ما زال زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، يصعّد من مواقفه ضد الحكومة العراقية ورئيسها عادل عبد المهدي، مصرا في أكثر من تصريح له على إقالتها والذهاب إلى انتخابات مبكرة بإشراف أممي، تلبية لمطالب المتظاهرين.
تحول التيار الصدري من داعم رئيسي للحكومة إلى معارض، بل أبرز المطالبين بإقالتها، ما أثار تساؤلات عدة حول أسباب تبدل موقف الصدر، ووقوفه إلى جانب المتظاهرين على الرغم من عدم اصطفافه معهم في الانطلاقة الأولى للاحتجاجات مطلع الشهر الجاري.
فهل يريد الصدر ركوب موجة المظاهرات لتحقيق مكاسب سياسية والتطلع لقيادة تياره الحكومة المقبلة، أم إنه يسعى بالفعل إلى نصرة المتظاهرين، وإن "مهلة السنة" لعبد المهدي قد انتهت دون تحقيق أي إنجاز على الأرض؟
ما سبب الإصرار؟
ردا على ذلك، قال النائب في البرلمان عن "سائرون" رعد المكصوصي، إن "مقتدى الصدر كان قد منح عادل عبد المهدي مدة سنة، لتحسين الخدمات وتعديل بعض القوانين المهمة لتخفيف ما يعاني منه العراقيون منذ 16 عاما، لكن الحكومة كانت سلحفاتية (بطيئة) في تنفيذ تلك المتطلبات".
اقرأ أيضا: تصاعد الاحتجاجات بالعراق.. وسجال حاد حول استقالة الحكومة
وأضاف النائب العراقي لـ"عربي21" أن "البرنامج الحكومي قدمه عبد المهدي للبرلمان عند منحه الثقة في تشرين الأول/ أكتوبر من العام الماضي، لم يتحقق منه سوى 10 بالمئة، وبالتالي فإن هذه الحكومة إذا بقيت على هذا المنوال فكأنما لم نحقق شيئا من انتخابات البرلمان في أيار/ مايو 2018".
ولفت إلى أن "الشعب العراقي انتفض بالتزامن مع نهاية المهلة التي منحها الصدر لعبد المهدي، ففي كل مرة زعيم التيار الصدري هو من يقود المظاهرات، لكن الشعب اليوم هو من يقودها، وهذه أمنية الصدر السابقة قد تحققت اليوم، بأن الشعب هو الذي يثور على الحكومات الفاسدة".
وبخصوص استبدال شخصية أخرى بعبد المهدي أو الذهاب إلى انتخابات مبكرة، قال المكصوصي، إن "الصدر واضح في جميع مواقفه، فهو من اليوم الأول للمظاهرات يطالب بإقالة الحكومة وإجراء انتخابات مبكرة بإشراف أممي، وأعاد الموقف ذاته، أمس الاثنين، وبالتالي فهو مُصر على أن يتم ذلك خلال مدة محددة، بعد تعديل قانون مفوضية الانتخابات".
هل ركب الموجة؟
وحول ما يتردد من اتهامات للصدر بمحاولة ركوب موجة المظاهرات وصولا إلى قيادة تياره للحكومة المقبلة، أجاب المكصوصي: "التيار الصدري هو قائد موجات المظاهرات منذ 2003 وحتى اللحظة، وهو تيار شعبي واسع من الشعب العراقي، وجل من قتلوا خلال المظاهرات هم من أبناء التيار".
وأردف: "دخول الصدريين مع المتظاهرين لا يعني أنهم ركبوا الموجة، وإنما هم القاعدة الأكبر وأكثر المتضررين لأن أغلبهم من الفقراء والمناطق المسحوقة، وبالتالي فهم الأولى بالمطالبة بإقالة الحكومة وإجراء انتخابات مبكرة، والصدر يمثل اللسان الناطق باسم الشعب".
