يتوقع المتابعون
لمحاكمة كبار مسؤولي نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة ورجال الأعمال
النافذين الذين أحاطوا بحكمه، أحكاما مشددة تتراوح بين 15 و20 سنة سجنا نافذا مع
مصادرة كل أموالهم.
وينتظر أن تصدر، الاثنين، الأحكام في القضية التي تتناول ملفي
"تركيب السيارات" و"التمويل الخفي للحملة الانتخابية للرئيس
السابق"، بعد الفراغ من سماع أقوال المتهمين ومرافعات الدفاع وتقديم النيابة
لالتماساتها.
وقال ممثل النيابة
في مرافعته الأحد، إن هذه القضية فريدة من نوعها في تاريخ العدالة الجزائرية وستظل
راسخة في أذهان الجزائريين، باعتبارها المرة الأولى التي يمثل فيها مسؤولون كبار
أمام العدالة.
وأشار ممثل
النيابة إلى أن "الألم يعتصرنا اليوم ونحن نرى من يستغل منصبه للسطو على
خيرات ومقدرات الأمة"، مُرجعا ذلك إلى نقص الوازع الديني والأخلاقي والديني.
وتابع وكيل
الجمهورية أن الفساد الذي استشرى في جسد الدولة، هو الذي أدى إلى قنوط الشعب
وفقدان الثقة في من يشغل المسؤولية العمومية، حتى صار الجزائريون، حسبه، يشككون
أصلا في أن هؤلاء المسؤولين يُحاكمون فعلا.
فضائح أويحيى
أكثر المتهمين
جلبا للأنظار في هذه القضية، هو أحمد أويحيى الذي شغل أكبر المسؤوليات في الدولة،
من وزير للعدل إلى رئيس للحكومة إلى رئيس لديوان رئيس الجمهورية، وهو من أكثر
الشخصيات إثارة للجدل بتصريحاته المستفزة في فترة الرئيس السابق عبد العزيز
بوتفليقة.
ويتابع أويحيى في
هذه القضية بتهم ثقيلة، أبرزها إساءة استغلال الوظيفية ومنح امتيازات غير مبررة
للغير، حيث قام بتفضيل بعض رجال الأعمال في مجال تركيب السيارات الذي فتحته الدولة
للمستثمرين سنة 2014 وحرمان آخرين من ذلك.
كما يواجه أويحيى
تهم التصريح الكاذب بالممتلكات وتلقي الرشوة وتبييض الأموال، بعد اكتشاف أن له 3
حسابات غير مصرح بها، أهمها على الإطلاق هو حساب بنك التنمية المحلية، الذي رصدت به
حركة أموال بقيمة 2.5 مليار دولار بين سنتي 2018 و2019.
واعترف أويحيى
أمام القاضي بامتلاكه للحساب وعدم تصريحه به، ودافع عن نفسه بالقول: "سيدي
القاضي لم أصرح بالحساب لكني أؤكد لكم أن المبلغ ليس من نشاطي كوزير أول، وأنا لست
ساذجا حتى أضع أموال رشوة في بنك عمومي، كما أن المحققين لم يجدوا لدي أي حسابات
في الخارج كما كان يشاع عني".
وواجه القاضي
أويحيى أيضا بتهمة تعارض المصالح، إذ يمتلك ابنه شركة "أوتيك" المختصة
في مجال بيع تجهيزات الإعلام الآلي، وهو موضوع سبق لـ"عربي 21" أن
تناولته، في حين لم يصرح بذلك كما تقتضيه القوانين لرئاسة الجمهورية.
وقال أويحيى إن
شركة ابنه لا تعمل مع الشركات العمومية إلا نادرا، مشيرا إلى أنه أبلغ رئيس
الجمهورية بنشاط ابنه مُشافهة، كونه يتواصل مع الرئيس بشكل دائم، وفق أقواله.
أما الوزير الأول
السابق، عبد المالك سلال، فقد واجهه القاضي بتهم ثقيلة كذلك، وهو الذي كان الرجل
الأول في الحكومة لمدة 5 سنوات (من 2012 إلى 2017).
تهم سلال والوزراء
ويتهم سلال بتقديم
امتيازات غير مبررة وإساءة استغلال وظيفته وتهميش الوكالة الوطنية للاستثمار التي تدرس
مشاريع الاستثمار وتعطي رأيها فيها قبل أن تعتمد من المجلس الوطني للاستثمار
المشكل من 11 وزيرا في الحكومة.
