نشرت صحيفة "كوميرسانت" الروسية حوار مع
السفير الإيراني السابق لدى موسكو مهدي سنائي، تحدث فيه عن الأسباب التي عززت
العلاقات بين موسكو وطهران، وجعلت إيران تعتبر نفسها الشريك الرئيسي لروسيا في
الشرق الأوسط.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته
"عربي21"، إن العلاقات الروسية الإيرانية شهدت تطورات شملت العديد من
المجالات في الآونة الأخيرة.
وردا على سؤال الصحيفة حول وضع العلاقات بين
روسيا وإيران منذ سنة 2013، أي عندما استلم سنائي منصب سفير لدى موسكو، وحتى سنة
2019. أجاب سنائي: "في البداية كان الوضع صعبا وغير مرض، لا سيما بعد تأييد
موسكو ستة قرارات اتخذها مجلس الأمن الدولي بشأن فرض عقوبات على إيران، ما أدى إلى
إلغاء البنوك الروسية معاملاتها مع إيران".
وأضاف سنائي "بعد ذلك دخلنا في مرحلة جديدة
من العلاقات الثنائية، يطغى عليها الحوار والتعاون والتفاهم المتبادل، علما بأن
مستوى التواصل هذا بين قادة البلدين لم يكن متواجدا من قبل. ومنذ سنة 2003، زار
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إيران ثلاث مرات، بينما زار الرئيس الإيراني حسن
روحاني، روسيا خمس مرات".
وفي سياق متصل، أكد سنائي أن "الروابط العلمية
والثقافية بين البلدين تعززت، ما أدى إلى نمو القطاع السياحي، فضلا عن حدوث تحولات
مهمة في الاقتصاد وفي مجال التعاون العسكري التقني".
وفي إجابته عن سؤال الصحيفة بشأن أسباب التقارب
بين الطرفين، وما إن كان ذلك يعزى إلى انهيار العلاقات بين روسيا والغرب، أو إلى
إنشاء حوار بين طهران والعواصم الغربية نتيجة التقدم في تسوية القضية النووية
الإيرانية، أكد سنائي: "لا أعتقد أن السبب الرئيسي يعود إلى المواجهة بين
روسيا والغرب، لا سيما أن الحوار الإيراني الروسي تكثف قبل فترة طويلة من فرض
الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات على روسيا".
وأوضح سنائي أن "هناك عدة أسباب لتعزيز
العلاقات بين البلدين، أهمها الإرادة الرئيسية للدولتين، وخطة العمل الشاملة
المشتركة التي تتطلب تفاعل إيران مع البلدان الأخرى. ومع ذلك، لا يمكن إنكار حقيقة
أن تدهور العلاقات بين روسيا والغرب لعب دوراً في إقامة حوار بين إيران
وروسيا".
أما فيما يتعلق بالمصالح المتباينة لروسيا وإيران
في بعض المناطق، أورد سنائي: "لقد
حققنا نتائج هائلة، إذ كان العراق وسوريا في قبضة تنظيم الدولة، كما أجبرنا لاعبين
من خارج المنطقة، الذين أرادو الإطاحة ببشار الأسد على التراجع عن أهدافهم. في
حقيقة الأمر، لم يستطع تنظيم الدولة ولا الغرب تنفيذ خططهم في الشرق الأوسط وذلك
نتيجة التعاون الإيراني الروسي".
وأورد سنائي أن "مفاوضات آستانا التي كانت
تركيا أيضا من رعاياها أتت بنتائج عظيمة، من بينها إقامة اتصالات بين الحكومة
السورية ومعارضيها، وإنشاء مناطق خفض التصعيد في سوريا، وتشكيل لجنة لتبادل
الأشخاص المحتجزين مؤقتًا بمساعدة الأمم المتحدة والصليب الأحمر والمنظمات الدولية
والإنسانية الأخرى، بالإضافة إلى تشكيل اللجنة الدستورية في سوريا، التي عُقد أول
اجتماع لها مؤخرًا".
وأضاف سنائي أنه "بعد الانتهاء من العمليات
العسكرية في سوريا، من الضروري مواصلة التعاون بين الجانب الروسي والإيراني لإعادة
بناء سوريا ما بعد الحرب، لا سيما أن إرساء السلام والاستقرار في سوريا عامل مهم
لضمان أمن المنطقة بأسرها. ونظرا لاختلاف مصالح كلتا الدولتين، من الطبيعي تباين
الآراء في بعض المواقف، لكن دائما ما ننجح في العثور على حل وسط نتيجة اتباعنا
مناهج مشتركة".
وفي سؤال الصحيفة عما إذا كانت روسيا استنفذت جميع
محاولاتها للحفاظ على صلاحية الاتفاق النووي الإيراني بعد انسحاب الولايات المتحدة
أحادي الجانب في أيار/ مايو 2018، قال سنائي:
"من الناحية الاقتصادية، من المحتمل أن تبذل روسيا والصين ما بوسعهما لدعم
إيران. أما من الناحية السياسية، لم تتخاذل روسيا عن دعمنا، إذ لعبت دورا مهما في
تطوير واعتماد خطة العمل الشاملة المشتركة، وتكافح حتى اليوم للحفاظ على استمرارية
الصفقة".
كما أكد سنائي أن "موسكو أدانت بشدة انسحاب
الولايات المتحدة من الصفقة النووية ودعمت الآلية التي أنشأتها الدول الأوروبية
للالتفاف على العقوبات الأمريكية. ومن المتوقع أن يستمر التعاون الروسي الإيراني
فيما يتعلق بالصفقة النووية، خاصة فيما يتعلق بمرفق فورد النووي. أما فيما يتعلق
بتصرفات الولايات المتحدة وعدم عمل الاتحاد الأوروبي، قرر مجلس الأمن القومي
الإيراني خفض التزاماته تدريجيا بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة".
وفي حديثه عما إذا كانت روسيا وإيران قد استطاعتا إحراز أي تقدم في مجال
التعاون الاقتصادي، بين سنائي: "أمضينا على المستندات الأساسية للعلاقات
الاقتصادية، على غرار وثائق التعاون الجمركي وحماية الاستثمار وإصدار الشهادات
للبضائع. لكن، يبقى الاقتصاد نقطة ضعف في التعاون الروسي الإيراني، ويرجع ذلك في
الحقيقة إلى أن كلا من إيران وروسيا دول مصدرة للطاقة".
ونوه سنائي بأن الوضع آخذ في التحسن بشكل تدريجي
ويتجلى ذلك في نمو حجم التجارة بين البلدين بنسبة 70 في المئة، وموافقة الرؤساء
على الاقتراض من روسيا لتمويل عدة مشاريع في مجال
الطاقة والنقل في إيران في سنة 2014، وتوقيع إيران اتفاقية حول منطقة التجارة
الحرة مع الاتحاد الاقتصادي الأوروآسيوي.
والجدير بالذكر أن الشركات الروسية التي
أبدت اهتمامًا في السابق بالتعاون مع الشركاء الإيرانيين، بدأت بمراجعة خططها
عندما أعلنت الولايات المتحدة عن توجيه حزمة من العقوبات ضد طهران.