وأكد المكصوصي، أن "التيار الصدري أيضا جزء من المشهد السياسي في العراق ولا يوجد ما يمنع أن يقود الحكومة، وفي حال تسلمنا قيادة الحكومة فإن من أولويات برنامجنا الحكومي فتح ملف الفساد ومحاسبة الفاسدين وإحالتهم إلى المحاكم".
واختتم بالقول: "حتى إذا لم نتسلم رئاسة الحكومة، فنحن نريد انتخابات مبكرة حرة نزيهة بإشراف أممي، لكي يعود العراق إلى سابق عهده بين الدول، صاحب سيادة ويمتلك قراره، ولا يقاد من خارج الحدود".
من جهته، قال الباحث في الشأن السياسي العراقي الدكتور سعدون التكريتي، في حديث لـ"عربي21" إن "الصدر يسعى إلى تبرئة ساحته من النقمة الشعبية التي تريد إبعاد جميع الأحزاب الدينية الشيعية المتصدرة بالمشهد السياسي منذ 16 عاما".
اقرأ أيضا: دعا لانتخابات مبكرة.. الصدر يشارك بتظاهرات النجف (شاهد)
وأضاف أن "انضمام الصدر إلى المعارضة مؤخرا، بعدما كان جزءا وشريكا أساسيا في الحكومة الحالية، يؤكد بما لا يقبل الشك ركوبه لموجة المظاهرات مع حليفه الحالي الحزب الشيوعي، المنضوي في تحالف سائرون".
وأشار التكريتي إلى أن "إصرار الصدر على إقالة الحكومة والوقوف إلى جانب المتظاهرين، كان الهدف منه توسيع مكاسبه السياسية، لكن المتظاهرين شخصوا ذلك مبكرا ورفضوا انضمامه معهم. ولو ترك الأمر إليه، لكان الآن قد أوقف المظاهرات بمجرد تغيير في الكابينة الحكومية أو تحقيق مكاسب، كما حصل مع حكومة حيدر العبادي السابقة عام 2016".
وبحسب الباحث العراقي، فإن "الأمر اليوم مختلف، فمن يدير المظاهرات هم تيار شعبي من العاطلين والمسحوقين، والناقمين على الطبقة السياسية الحاكمة منذ عام 2003 وحتى اليوم، ولا يوجد دور كبير للتيار الصدري في الاحتجاجات، ولو كان كذلك لتولى الصدر قيادة المظاهرات، لكن الموضوع أوسع من التيار الذي يتزعمه".
وأعلن مقتدى الصدر، أمس الثلاثاء، وزعيم تحالف "الفتح" في البرلمان هادي العامري، أنهما سيتعاونان لـ"سحب الثقة" من عبد المهدي، المستقل الذي يطالب الشارع بإسقاطه منذ مطلع تشرين الأول/ أكتوبر الجاري.
ولم يولِ عبد المهدي أهمية لدعوته إلى البرلمان على الفور، لكنه خصص رسالة مطولة للرد على الصدر، الذي دعا ليلة الاثنين في تغريدة إلى انتخابات نيابية مبكرة.
وقال عبد المهدي في رسالته: "إذا كان هدف الانتخابات تغيير الحكومة، فهناك طريق أكثر اختصارا، وهو أن تتفق مع (هادي) العامري لتشكيل حكومة جديدة". والعامري قائد منظمة "بدر" ورئيس ائتلاف "الفتح"، ثاني أكبر كتلة برلمانية وتمثل فصائل الحشد الشعبي.
ورد الصدر على الفور عبر صفحته في "تويتر" قائلا: "كنت أظن أن مطالبتك بالانتخابات المبكرة فيها حفظ لكرامتك"، داعيا العامري "للتعاون من أجل سحب الثقة". وأضاف أنه "في حال عدم تصويت البرلمان فعلى الشعب أن يقول قولته"، مذيلا تعليقه بوسم "#ارحل".
مقرب من الصدر يكشف ملف فساد خطير في العراق.. لماذا الآن؟
هل نجحت الإجراءات الحكومية في احتواء المظاهرات بالعراق؟
عبد المهدي يرفض الاستقالة.. ماذا عن مهلة الصدر؟