سيدي الرئيس..
اسمحوا لي أولا أن أعبر لكم عن سعادتي الغامرة، أنا الجزائري المقهور في حلم بناء دولته الديمقراطية، بمناسبة فوزكم الباهر بانتخابات الرئاسة في الشقيقة تونس، ومن خلال فخامتكم، أن أهنئ أيضا الشعب التونسي الشقيق، على هذا الإنجاز العظيم، وعلى هذه اللفتة الحضارية والرقي في ترسيخ الممارسة السياسية الصحيحة.
واسمح لي ثانيا سيدي الرئيس، أن أبث من خلالكم حزني على تخلفنا نحن في الجزائر، على اللحاق بهذا الركب المبارك، رغم أننا كنا السباقين في الولوج إلى عوالم الثورة والانفتاح السياسي والديمقراطية قبل اندلاع ثورة الياسمين عندكم في 2011.. بعقود طويلة.
لقد دفعنا في الجزائر سيدي الرئيس .. في سبيل هذه الحرية والديمقراطية التي حققتها تونس اليوم بفضل رجالها ونسائها المخلصين، أضعافا مضاعفة ما قدمته تونس،
لقد فاجأنا العالم العربي قبل غيرنا في 1988 بثورة على الظلم، كانت طريقا لانفتاح سياسي غير مسبوق في عالمنا العربي، حتى أن دستور الجزائر سنة 1989، كان علامة فارقة في تاريخ الشمولية العربية كلها، كما أننا أبهرنا العالم قبل غيرنا في قضايا الحريات والتجمعات الحرة والإعلام المستقل، بل والديمقراطية الحقيقية حين نطق الصندوق الانتخابي بما قرره الشعب، قبل أن يتآمر علينا العالم كله، فكانت المأساة التي تعلموها ويعلمها الجميع.
لقد دفعنا في الجزائر سيدي الرئيس .. في سبيل هذه الحرية والديمقراطية التي حققتها تونس اليوم بفضل رجالها ونسائها المخلصين، أضعافا مضاعفة ما قدمته تونس، وإن كانت كل قطرة دم واحدة تسقط في هذا الدرب، هي بمثل سقوط أمة بأكملها، فلقد دفع التونسيون قرابة 500 شهيد في سبيل التخلص من ديكتاتورية بن علي، وبناء صرح هذه الديمقراطية التي نفخر بها اليوم جميعا كعرب، بينما دفعنا في الجزائر عشرات الآلاف من الشهداء، ومع ذلك ما نزال نراوح مكاننا اليوم، رغم ثورة عملاقة أخرى أنجزها الشعب في الـ 22 شباط (فبراير) الماضي.
إنكم سيدي الرئيس.. تمثلون بالنسبة لنا نحن الجزائريين المقهورين في حلمنا بالحرية والديمقراطية والعيش الكريم، أملا عريضا في أن يتمكن شعبنا المجاهد أخيرا، أن يوصل إلى قصر المرادية رئيسا يشبهكم في النظافة والاستقلالية والعلم، والأهم من كل ذلك، في الشفافية والمصداقية التي أوصلتكم أنتم إلى قصر قرطاج.
إن الجزائريين يا سيادة الرئيس، يتحدثون عنكم في كل مكان، ويرسمون اسمكم كحلم يدغدغهم في اليقظة قبل النوم، وإني أعرف مواطنين يبيتون الليالي سجدا لله، متضرعين له أن يرزق الجزائر رجلا لا يقل شهامة عنكم، يقف إلى جانب المحرومين في وطنهم، ويكون نصير المستضعفين في العالم، وعلى رأس هؤلاء المستضعفين إخواننا المنسيين في فلسطين.
إن القهر الذي يتملكني وملايين الجزائريين إنما نابع من كون الجزائر العظيمة، تستحق رجلا عظيما مثلكم، يشعر بقهرنا، قبل أن نبثه إياه في رسائل أو مناشدات.
لقد أثلجتم يا سيادة الرئيس صدورنا نحن الجزائريين تحديدا، ونحن المعروفون بحبنا الجارف لفلسطين حين قلتم وبالفم المليان إن
العلاقات مع إسرائيل هي خيانة عظمى.. فلطالما اشتقنا إلى رئيس عربي يقولها هكذا بهذا الصدق وهذه القوة، ولطالما اهتزت أرواحنا طربا لرجولة افتقدناها منذ وفاة بومدين، فجئتم أنتم لتسندوا حلمنا الغالي انطلاقا من الجارة الشرقية، في انتظار أن يجيء من يقولها معك ها هنا عندنا .. بنفس النبرة والعنفوان، حتى يتزعزع العالم من حولنا.
ألا إنكم قد وضعتم الجزائر في مقدمة الدول التي سوف تزورونها غدا، ألا وإننا نتشرف بأن تطأ أقدامكم أرضنا الطاهرة، لنبني معا غدنا العربي المشترك، ومغربنا العربي الكبير، وانطلاقتنا معا نحو الرفاهية والتقدم، لكن في انتظار ذلك، أدعوك سيدي الرئيس أن تعيننا ببعض الدعاء أن يلهم الله الجزائريين رشدهم، بأن يضعوا خلافاتهم ظهريا، وأن يتوجهوا جميعا إلى صناديق الاقتراع ليخرجوا أحسن من عندهم، ويفرضوا بأنفسهم الرجل الذي سوف يجلس معكم غدا، رأسا برأس، دون أن يشعر بنقص في الشرعية، لمواجهة التحديات العظيمة التي تنتظرنا معا.
في الختام.. اسمح لي سيادة الرئيس، أن أعبر لكم عن احترامي وتقديري الكبيرين.
ومعتذرا أن القهر الذي يتملكني وملايين الجزائريين إنما نابع من كون الجزائر العظيمة، تستحق رجلا عظيما مثلكم، يشعر بقهرنا، قبل أن نبثه إياه في رسائل أو مناشدات.
والسلام عليكم ورحمة الله.