سياسة عربية

ما سيناريوهات المرحلة المقبلة بالعراق بعد استقالة عبد المهدي؟

قدم عبد المهدي استقالته بشكل رسمي السبت أمام البرلمان- جيتي

فتح قرار رئيس الحكومة العراقية عادل عبد المهدي الاستقالة من منصبه، باب التكهنات واسعا حول سيناريوهات المرحلة المقبلة، في ظل تصاعد الاحتجاجات الشعبية التي انطلقت منذ تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.

ومن تلك السيناريوهات ما طرحته بعض الشخصيات السياسية، بضرورة الذهاب إلى انتخابات مبكرة واعتبار الحكومة الحالية حكومة تصريف أعمال، وفي المقابل تفضل كتل سياسية اختيار حكومة بديلة للحكومة الحالية وشخصية تخلف عبدالمهدي في رئاستها، والإبقاء على البرلمان الحالي.

حكومة تصريف أعمال


النائبة في البرلمان عن تحالف القوى وحدة الجميلي، قالت إن "الصورة حتى الآن بخصوص السيناريوهات المقبلة غير واضحة المعالم بعد، لأنه من 2003 وحتى يومنا هذا لم تسقط حكومة، وإنما كان تداولا سليما للسلطة من حزبين أو ثلاثة، وبالتالي فإن ما نشهده اليوم هو غريب عن الديمقراطية الحالية في العراق".

وأضافت في حديث لـ"عربي21" أن "أحد مطالب المتظاهرين هو تغيير الحكومة، لكن ليس بالضرورة أن يكون تغييرها من نفس الوجوه أو الأحزاب ذاتها الموجودة، لأن الشعب يرفضه، ونحن أيضا نرفض طرح أسماء هي أساسا شاركت في حكومات سابقة أو عرابة لبعض الأحزاب أو كان هو حزبيا مشاركا في انتخابات معينة".

وأوضحت، أن "الشخصية التي نريدها تكون مرضية للجماهير، حتى يلمسوا تحقيقا لمطالبهم ويكون شخصا من التكنوقراط وبعيدة عن كل التحزبات الحالية"، مشددة على "ضرورة المجيء، بشخصية مستقلة قادرة على إدارة البلد خلفا لعبد المهدي، والذهاب بالوقت نفسه إلى انتخابات مبكرة وحل البرلمان حتى نأتي بشخصيات بعيدة عما هو موجود اليوم في السلطة".

أما بخصوص من يحل مكان عبد المهدي عند استقالته، فقالت الجميلي إن "رئيس الجمهورية سيكون هو رئيسا للحكومة خلال الفترة هذه لإدارة حكومة تصريف أعمال".

وأكدت النائبة أن "الكتل السياسية الكبيرة تفضل اختيار شخصية بديلة عن عبد المهدي على الذهاب إلى انتخابات مبكرة، بما فيها تحالف القوى العراقية، لكن إذا أردنا أن تسير الأمور بالشكل الذي يريده المواطن، فلا بد من الذهاب بعد استقالة الحكومة إلى انتخابات مبكرة".

ورأت الجميلي ضرورة أن "يتم ذلك شريطة عدم ترشيح من استلم السلطة وكان نائبا من بعد 2003 وحتى 2019، وفسح المجال أمام مشاركة الشباب الذين يرفضون العمل السياسي الحالي بالكامل".

انتخابات برلمانية مبكرة


من جهته، رأى الخبير السياسي العراقي هشام الهاشمي، أن الحلول السياسية في العراق تبقى مشوشة ومرتبطة بالإرادات الإقليمية والدولية؛ مثل مستقبل العلاقة الإيرانية-الأمريكية، والعلاقة الإيرانية-السعودية، والحرب في سوريا، والمواقف التركية، وحقوق هيئة الحشد الشعبي، وتطورات الوضع الأمني في شمال وغرب العراق والانتخابات المبكرة".

