صدر، مؤخرا، بإيطاليا، أوّل كتاب وقعّه مهاجر غير نظامي جزائري، عنوانه " أناشيد الملح- سيرة حرّاق"، سيكون متوفرا في معرض الجزائر الدولي للكتاب 24 (30 أكتوبر/ تشرين الأول/ - 9 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل).
والعمل يتناول سيرة أدبيّة واقعية لشاب (العربي رمضاني مؤلف الكتاب) اختار الهجرة بحرا من الجزائر إلى أوروبا، بحثا عن الحرية وإثبات الذات قبل أن يرجع إلى وطنه.
و"الحراقة" مصطلح محلي يطلق على المهاجرين غير النظاميين عبر قوارب إلى أوروبا، وهو مشتق من الفعل "حرق"، أي تجاوز الحدود بطرق غير قانونية، عبر عمل يُسمى "الحرقة".
شهادات عائد من الموت
ويتطرق العمل إلى أبرز المحطات التي خاضها "الحرّاق" العربي رمضاني بداية من تركيا، مرورا باليونان وبقية الدول الأوروبية الأخرى، ثم العودة إلى الجزائر.
ويستعرض المؤلف مختلف الصعوبات والمعاناة التي تطال "الحراقة" في رحلتهم نحو ما يلقبونه بـ"الجنة الموعودة".
وصدر الكتاب، الذي كتب قدمه الروائي الجزائري سعيد خطيبي، في سبتمبر/ أيلول الماضي، عن منشورات "المتوسط" بميلانو بإيطاليا، ويقع في 355 صفحة من الحجم المتوسط.
وقال خطيبي، للأناضول، إنّ "أناشيد الملح" هو باكورة أعمال الكاتب الجزائري العربي رمضاني (33 سنة)، الذي خاض قبل عامين، واحدة من أحلك التجارب، و"حرق" (هاجر بطريقة غير نظامية) عبر البحر بغرض بلوغ أوروبا.
وأشار خطيبي، إلى أنّ "العمل بدأ من خلال سلسلة قصص نشرت في مجلة "نفحة" الإلكترونية، قبل أن يتحوّل كتابا، وسيكون متوفرا في معرض الجزائر الدولي للكتاب 24 نهاية أكتوبر/ تشرين الأول الجاري".
شهادة حراق ناج
وفي مقدمة العمل قال خطيبي إنّ "العربي رمضاني سافر، في البحر، وعاد، وأتمّ الرّحلة بأن كتب هذه الشّهادة (العمل)، التي تفتح أسئلة، أكثر مما تعرض إجابات، وتوسّع من الاستفهامات، التي تطفو على مخيلتنا".
وأضاف: "وتنبّهنا أن البحر قد ازداد ضراوة، في قبض الأرواح، وطراوة في قذف الحكايات. لقد سافر، في البدء، ميّتا، فعاد حيّا".
واستطرد قائلا: "بحث العربي عن الحرية، فعثر على التّسامح. لم يكن سفره ممتعا، فقد نجا، أكثر من مرّة، من الشّرطة، ومن حرس الحدود، لكنه عاد في النّهاية ليذكّرنا بقصص النّاجين".
وأشار المتحدث إلى أنّ "صاحب العمل كتب حول ما بقي من سير الجثث، التي شاهدها، وكتب عن مأساة العيش بين ضفتين، وعن حلم الوصول للضّفة الأخرى".
وسرد خطيبي على لسان "الحراق" أنّ البداية كانت من تركيا، نقطة العبور المعروفة لدى المهاجرين في الشّرق الأوسط وشمال إفريقيا وجنوب شرق آسيا.
وأكدّ المتحدث أنّ المحاولة انطلقت من إزمير (غربي تركيا)، حيث بدأ اكتشاف عالم الهجرة السّرية، كتب رمضاني توصيفات دقيقة عن المأساة التي يعرفها المهاجرون غير النظاميين، قسوة الطقس وفظاظة المهرّبين وترصّد الأمن لهم.
وذكر أنّ "أولى محاولات الوصول إلى إحدى الجزر اليونانية القريبة من الساحل التركي لم تكن إلا اختباراً لاكتشاف رهبة البحر وصراخ الأطفال والنّسوة ورداءة المركب ولا مبالاة قائدها".
ولفت إلى أنّه "عند كل محاولة تزداد ضراوة البحر وجشع المهرب والرغبة في تحقيق الحلم الذي تجسد بعد بلوغ المؤلف جزيرة ساموس اليونانية".
ووفق خطيبي "لم تكن ساموس إلا محطة أخرى لبلوغ أثينا (عاصمة اليونان) رغم صعوبة المهمة.
وأوضح قائلا: "من أثينا إلى تيسالونيكي غربي البلاد إلى أقصى شرقها بمدينة باتراس حتى دخول
العربي رمضاني السجن، ثم إجراؤه لعملية جراحية إلى غاية عودته إلى الجزائر.
ومؤلف "أناشيد الملح" العربي رمضاني، مواليد 1986 بمحافظة المدية (جنوبي الجزائر)، خريج كليّة الإعلام في 2008، يكتب مقالات في السياسة والثقافة، جرّب الهجرة غير النظامية وكتب عنها، فوقّع "أناشيد الملح" أوّل إصداراته.
كم عدد الحراقة؟
ورغم مصادقة البرلمان الجزائري، في 2009، على قانون يجرّم الهجرة غير النظامية ويعاقب أصحابها بالسجن لفترة تزيد عن ستة أشهر وتجريم عناصر شبكات الهجرة غير النظامية بالسجن لمدة خمس سنوات، يستيقظ الجزائريون في السنوات الأخيرة على أخبار توقيف أو غرق أو وصول مهاجرين إلى السواحل الأوروبية.
وفي ظل غياب إحصاءات رسمية جزائرية حديثة حول عدد "الحراقة"، كشف آخر تقرير للرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان (غير حكومية)، في 18 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أن 2160 مهاجرا غير نظامي غرقوا أو أصبحوا في عداد المفقودين منذ مطلع 2018.
وذكرت الرابطة في تقرير لها أنه تم إحباط محاولة هجرة أكثر من 8217 شخصا بين عامي 2015 و2018.
وأفادت بأنّه تم توقيف 14 ألف جزائري على حدود أوروبا في 2017، و12700 خلال 10 أشهر من 2018.
عصرٌ جليدي: مقالٌ ليس عن (پيتر هاندْكَه)!
بيتر هاندكه يكسر التقاليد بإنتاجه الزاخر