أطلقت السلطات المصرية سراح ثلاثة صحفيين في موقع "مدى مصر" الإخباري المستقل بعد ساعات من اعتقالهم في مقر الموقع بمحافظة القاهرة. كما تم الإفراج عن الصحفي شادي زلط، والذي تم اعتقاله فجر أمس السبت.
واقتحمت قوات أمنية رجّح موقع "مدى مصر" أنها تابعة لجهاز الأمن الوطني، مقر الموقع بمحافظة القاهرة، في الساعة الواحدة والنصف، ظهر الأحد، وألقت القبضت على رئيسة تحرير الموقع لينا عطا الله، والصحفيين بالموقع محمد حمامة، ورنا ممدوح.
وكانت قوة من 9 أفراد بزي مدني قد تحفظت على الصحفيين بداخل مقر موقع "مدى مصر"، وسرعان ما صادرت هواتف وأجهزة كمبيوتر أعضاء الفريق الموجودين، واحتجزتهم في غرفة من غرف المقر، وتم استجواب رئيسة التحرير والصحفي محمد حمامة كل منهما بمفرده.
وأوضح "مدى مصر" أن الضباط رفضوا الكشف عن هوياتهم، أو عن الجهاز الأمني الذي يتبعونه أو عن أسمائهم، ولم يكشفوا سوى عن الوجهة التي سوف يصطحبون إليها الزملاء، وهي النيابة. وذلك بعد ثلاث ساعات من الاحتجاز داخل مقر الموقع، قبل أن تغادر القوة مصطحبة الزملاء الثلاثة.
ولفت إلى أنه تم استجواب صحفيين في القسم الإنجليزي إيان لوي، وإيما سكولدنج، وأيضا زميلين آخرين من قناة فرانس 24، كانا قد وصلا إلى المكتب لعمل تقرير عن اعتقال الصحفي شادي زلط.
وأشار الحقوقي المصري جمال عيد إلى أن صحفيي "مدى مصر" الثلاثة مُحتجزين بقسم شرطة الدقي في محافظة الجيزة على "ذمة جهاز الأمن الوطني"، منوها إلى "رفض دخول المحامين لهم".
وأوضح عضو مجلس نقابة الصحفيين عمرو بدر، في تدوينة على
"الفيسبوك"، أنه تلقى اتصالا من أحد الصحفيين في موقع "مدى مصر"،
وأخبره أن الأمن يحتجز الصحفيين داخل الموقع، ويقوم بتفتيش أجهزة الكمبيوتر، ويمنع
الزملاء من الاتصالات التليفونية.
وكانت قوات الأمن قد اقتحمت منزل الصحفي شادي زلط فجر السبت، وألقت القبض
عليه دون إبراز أي أوامر أو قرار بالقبض عليه، ولم يظهر رغم مرور الـ 24 ساعة التي
قررها القانون، مما يحوّل واقعة القبض عليه إلى واقعة اختطاف بمعرفة جهاز أمني ما،
بحسب حقوقيون.
ونشر الموقع عقب ساعات من اختطافه، بيانا يدين فيه القبض على الصحفي
"شادي زلط".
ويأتي اعتقال زلط بعدما نشر "مدى مصر" تقريرا قبل أيام قال فيه إن محمود النجل الأكبر لرئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي تم نقله إلى موسكو في
"مهمة عمل طويلة"، مؤكدا أن نقله من منصبه الرفيع في جهاز الاستخبارات
يأتي بعد تزايد الانتقادات بحقه داخل أجهزة الاستخبارات وعقب فشله في الملفات التي
تولاها.
وتحدث التقرير عن نصائح "إماراتية" وجهت للسيسي بإبعاد نجله منعا
لتفاقم الأوضاع في المؤسسات الأمنية الصلبة في مصر، بعد توارد أنباء عن قلق
قياداتها من النفوذ المتعاظم لنجل السيسي، وقيامه باستغلال نفوذه وصلته بوالده
وإبعاده قيادات كبيرة من جهاز المخابرات العامة، متهما تلك القيادات بأنها على
ولاء للرئيس الأسبق للمخابرات العامة اللواء عمر سليمان.