والتهمة الأبرز في
ملفه هي تعارض المصالح، بعد أن قام الوزير الأول السابق بإشراك ابنه فارس سلال
(مسجون هو الآخر في القضية نفسها) في مساهمة بـ23 بالمائة مع رجل الأعمال أحمد معزوز
(مصنع سيارات صينية) دون أي مساهمة مادية منه ثم أصبح ابنه مديرا عاما للشركة. كما
أن سلال لم يصرح بامتلاكه سيارة "لوند روفر" فخمة مصنعة في سنة 2017.
وتورط سلال كذلك
في قضية التمويل الخفي للحملة الانتخابية للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة التي
كان مديرها، حيث تلقى أموالا بصفة غير شرعية من 3 من رجال الأعمال بلغ مجموعها 3.7
مليون دولار، علما أن القانون يشترط في التربع للحملة الانتخابية سقفا لا يتجاوز 300
مرة الأجر المضمون في الجزائر الذي يساوي 150 دولارا.
أما وزير النقل
السابق عبد الغني زعلان وهو أيضا مدير حملة بوتفليقة الذي خلف سلال، فقد ذكر بأنه
وجد في حساب الحملة مبلغا طائلا يقدر بـ 6.2 مليون دولار، نافيا أن يكون هو من جمع
هذه الأموال.
ويواجه ثلاثة من
وزراء الصناعة، عبد السلام بوشوارب (فار) ويوسف يوسفي ومحجوب بدة، تهما ثقيلة
تتعلق بإساءة استغلال الوظيفة وتعارض المصالح وتقديم امتيازات غير مبررة.
متضررون كثر
وظهر في هذه
المحاكمة أطراف مدنية، قالت إنها تضررت من سياسات الوزراء السابقين الذين حرموهم
من الاستثمار، وفضلوا عليهم رجال أعمال آخرين عن طريق المحاباة.
وذكر رجل الأعمال عبد
الرحمن عشايبو، أحد الأطراف المدنية، بأنه فقد أكثر من 1000 منصب عمل في مؤسسته
بفعل سياسات أحمد أويحيى ووزراء الصناعة الذين حرموه من حقه في الاستثمار.
وقال عشايبو في
تصريح لـ"عربي 21"، إنه فقد تسويق علامة "كيا" رغم أنه متعامل
في السوق منذ سنة 1996، وذلك لصالح متعامل آخر موجود حاليا في السجن، تم تفضيله من
وزير الصناعة عبد السلام بوشوارب.
وأبرز عشايبو، أنه
قدم مئات المراسلات لإنصافه إلى الوزير الأول أحمد أويحيى ورئاسة الجمهورية وزارة
الصناعة، لكنه كان لا يتلقى ردا، ما أدى به إلى توقيف نشاطه والاقتصار فقط على
صيانة المركبات التي سوقها من قبل.
اقرأ أيضا: النيابة بالجزائر تطلب أحكاما بالسجن لرموز من نظام بوتفليقة
العقوبات المتوقعة
وقال المحامي
فاروق قسنطيني، إن الاعترافات التي أدلى بها المتهمون أمام قاضي محكمة سيدي امحمد
بالعاصمة، خطيرة جدا وستكلفهم أحكاما ثقيلة بالسجن.
وذكر قسنطيني في
تصريح لـ"عربي 21"، أن الأحكام المتوقعة بعد نطق وكيل الجمهورية
بالالتماسات، ستكون بين 15 و20 سنة سجنا نافذا في حق الوزيرين الأولين السابقين
أحمد أويحيى وعبد المالك سلال.
وتابع المحامي
بأنه يتوقع بناء على الملف، أن يحكم القاضي أيضا بمصادرة ممتلكات المتهمين، ما عدا
المسكن العائلي الذي سيبقى ملكهم كما تقتضيه قوانين البلاد.
وأشار قسنطيني إلى
أن الأحكام المنتظرة، ستُنهي تماما المستقبل السياسي لهؤلاء الوزراء، في حال حكم
القاضي بحرمانهم من الحقوق المدنية التي تعني حرية الترشح والانتخاب.
انتهاء الحملات الانتخابية في الجزائر وسط رفض واسع للمشاركة
"عربي21" تستطلع آراء الجزائريين بشأن الرئاسيات المرتقبة
البرلمان الأوروبي يبعث هواجس "التدخل الأجنبي" عند الجزائريين