في تحول عن مواقفه السابقة، قدم رئيس الوزرء البريطاني بوريس جونسون تنازلات للاتحاد الأوروبي، في محاولة للتوصل لمسودة اتفاق قبل القمة الأوروبية يومي الخميس والجمعة القادمين.
وتتضمن مقترحات جونسون، بحسب صحيفة الغارديان، إقامة حدود في البحر بين أيرلندا الشمالية وباقي الأراضي البريطانية، لتجنب إقامة حدود بين أيرلندا الشمالية وجمهورية أيرلندا.
وتتركز المحادثات الجارية على نقطتين خلافيتين: طريقة تجنب العودة الى إعادة فرض حدود فعلية، بعد بريكست بين أيرلندا الشمالية المقاطعة البريطانية وجمهورية أيرلندا العضو في الاتحاد الاوروبي مع القيام بعمليات التفتيش الجمركية، وحق التصويت الممنوح لبرلمان أيرلندا الشمالية بشأن اتفاق الخروج.
وتقترح لندن أن تبقى أيرلندا الشمالية ضمن نطاق جمركي موحد مع المملكة المتحدة، مع تطبيق القواعد الأوروبية في الوقت نفسه على المنتجات المتجهة إلى أوروبا فقط. وسبق أن رفض الأوروبيون مقترحا بوضع معايير مختلفة بحسب الوجهة النهائية للبضائع التي تدخل شمال أيرلندا.
وتشبه مقترحات جونسون الجديدة بشأن الحدود ما سبق أن رفضته رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي، باعتبار أنه لا يمكن لرئيس وزراء بريطاني قبولها؛ لأنها تعني ترسيخ فصل شمال أيرلندا عن باقي الأراضي البريطانية. بل إن جونسون رفض هذا المبدأ في تشرين الثاني/ نوفمبر، خلال حملته للحلول مكان ماي في رئاسة الوزراء، مكررا ذات العبارات التي استخدمتها رئيسة الوزراء السابقة.
وكان جونسون قد طرح سابقا بقاء شمال أيرلندا ضمن قواعد الاتحاد الجمركي مع أوروبا على أن تتم إقامة نقاط مراقبة بين شطري أيرلندا. كما تنص تلك المقترحات على منح برلمان شمال أيرلندا الحق في مناقشة الاتفاق كل أربع سنوات، مع منح الحزب الوحدوي الديمقراطي، حليف جونسون، حق الفيتو. لكن جمهورية أيرلندا، ومن ورائها الاتحاد الأوروبي، رفضا المقترحات، لأن الأوروبيين يرفضون وجود أي نوع من الحدود بين الشطرين.
لكن المقترحات الجديد لجونسون لاقت ترحيبا من الاتحاد الأوروبي، وبات من الممكن البدء بكتابة مسودة اتفاق لإعلانها الأربعاء، إذا أعطت الحكومة البريطانية موافقتها النهائية.
وتبقى أمام جونسون مهمة صعبة للحصول على موافقة البرلمان البريطاني الذي سبق أن رفض ثلاث مرات اتفاقا توصلت إليه ماي. كما يواجه جونسون مهمة إقناع شريكه الأيرلندي في الحكومة، إضافة إلى المتشددين في المحافظين، والذين يرفضون بقاء شمال أيرلندا ضمن الاتحاد الجمركي.
ونقلت "الغارديان" عن مصدر دبلوماسي مطلع على المفاوضات؛ قوله: "قانونيا ستكون أيرلندا الشمالية جزءا من الإقليم الجمركي للمملكة المتحدة، لكن واقعيا ستكون جزاء من الاتحاد الجمركي الأوروبي.
وبينما تجري مسابقة الزمن لإعداد مسودة اتفاق بحلول الأربعاء لعرضها على القمة الأوروبية في لوكسمبورغ الخميس، حذر مسؤولون فرنسيون من التسرع الحديث عن اتفاق؛ لأن المطلوب التوصل لاتفاق يحظى بموافقة جميع دول الاتحاد الأوروبي، وليس جمهورية أيرلندا بمفردها، رغم أن موافقة أيرلندا أساسية في هذا السياق.
وتصر الحكومة الأيرلندية تصر على الوحدة الجمركية مع شمال أيرلندا، في حين أكد مسؤولون ألمان أن أي اتفاق جديد يتطلب تنازلات بريطانية حقيقية.
