نشرت مجلة لوبوان الفرنسية مقال رأي لمراسلها في العاصمة التونسية، بينوا دولما، سلط فيه الضوء على التطورات التي عرفتها ليبيا، وبسط المشير حفتر نفوذه فيها، مستخفا بأي تسوية.
وقال الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إنه بعد مضي ثماني سنوات على الحرب الأهلية، تتطلب إعادة إعمار البلاد سلاما سيكون ثمنه باهظا.
يمكن للمرء أن يشك في وجود الأمة الليبية بعد سنوات من الصراعات الدموية. في الوقت الحالي، توجد حكومة في طرابلس، غرب البلاد، تعترف بها الأمم المتحدة. أما في الشرق، فيبسط المشير حفتر قبضته.
وبحكم الواقع، هناك انفصال بين الطرفين. ففي الرابع من نيسان/ أبريل، قبل عشرة أيام من مؤتمر حاسم، شنّ حفتر عملية عسكرية ضد العاصمة.
وعد حفتر حينها بغارة عاجلة، وانتصار سريع من شأنه فرض خطاباته الوطنية باستعمال القوة. وركّز حفتر، البالغ من العمر 76 سنة، على مقاومة الجيش الوطني المدعوم من المليشيات.
وبعد مرور سبعة أشهر، تعدّ الحصيلة كارثية، إذ سقط آلاف القتلى، ونزح عشرات آلاف الأشخاص، واستهدفت تفجيرات مخيمات المهاجرين.
ومع ذلك، يبدو مشروع حفتر، الذي يعد مزيجا بين قصف الصواريخ والمرتزقة، كأنه يتقدم، إذ تتغير الديناميكيات بين صفوف الأطراف الخارجية الداعمة له لصالحه.
حفتر ضدّ أي تسوية
ذكر الكاتب أن جلال حرشاوي، الباحث في معهد كلينجيندال، يعتبر أن "لدى حفتر مشروع وطني، فهو يريد دولة ليبية تكون ذات كتلة واحدة، باستعمال أساليب وحشية".
ومن المفارقات أنه في حال انتصر حفتر في معركته، فسيكون ذلك بفضل أسلحة أجنبية وطيارين أجانب ودبابات ومرتزقة وأموال أجنبية.
من أجل السيطرة على طرابلس، يستخف حفتر بأي تسوية، وهو ما يفسر إطلاقه غارة في شهر نيسان/ أبريل المنقضي. كان عليه القضاء على المؤتمر الوطني الذي كان يتم التحضير له حينها.
اقرأ أيضا: ملك البحرين يستقبل السراج وقوات "الوفاق" تتقدم جنوبي طرابلس
وقد دمّر جنوده عمدا المؤتمر الوطني الذي كان يحاول غسان سلامة، المبعوث الخاص للأمم المتحدة، إعداده منذ شهور، من خلال تنظيم اجتماعات تحضيرية في 57 مدينة في البلاد، بحضور 150 من ممثلي جميع أطراف الصراع، والرغبة في إنشاء جدول زمني انتخابي، ومشروع دستور، وهو ما يقوض الطموحات الوطنية للمشير.
وفي ظل الضوء الأخضر الذي منحته إياه الدول الممولة، بما في ذلك مجموعة من دول الخليج، وروسيا، هاجمت سلطة الشرق مناطق الغرب، دون التفكير في أي قضايا أخلاقية.
"سيسي" ليبي
أضاف الكاتب أنه في سنة 2013، أطاح مشير آخر، يدعى السيسي، بالرئيس المنتخب ديمقراطيا، محمد مرسي، الذي توفي فيما بعد في السجن.
وقع التعايش بشكل جيد مع نظام السيسي، الديكتاتور المُعلن، الذي يعد بمحاربة الإرهاب، دون الاهتمام بحقوق الإنسان، ويسجن الأشخاص، ويمارس التعذيب، من ملتحين ومحامين، وأعضاء المجتمع المدني.
من جهتها، توافق الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية على ما يقوم به السيسي، وتدعمه وتموله. ويصطف ترامب وبوتين على الخط ذاته.
تطرق الكاتب إلى أن حفتر يستفيد من الظرف الجزائري. فلأنها تواجه أزمة مزدوجة سياسية وخاصة اقتصادية، لا تتدخل الجزائر العاصمة لمطالبة موسكو بتقليص طموحات حفتر الحربية.
ويتضاعف عدد المرتزقة الروس على الأراضي الليبية. وتشير الحكومات الخليجية، باستثناء تلك القطرية، والبيت الأبيض والكرملين إلى أن سيسي ليبي سيفرض سلاما قسريا.
100 مليار دولار لإعادة الإعمار
أشار الكاتب إلى أن مبلغ مئة مليار دولار، الذي تحدث عنه البنك الدولي، قد يسمح بإعادة إعمار بنغازي والمناطق المحيطة بها (20 مليارا)، وبتحديث نظام النفط ليصل إلى إنتاج 2.2 مليون برميل في اليوم مقابل معدل إنتاج 1.6 برميل في الوقت الحالي (20 مليارا)، وبالاستثمار في فزان، حيث يحتاج السكان -البالغ عددهم 500 ألف شخص- إلى خدمات الدولة، بعبارة أخرى سيُمكن من توزيع الثروات المتركزة في الشمال الغربي (طرابلس ومصراتة).
بناء على ذلك، ستصبح ليبيا، البلد الضخم الذي يبلغ عدد سكانه ستة ملايين نسمة، مستقرة ومزدهرة. ولبلوغ هذه الغاية، فإن الثمن الذي ينبغي دفعه سيكون باهظا على المستوى الأخلاقي، وغير مقبول على الصعيد وهش للغاية.
ويتوقع جلال حرشاوي أن "النصر النهائي سيكون بمثابة شركة ناشئة تتجاوز قيمتها مليار دولار، ويمولها رأس مال مخاطر".
إيكونوميست: هل يحسم المداخلة معركة طرابلس لصالح حفتر؟
صحيفة: هكذا تستخدم روسيا المرتزقة لتوسيع نفوذها بليبيا
التايمز: هذه أهداف بوتين من الدخول إلى الساحة الليبية