشل "الشاهد" برئاسيات تونس