بدأت قوات الأمن التركية في تضييق الخناق على حزب
العمال الكردستاني، وتوجيه ضربات موجعة إلى قادته وعناصره، سواء داخل الأراضي التركية أو في شمال العراق وشمال
سوريا، خلال عمليات المخلب ودرع الفرات وغصن الزيتون ونبع السلام، بعد أن تبنت أنقرة استراتيجية شاملة لمحاربة
الإرهاب الانفصالي الذي يهدد مستقبل
تركيا ووحدة أراضيها. وقامت في الآونة الأخيرة بتحييد عدد كبير من قادة المنظمة الإرهابية من خلال عمليات خاصة؛ تم تنفيذها بناء على المعلومات التي قدمها جهاز الاستخبارات الوطنية التركي. ولا تكاد تمر بضعة أسابيع إلا ويتم الإعلان عن تصفية أحد الإرهابيين المدرجين على قوائم المطلوبين الحمراء والزرقاء والخضراء والبرتقالية والرمادية.
الجيش التركي أعلن الاثنين في بيان؛ عن قتل قيادي بارز في حزب العمال الكردستاني في عملية جوية بشمال العراق، مشيرا إلى أن القيادي الذي تم تحييده يدعى "مصلح إيكه"، ويلقب بــ"تكوشر زاغروس"، وأنه مدرج على القائمة الحمراء للمطلوبين، كما نشرت وكالة الأناضول للأنباء مقطع فيديو يظهر لحظة استهداف القيادي الإرهابي.
هذا النجاح في محاربة حزب العمال الكردستاني لم يأت في يوم وليلة، بل هو ثمرة الجهود الحثيثة التي تبذلها الحكومة التركية منذ سنين لتعزيز قدرات الجيش التركي، والاعتماد على الصناعة العسكرية الوطنية، بالإضافة إلى تطهير صفوف الجيش وقوات الأمن والاستخبارات من عناصر الكيان الموازي، أي التنظيم السري لجماعة كولن.
كانت قوات الأمن والاستخبارات التركية مخترقة منذ عقود من قبل خلايا الكيان الموازي، حتى أطلقت الحكومة التركية حملة واسعة لتطهير أجهزة الدولة من تلك الخلايا، بعد أن كشف التنظيم السري عن وجهه، وأعلن الحرب على الإرادة الشعبية. وتم فصل عدد كبير من الضباط ورجال الأمن المنتمين للكيان الموازي، سواء قبل محاولة الانقلاب الفاشلة التي قام بها التنظيم السري أو بعدها.
ويرى محللون أن تطهير الجيش وقوات الأمن والاستخبارات من هؤلاء رفع قدرة تركيا على مكافحة الإرهاب؛ لأنهم كانوا يتعاونون مع الإرهابيين، ويتغاضون عن أنشطتهم، بهدف إضعاف الحكومة المنتخبة أو استجابة لمطالب القوى الدولية والإقليمية الداعمة للكيان الموازي، وهي ذات القوى التي تدعم حزب العمال الكردستاني. وهنا نتذكر، على سبيل المثال، أن الجنرال الانقلابي سميح ترزي الذي قتله الشهيد عمر خالص دمير ليلة محاولة الانقلاب؛ كان يوما قائد عمليات القوات الخاصة التركية في الأراضي السورية.
تركيا لم تكن تملك قبل سنوات القدرة العسكرية الحديثة التي تتمتع بها اليوم، ومن المؤكد أن الطائرات المسيرة محلية الصنع من أهم عوامل النجاح في محاربة حزب العمال الكردستاني. وبفضل تلك الطائرات المسيرة تراقب قوات الأمن التركية تحركات الإرهابيين لتضربهم بها في لحظة مناسبة، كما حدث في قتل القيادي مصلح إيكه وغيره.
رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان، في كلمة ألقاها الأربعاء أمام نواب حزب العدالة والتنمية خلال اجتماع الكتلة البرلمانية للحزب، ذكر أنه قد يعلن قريبا عن بشرى متعلقة بمكافحة الإرهاب، دون أن يفصح عن تفاصيلها. ولفت إلى أن "بعض الدول تبحث عن الإرهابيين الذين تعتبرهم خطرا على أمنها وتقضي عليهم"، في إشارة إلى قتل أبي بكر البغدادي، مشددا على أن "تركيا أيضا تتمتع بنفس الحق".
العملية العسكرية التي نفذتها القوات الأمريكية الخاصة في محافظة إدلب السورية وقتل فيها زعيم تنظيم داعش الإرهابي، عززت رغبة تركيا في تحييد قادة حزب العمال الكردستاني من خلال عمليات عسكرية مشابهة، وسط تكهنات حول البشرى التي تحدث عنها أردوغان. ويرى كثير من المحللين أن المقصود هو اعتقال القيادي في حزب العمال الكردستاني الملقب بـــ"مظلوم كوباني" أو تحييده، على غرار تصفية كثير من قادة المنظمة الإرهابية المدرجين على قوائم المطلوبين الخمس.
مظلوم كوباني مدرج على القائمة الحمراء للمطلوبين، وهي قائمة تحتوي على أسماء كبار قادة المنظمة الإرهابية. وكان القيادي مصلح إيكه الذي تم تحييده في منطقة متينا بشمال العراق مدرج على ذات القائمة، ما يعني أن "مظلوم كوباني" مطلوب حيا أو ميتا. ومن المؤكد أن قوات الأمن والاستخبارات التركية ستطارده حتى يتم اعتقاله أو تحييده، دون أن تلتفت إلى إطلاق وسائل إعلام الدول الغربية وقادتها عليه لقب "الجنرال"، كما لم تلتفت إلى تغيير اسم المنظمة الإرهابية في سوريا إلى "قوات سوريا الديمقراطية".