وأضاف في حديث لـ"عربي21" أنه "أمام جميع هذه التجاذبات والملفات المعقدة، وحتى يرجع المتظاهرون الى بيوتهم وهم راضون، يبدو أنه ليس أمام العراق من خيار إلا الاستجابة والتهدئة".

وأشار إلى أن ذلك يتم بالعودة إلى مفاوضات اختيار رئيس الوزراء وفق عرف التفاهمات التي تأسست عليها الحكومات السابقة، وإجراء حوار بين أحزاب محور إيران وأحزاب محور أمريكا مع مراعاة فيتو المرجعية في النجف، وتحديدا مرجعية السيد السيستاني.

ولفت الهاشمي إلى أن "المرجعية ترغب في حكومة تعدل موقفها من المحاصصة الفاحشة والاقتراب من التكنوقراط السياسي لتعطيل الفساد إلى نسب مقنعة للمحتجين على فساد الحكومات بسبب شيوع عرف المحاصصة".

وتابع: "حكومة بإمكانها أن توفر استقرار الأمن والاقتصاد وتماسك السلطة الاتحادية، وعند انتفاء هذه المواصفات فأظن أنه سوف يعيش العراق التريث الذي شاهدناه دائما في حكومات ما بعد 2006، إذا كان قيام حكومة بديلة لحكومة عادل عبد المهدي سيقود إلى ضرر أكبر من عدم قيامها، وبخاصة مع بروز موقف حاد للمتظاهرين يدعو إلى التريث بدلا من إعلان حكومة جديدة بمواصفات الحكومة المستقيلة".

وتوقع الخبير السياسي العراقي "استمرار التظاهرات حتى البدء بانتخابات مبكرة جديدة، بسبب انعدام الثقة بزعامات النظام السياسي الحالي، وأنه لا توجد نية واضحة للأطراف السياسية العراقية حتى الآن لتغيير جذري في سلوك النظام، والاستجابة لمطالب المتظاهرين إلى مناخ التسوية السياسية الداخلية بما يناسب التهدئة والاحتواء مع المتظاهرين".

وبحسب قوله، فإن البرلمان لا يمكن حله بسبب الحاجة الماسة له لتشريع قانون الانتخابات والتصويت على المفوضية وإعطاء الثقة للحكومة البديلة، وتاليا بدون بقاء البرلمان ليس ثمة حكومة جديدة في الأفق، وسيكون منصب رئاسة الجمهورية محدود الصلاحيات فهو قد يصرف الأعمال وليس باستطاعته تسييرها. ما يعني أن هذا الاحتمال هو احتمال تصعيد لا تهدئة".

وأردف: "يبقى التفاؤل الأخير، وهو حصول استجابة جادة وصادقة لمطالب المتظاهرين، وتواضع قيادات الكتل المسيطرة للجلوس على طاولة التفاوض مع المتظاهرين وفي ساحات التظاهرات وتشكيل حكومة ترضي الجميع".

واستدرك الهاشمي قائلا: "لكن ذلك الاحتمال يتوقف على مدى جدية الكتل السياسية في الابتعاد عن عرف المحاصصة والاعتراف بأخطائها والاعتذار من المتظاهرين وتجريد إخلاصها للوطن، وقدرتها على فرض سلطته وتحييد الفاسدين"..

"خاصة أن التظاهرات الوطنية الديمقراطية تدعمها فئات شعبية واسعة تطالب بإصلاح النظام السياسي بشكل حاسم، ولن تقبل بالتفريط مرة أخرى بمعاني انتصارها الإصلاحي"، بحسب الهاشمي.

وأكد أن "ذلك يعني إضعافا للأحزاب المرتبطة بأجندات خارجية، ويعد الميدان الأول لتجربة هذا الاحتمال هو الـ15 يوما بعد قبول استقالة عادل عبد المهدي، وتشكيل حكومة بديلة".

اقرأ أيضا: عبد المهدي يسلم استقالته إلى البرلمان ويلقي كلمة (شاهد)