اقرأ أيضا: NYT: هذه رسالة السلطات من اعتقال محرر "مدى مصر" وترحيل آخر
وفي سياق متصل، طالبت مؤسسة حرية الفكر والتعبير الحكومة المصرية بسرعة مغادرة القوات الأمنية التي اقتحمت مكتب موقع "مدى مصر" فورا، والسماح للصحفيين المحتجزين داخل الموقع بالتواصل مع العالم الخارجي.
وقالت المفوضية المصرية للحقوق والحريات إن محاميها انتقل لمقر موقع "مدى مصر" لتقديم الدعم، إلا أنه فوجئ بوجود كردون أمني في الشارع الذي يقع به المقر، فضلا عن قوات أمن أمام بوابة العمارة تمنع أي شخص من الصعود.
فيما حضر عدد كبير من المحامين والصحفيين ومراسلي وكالات الأنباء والمتضامنين مع الصحفيين المحتجزين هناك.
إلى ذلك، قالت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان إن "عملية اختطاف
محرر موقع مدى مصر شادي زلط من منزله، وإخفائه، لا يُعد فقط استمرارا للنهج
المعتاد من العداء للصحافة المهنية والمستقلة، لكنه يدشّن مرحلة الظلام الإعلامي
في مصر، حيث اختفت تماما الصحافة المهنية والمستقلة، وباتت دولة الـ 100 مليون
نسمة، تحيا دون صحافة ودون صحف مستقلة أو مهنية أو بعيدة عن الرقابة الفظة التي
تمارسها العديد من الأجهزة الأمنية المصرية".
وأضافت: "حتى يظهر الصحفي المختطف، ويتم الإعلان عن الجهة التي
اختطفته أو أسبابها، فتعتقد الشبكة العربية أن اختطافه جاء كنتيجة لنشر تقرير عن
إبعاد نجل رئيس الجمهورية إلى روسيا، تم نشره تحت عنوان (مهمة عمل طويلة: إبعاد
محمود السيسي إلى روسيا)".
وتابعت: "كان الأحرى بالجهة التي اختطفته، أيا كانت، أن تراعي الأعراف
المهنية وتحترم سيادة القانون، بإرسال رد أو تصحيح أو حتى شكوى لنقابة الصحفيين إن
كان لديها رواية مغايرة لما نشر، إن كانت واقعة اختطافه تتعلق بهذا التقرير
الصحفي، أو أن تعلن أسباب أخرى لو وجدت، بدلا من الاختطاف والإمعان في ممارسات
بوليسية تزيد من الإساءة لصورة وسمعة هذه الأجهزة الأمنية، لكن للاسف لم يحدث".
وطالبت النائب العام بفتح تحقيق عاجل وشفاف، والإعلان عن اسم الجهة التي
اختطفت شادي زلط، ومساءلتها والقائمين عليها، حتى لا تصبح مصر مرتعا لممارسات
بوليسية تضرب بالقانون عرض الحائط، وتنشر الخوف بين القلة المتبقية من الصحفيين
المهنيين الذين مازالوا يعملون بالصحافة الحقيقية المتعارف عليها".
و"مدى مصر" واحد من مئات المواقع الإلكترونية التي حجبتها
السلطات المصرية خلال السنوات الأخيرة، ولا يمكن تصفحها في مصر إلا عبر شبكة خاصة
افتراضية.
ومنذ انقلاب 3 تموز/ يوليو 2013، تشن السلطات المصرية حملة قمع واسعة ضد
معارضين ونشطاء طاولت أيضا صحفيين. ومصر في المرتبة الثالثة عالميا من حيث عدد
الصحفيين المسجونين، بحسب لجنة حماية الصحفيين ومقرها في نيويورك.
في يوم مناهضة الجرائم بحق الصحفيين.. هل أفلت قتلتهم في مصر؟
منظمات: تهديد الحقوقيين المصريين لن يوقف فضح الانتهاكات
منظمة مصرية: لن نسكت عن انتهاكات الأمن رغم ما نتعرض له