وعلى جونسون التوصل لاتفاق بحلول السبت (19 تشرين الأول/ أكتوبر)، بموجب قانون أقره البرلمان البريطاني الشهر الماضي، ويلزمه بطلب تأجيل الخروج من الاتحاد الأوروبي لثلاثة أشهر، ما لم يتم التوصل لاتفاق يحظى بموافقة البرلمان بحلول ذلك التاريخ، وذلك لتجنب الخروج دون اتفاق.
ونظريا، إذا تم إقرار الاتفاق من الاتحاد الأوروبي الخميس أو الجمعة، فإنه يمكن عرض الاتفاق على البرلمان في لندن السبت، لكن هناك شكوكا في إمكانية الانتهاء من المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي خلال القمة الأوروبية، ما يعني ضرورة تشكيل لجنة لمتابعة المفاوضات، وهي ليست سهلة نظرا لوجود "خطوط حمر" لدى العديد من الدول الأوروبية، كما هو الحال بالنسبة للبرلمان البريطاني.
ويعني ذلك أنه قد تكون هناك حاجة لطلب تأجيل للخروج الذي يحل في 31 تشرين الأول/ أكتوبر، حسب ما ألمح إليه الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون خلال اتصال مع جونسون الثلاثاء، حيث تحدث عن تمديد "تقني" لما بعد هذا التاريخ للمساح للمحادثات أن تؤتي أكلها.
ويكرر جونسون أنه لن يطلب أي تأجيل، وأن بريطانيا ستغادر الاتحاد الأوروبي بحلول 31 تشرين الأول/ أكتوبر.
وتنقل الغارديان عن مصادر فرنسية أن قادة الاتحاد الأوروبي لا يمكنهم أن ينخرطوا في مفاوضات حول التفاصيل التقنية خلال القمة، وهي تتطلب لجانا فنية تحتاج لوقت أطول.
وأعرب كبير مفاوضي الاتحاد الاوروبي حول بريكست، ميشال بارنييه، عن تفاؤل، مشيراً إلى أن اتفاقا "لا يزال ممكنا هذا الأسبوع" مع بريطانيا لتجنب خروجها من الاتحاد الاوروبي بدون اتفاق.
وقال عند وصوله إلى لوكسمبورغ لاطلاع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي على مسار المحادثات قبل القمة الأوروبية المقررة في 17 و 18 تشرين الأول/ أكتوبر: "إذا كنا نريد اتفاقاً قبل القمة فعلينا إنهاء العمل على نص قانوني هذا المساء أو غداً صباحاً كأقصى حد".
من جهته، قال وزير الخارجية الإيرلندي سيمون كوفني إن "على القادة الأوروبيين اتخاذ قرار حول شكل التفويض الذي يريدون منحه لميشال بارنييه إذا لم يتم التوصل لاتفاق اليوم أو غداً قبل القمة"، مضيفاً "من الممكن مواصلة المفاوضات الأسبوع المقبل".
وبعد بريكست ستتحول لندن إلى "منافس جديد" على أبواب الاتحاد الأوروبي، كما حذرت الثلاثاء المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل.
وقال وزير الخارجية الهولندي ستيف بلوك: "آمل في التوصل إلى اتفاق، لكن بالنسبة لهولندا فإنه من المهم جدا ألا تكون هناك منافسة غير عادلة من خارج الاتحاد الأوروبي عبر استخدام الحدود الأيرلندية- الأيرلندية الشمالية. لقد اتخذت بريطانيا بعض التدابير لكنها ليست كافية لضمان تماسك السوق الموحدة". وأعرب عن أمله في أن يتم اتخاذ إجراءات إضافية "في الساعات المقبلة".
من جهتها، قالت وزيرة الدولة الفرنسية المكلفة بالشؤون الأوروبية، إميلي دو مونشالين: "نسعى إلى التأكد من أنه لن تكون هناك في الغد منافسة غير عادلة لأن دولة ما لم تفرض عمليات المراقبة اللازمة".
وقال رئيس الوزراء الفنلندي انتي رين، الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، إن المفاوضات يمكن أن تتواصل بعد القمة الأوروبية. ويجري الحديث عن فرضية عقد قمة أوروبية استثنائية ثانية قبل 31 تشرين الأول/ أكتوبر.
الاتحاد الأوروبي يرفض رسميا مقترحات جونسون حول بريكست
جونسون يطرح خطة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي خلال ساعات
جونسون غير متفائل بانفراجة قريبة بشأن "بريكست"