شهدت مصر خلال أسبوع واحد أكثر من 7 حوادث قطارات متنوعة، كان أخطرها إجبار كمسري قطار الإسكندرية/ أسوان، لشابين على القفز من القطار أثناء سيره، لعدم تمكنهما من دفع قيمة تذكرة الركوب، ومقدارها 70 جنيها (4.5 دولار)، ما أدي لمقتل أحدهم وإصابة الآخر بإصابات خطيرة.
وسبقت حوادث القطارات، انهيار الطريق الإقليمي الجديد (الطريق الغربي)، الذي أنشأته الهيئة الهندسية للقوات المسلحة وتم افتتاحه في 30 حزيران/ يونيو الماضي، لتعرضه لهبوط أرضي بسبب الأمطار الأخيرة، وغلق طرق أخري نفذتها القوات المسلحة في عدد من المحافظات.
كما شن نواب بالبرلمان المصري، هجوما على وزير النقل كامل الوزير بسبب حوادث القطارات، وهجوما آخر على رؤساء الأحياء، بسبب سوء حالة الشوارع، وكوارث الصعق بالكهرباء التي خلفتها الأمطار، وهي الإدارات التي يسيطر عليها قيادات سابقة في القوات المسلحة.
سيطرة عسكرية
من جانبه يؤكد عضو لجنة القوى العاملة والصناعة بمجلس الشوري سابقا طارق مرسي لـ "عربي21"، أن نظام مبارك كان يجامل القوات المسلحة بتعيين عدد من القيادات التي انتهت خدمتهم في إدارة المحليات، وبعض الإدارات الأخرى مثل الهيئة العامة للمساحة، والهيئة القومية لمياه الشرب، وكان مبرره في ذلك هو الاستفادة من كفاءتهم ونزاهتهم في إدارة بعض الهيئات المدنية.
ويوضح مرسي، الذي كان قياديا عماليا بارزا بوزارة الإنتاج الحربي، أن الوضع اختلف بعد إنقلاب السيسي، حيث أصبح وجود قيادات عسكرية سابقة برتبة عميد أو لواء، أمرا طبيعيا في شركات مدنية هامة، مثل "سيماف" لصناعة قضبان السكك الحديدية والقطارات، وشركات الصوامع، وشركات الإسكان المختلفة.
اقرأ أيضا: قطار يتحرك بدون سائق في مصر رغم نفي رسمي (شاهد)
وحسب مرسي، فإنه منذ إنقلاب 3 تموز/ يوليو 2013، تولت قيادات عسكرية سابقة، مناصب إدارية بارزة في 56 هيئة مدنية حكومية، أبرزها المحليات وقطاعات النقل والمواصلات والطرق والإسكان، والتجارة الداخلية، وقناة السويس، كما أن لواءات البحرية السابقين يتحكمون في كل مناصب إدارات النقل البحري والنهري بوزارة النقل.
ويضيف القيادي العمالي والبرلماني السابق: "بعد تولي الفريق كامل الوزير رئيس الهيئة الهندسية السابق، وزارة النقل، حوَّل هيئة السكك الحديدية لثكنة عسكرية، يتولاها قيادات سابقة بالجيش، كما اصبحت وزارة الإسكان وهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، الوجهة المفضلة للقيادات العسكرية التي تنتهي خدمتهم في سلاح المهندسين بالجيش".
ويشير إلى أن النصف الأول من عام 2019 ، شهد إحالة 15 من رؤساء الأحياء، للقضاء بتهم الفساد والرشوة، كان أكثر من نصفهم قيادات سابقة بالجيش، مثل رئيس حي الدقي ورئيس حي الهرم، ورئيس حي غرب الاسكندرية، كما أن الكوارث التي شهدتها مصر مؤخرا في الطرق والنقل والأغذية وتلوث المياه والصعق بالكهرباء نتيجة الأمطار، وحوادث القطارات، حدثت في ظل تولي القيادات العسكرية لهذه الإدارات.
ويستبعد مرسي أن يضحي السيسي بوزير النقل بعد الحوادث الأخيرة، خاصة وأنه كان يعول عليه بشكل كبير في إثبات كفاءة القيادات العسكرية، ولأن السيسي مقتنع دائما أن العسكريين هم المتميزون، وأن أي أخطاء يحدث يكون السبب فيه المدنيين، الذين يجب التخلص منهم واستبدالهم بالعسكريين.
فساد الدوائر المغلقة
ويؤكد الخبير الاقتصادي عبد الحافظ الصاوي لـ "عربي21"، أن بعض العسكريين حققوا بالفعل نجاحات في الحياة المدنية، ولكنها ليست هي القاعدة التي يجب التعامل معها فيما يتعلق بتقييم قيادة العسكريين للهيئات المدنية، خاصة وأن العسكريين الذين يعملون الآن بوظائف مدنية، واثقون من عدم تعرضهم للمحاسبة عن أي فشل أو فساد، أو كارثة يمكن أن يتسببوا فيها، وتحديدا في تنفيذ المشروعات التي ثبت مخالفتها للمواصفات.
اقرأ أيضا: دم "قتيل التذكرة".. هل يطيح بالوزير المقرب من السيسي؟
ويضرب الصاوي مثالا بكارثة الطريق الدائري الإقليمي (المحور الغربي)، الذي نفذته القوات المسلحة، وانهار بعد تشغيله بخمسة أشهر نتيجة الأمطار الأخيرة، وهو ما يطرح تساؤلات عن الجهة التي يمكن محاسبتها، وهل ستقوم هذه الجهة بتعويض الحكومة عن هذه الكارثة، خاصة وأن هيئات الجيش التي تقوم بتنفيذ هذه المشروعات حصلت على أموالها كاملة.
ويشير الخبير الاقتصادي إلى أن غياب المحاسبة والمساءلة، والتعامل مع مشروعات الجيش باعتبارها أسرارا عسكرية، وعدم وجود قانون ينظم العلاقة بين المؤسسات المدنية والعسكرية، كل ذلك وسع من دوائر الفساد، الذي أثر بالسلب على الوضع الاقتصادي بشكل عام، وقتل فكرة المنافسة والكفاءة، طالما كان الجيش هو الخيار الأول للمشروعات الحكومية.
ويوضح أن وزير الإنتاج الحربي أعلن قبل أيام، تحقيق وزارته لأرباح بلغت 14 مليار جنيه، (850 مليون دولار)، خلال عام 2019، ولكنه لم يوضح أن هذه الأرباح كانت بسبب العمولة التي حققتها الوزارة نتيجة تنفيذ أعمال التوريدات لمؤسسات الحكومة بالإسناد المباشر، ولأن هذه الهيئات الحكومية يديرها عسكريون سابقون، فإن مواصفات هذه التوريدات لم يتم مراجعتها، ولن يتم محاسبة الوزارة عليها إذا كانت مخالفة للمواصفات.
وحسب الصاوي، فإن الخطورة تكمن في أن دائرة المعاملات بين العسكر المقاولين أو الموردين، وبين العسكر السابقين الذين يتولون الجهاز التنفيذي للحكومة، هي دائرة مغلقة، لا يجب الاقتراب منها، أو الخروج عنها، وهو ما كان سببا في تزايد الكوارث.
دم "قتيل التذكرة".. هل يطيح بالوزير المقرب من السيسي؟
"شهيد التذكرة" يتصدر "تويتر" مع غضب المصريين
خبراء: هكذا يورط "السيسي" مصر في صفقات مشبوهة