إعلام السيسي في 2019.. تخبط وارتباك مُعلن وإقرار بالفشل

قال خبراء إعلام مصريون إن عام 2019 شهد فشل نظام رئيس الانقلاب، عبد الفتاح السيسي، في إدارة ملف الإعلام، وذلك رغم سيطرته المطلقة على جميع وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة سواء بالاستحواذ واحتكار المجال الإعلامي والإعلاني والفني، أو بالولاء المطلق.

وأكدوا، في تصريحات لـ"عربي21"، أن نظام السيسي امتلك جميع وسائل الإعلام بلا مبالغة، وأزاح غالبية رجال الأعمال من سدة إدارة قنواتهم، ولا توجد وسيلة إعلام واحدة معارضة داخل البلاد، بعد تأميم القطاع بالكامل منذ 2013.

وتربعت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية (التابعة للمخابرات) المالكة لمجموعة إعلام المصريين، على رأس مملكة الإعلام في أيار/ مايو 2019 بعد أن استحوذت على مجموعة دي ميديا الإعلامية، المالكة لقنوات دي إم سي (المخابراتية)، وتم إعلان تامر مرسي رئيسا لمجلس إدارة الشركة.

"السيسي يقر بفشل إعلامه"

وأقر السيسي في أكثر من مناسبة بفشل "الإعلام" في تحقيق أهدافه، أو المرجو منه، رغم حجم الإنفاق الكبير على القنوات، والذي بلغ نحو 6 مليارات جنيه في العام الواحد، محمّلا القائمين على الملف مسؤولية فشلهم في جذب الجماهير وإقناعهم "بإنجازاته"، على حد قوله.

وكان موقع "عربي21" قد انفرد بسحب الملف من المقدم أحمد شعبان، الذي كان يُطلق عليه "رئيس تحرير مصر"، وهو اللقب المفضل لديه، بعد سنوات من العمل مديرا لمكتب عباس، حيث رافقه منذ تعيينه مديرا لمكتب السيسي، ثم مديرا لجهاز المخابرات العامة.

اقرأ أيضا: مصدر خاص: سحب ملف الإعلام بمصر من رئيس المخابرات عباس كامل

ومن تداعيات إنهاء سيطرة شعبان على الملف، إلقاء الأجهزة الأمنية المصرية، الشهر الماضي، القبض على رجل الأعمال الشهير وضابط المخابرات السابق، ياسر سليم، الذي يُعرف بـ"إمبراطور الإعلام"، وأحد أذرع ورجالات المخابرات المسؤولين عن ملف الإعلام.

انسحاب الإمارات من الإعلام

وكشف مصدر مطلع في وقت سابق لـ"عربي21"، أن السلطات المصرية تبحث إعادة ترتيب البيت الإعلامي، لكونه أكثر الملفات تخبطا وإخفاقا، وأنه تم استدعاء بعض الوجوه الإعلامية الموالية للنظام، والتي سبق حظرها لسنوات بهدف استعادة جمهورهم وتأثيرهم.

وشهد العام الجاري إغلاق العديد من القنوات من بينها dmc news ، والناس، والإطاحة ببعض الإعلاميين الكبار المحسوبين على النظام، مثل أسامة كمال من شاشة قناة DMC ، وظهور إعلاميين آخرين مثل أماني الخياط، ويوسف الحسيني، وخالد أبو بكر، وغيرهم.

وشهد الشهر الأخير من عام 2019، بداية انسحاب الإمارات من الاستثمار في الإعلام المصري بقرارها إغلاق قناة TeN المحسوبة عليها، والتي يتحدث إعلاميون عن أنها مُمولة من القيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان المُقيم في الإمارات.

وقناة TeN هي إحدى استثمارات دولة الإمارات في الإعلام المصري إلى جانب قناتي الغد العربي والكوفية، إضافة إلى مواقع صحفية إلكترونية أخرى، بحسب ما نشرته تقارير صحفية.

"منظومة السيسي الإعلامية"

من جانبه، قال رئيس المرصد العربي لحرية الإعلام، قطب العربي: "على مدى الأعوام الماضية حاول رجال السيسي تطبيق منظومة إعلامية تلبي رغبته في إعلام يشبه إعلام السيتينات، فتمت السيطرة على غالبية القنوات والمواقع الخاصة المعروفة من خلال شركات مخابراتية بواجهة مدنية، ولكنهم فشلوا فشلا ذريعا".

وأضاف لـ"عربي21": "هذا الفشل تمثل في انصراف الجمهور عن قنواتهم ومواقعهم والتوجه للقنوات المعارضة والقنوات العالمية الكبيرة، بالإضافة إلى العديد من المواقع الإلكترونية المعروفة، رغم حجبها من قبل النظام".

ووصف جهود السيسي في محاولة إحياء الإعلام بالفاشلة، قائلا: "حاول النظام القيام ببعض التغييرات الشكلية كاستدعاء بعض الوجوه المُبعدة، ونقل بعض الوجوه الأخرى من قناة لأخرى في محاولة لإعادة رسم الخريطة البرامجية ولكنها فشلت؛ لأنه لا نجاح بدون حرية إعلامية".

"إعلام بدون ديمقراطية"

وعلق مدير قناة مصر 25 سابقا، حازم غراب، بالقول: "إن ما نشهده الآن ليس إعلاما، ومن يظهرون على الشاشات ليسوا إعلاميين"، مشيرا إلى "أنهم أدوات في يد السلطة لهدف الدعاية والتطبيل وتضليل الرأي العام، ولا علاقة لهم بأبسط قواعد الإعلام".

وفي حديثه لـ"عربي21"، وصف غراب الواقع الإعلامي في مصر تحت سطوة وهيمنة النظام الحالي بـ "المتخبط الذي لا يُرجى نفعه"، مضيفا أنه "لا توجد الحدود الدنيا من الإعلام الحقيقي التي تتطلب التنوع والتعددية والاختلاف في الرأي".

وتوقع غراب "استمرار فشل الإعلام؛ لأنه لا أمل في حدوث أي تغيير في ظل استمرار الاتجاه السائد، وهو الرأي الواحد، فلا أمل البتة في أي تغيير يطرأ على تحسن الأداء الإعلامي"، داعيا إلى "ضرورة إعادة الحكم الديمقراطي لإيجاد إعلام حقيقي".

"لماذا فشل إعلام السيسي؟"

وعدّد رئيس المكتب الاعلامي بالمجلس الثوري المصري، محمد صلاح حسين، أسباب فشل إعلام السيسي بالقول "فقدان المصداقية، الدوران في فلك السلطة، فقدان المهنية، الجهل بفلسفة الإعلام الجديد المتمثل في طفرة شبكات التواصل الاجتماعي وتأثيرها ما أدى إلى كشف كذب وتدليس إعلام السيسي".

وأكد، في تصريح لـ"عربي21"، أن "الإعلام لا يمكن أن تصل رسالته إلا بالمصداقية والشفافية، بينما إعلام السيسي لم يحترف إلا الكذب وتزييف الوعي"، مشيرا إلى أن "الإعلام في مصر تتغير رسالته حسب رغبات السلطة".

وأرجع فشل منظومة السيسي الإعلامية إلى "نجاح إعلام الخارج من خلال نجاح بعض القنوات والمواقع الإخبارية في تقديم إعلام يحمل قدرا كبيرا من المصداقية"، منوها إلى أن "إعلام السيسي اعتمد على الأشخاص لا المهنية، فتشعر أنه إعلام الستينيات لكن بثوب القرن الحادي والعشرين".