سينما المغامرات الأمريكية والآكشن والفانتازيا
والأبطال الخارقين لا تخلو من نمطية، وإن كانت لا تبلغ نمطية الأفلام الهندية،
التي حافظت على حبكات ثابتة تتغير فيها أشكال الأبطال وأسماؤهم وأمكنة التصوير، من
غير تبديل لحكاية الفيلم المقتبسة من حكايات الآلهة الهندوس، والحبكة المعروفة هي
ضياع الأبناء، وتشتت الأسرة، والتنكر، أي تنكر البطل بزي امرأة، أو زي غير زيّه،
وهيئة غير هيئته، أو جروح البطل وإصاباته في معركة الحب والخير، والغناء، وسوء
الفهم، والبطل المساعد المنتسب للأقلية الدينية جذبا للمشاهد المسلم والسيخي، والنهاية
السعيدة، وهناك مشاهد راسخة مثل مشهد البطل الجريح، ومشهد القصر ذي الطابقين.
النسب والعائلة والأب:
ونجد النمطية في أفلام الويسترن الغربية التي وصلت إلى طريق مسدود، فالبطل وحيد مثل المسيح، ليس له أب أو أم، إنه يتيم مثل المسيح. ويتيم البشر هو من فقد والده، بخلاف الحيوان، فيتيم الحيوان هو من فقد أمه. البطل يأتي من مكان بعيد مثل المسيح إلى البلدة، من مكان يشبه الغيب، عادة هو الغرب. وفي أفلام الخارقين يأتي السوبرمان من كوكب كريبونيت، والسبايدرمان يتيم، لديه عمة، مثل المسيح تقريباً الذي لا نجد أثرا كبيرا لأمه مريم في سيرته في الأناجيل الأربعة، علاقتها به شبه معدومة، لا نراها إلا في موضعين خاليين من العاطفة. أحيانا يهبط البطل في شعاع ضوئي كبير على الأرض مثل سلسلة التيرمينيتور التي مثّلها أرنولد شوارزنيغر. وقد تحول الشعاع الضوئي إلى فيلم من أفلام الكوميدي روان أتكينسون الشهير بمستر بين، فهو يهبط في أحد أفلامه على الأرض الطريقة نفسها، من السماء عبر شعاع نوراني.
الخالد الذي لا يموت:
البطل الأمريكي لا يموت، مثل المسيح، هو ينهض من موته، حتى إذا مات نفاجأ في الحلقة التالية، أو في الفيلم الجديد بأنه قد بُعث حيا، ليس هو وحده، بل خصمه أيضا، فالشيطان أيضا خالد.
البطل مخلّص، منقذ، مثل المسيح، يحل مشاكل فردية لناس يقعون في مآزق وضائقات ويشرفون على الهلاك فينقذهم، وأحيانا ينقذ الأمة، وأحيانا الكوكب كله. البطل الأمريكي مسيح مخلص، يسوح في الأرض، وطنه سرج حصانه، أو صهوة مسدسه.
رئيس نقابة الخاطئات:
البطل الغربي الأمريكي يدافع عن الخاطئات، كما دافع المسيح عن مريم المجدلية، في سيرته في الإنجيل، وهي سيرة نبوية مسيحية، ويدفع عنها حد الرجم في الشريعة اليهودية. فالمسيح واحد من بني إسرائيل، بقوله: من كان منكم بلا خطيئة فليرجمها بحجر، لكن البطل الأمريكي في سينما الغرب، الويسترن خاصة، يجاوز الدفاع عن حياتها بالذود عن مهنة الدعارة التي صار اسمها المعاصر عاملات الجنس، ومثال ذلك في فيلم "حدث ذات مرة في الغرب" عندما يشجع جيسون روباردس المغنية جيل التي تؤديها كلوديا كاردينالي على الاختلاط بالعمال، ويحضّها على السكوت على تحرشات عمال السكة الحديد، ويضرب بيده على كَفَلها فتبتسم له في أول اختبار على التحرش المثمر في بناء الحضارة، في فيلم لاحق اسمه "الذي لا يغفر"، لكلينت إيستوود يلقن البطل الوافد البلدة درسا عظيما في توقير العاهرات والحفاظ على حقوقهن، مهددا إياهم بالعقاب إن تعرضوا لهنّ بالازدراء أو الأذى، ويعود إلى وطنه البعيد في الغرب.
المسيح كان مثالا للغفران والعفو، لكن البطل الأمريكي مطبوع على الانتقام الفوري، وإقامة العدل بنفسه وبيده، من غير انتظار للمحكمة والدولة. ويطلق عليها أسماء مثل العدالة الشاعرية، والبطل الغربي ينجو من الإعدام على نقيض المسيح الذي صلب في الرواية الإنجيلية.
المسيح والهيكل:
تلك صفات يشترك فيها الكاوبوي والبطل المدمر مع المسيح، لكنه ضده أيضا لا يشبهه في شيء، فهو لا يدخل الكنيسة إلا من أجل الدفن وأحيانا من أجل العرس، لا يفهم الإيمان، والقدر، هو القدر أو يد القدر. البطل لا يحب النساء إنه بتول صوفي، لكن الرغبة لديه هامشية، قلبه مشغول بأمر لا ندركه، أو تقع البطلة الحسناء في حبه، لكنه لا يتزوج غالبا، قد يبادلها الحب من غير رغبة كأنه يتصدق عليها بفراشه مستسلما لها. في الفراش هي البطلة وهو الضحية، كأنه يضحي بجسده من أجل رغبة شريكته.
معجزات الخبز والسمك و.. الدم:
البطل الأمريكي خارق، سريع في إطلاق النار بطريقة فريدة، خارق مثل السوبرمان، أو الرجل العنكبوت، أو شوارزنيغر، أو رامبو، ليس له معجزة المشي على الماء مثل المسيح، أو معجزة إكثار الخبز والسمك مثله، لكنه يقتل المجرمين بلا رحمة، بطولته هي في العنف والقسوة والانتقام على نقيض المسيح، صورة المسيح الشائعة في الأعياد أو الصور، لعله يشبه المسيح الذي قال: "لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأُلْقِيَ سَلاماً عَلَى الأَرْضِ بَلْ سَيْفاً"، وقوله: "لَكِنِ الآنَ مَنْ لَهُ كِيسٌ فَلْيَأْخُذْهُ وَمِزْوَدٌ كَذَلِكَ، وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فليبعد ثَوْبَهُ وَيَشْتَرِ سَيْفاً"، وقوله: "أَمَّا أَعْدَائِي أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِيدُوا أَنْ أَمْلِكَ عَلَيْهِمْ فَأْتُوا بِهِمْ إِلَى هُنَا وَاذْبَحُوهُمْ قُدَّامِي".
الصالون والصليب:
قلنا إن البطل الأمريكي يجافي الكنيسة، يؤمن بقوته، وليس بالله، يدخل إلى الصالون كما دخل المسيح إلى الهيكل فيرى العشارين، فيلعب القمار ويربح، لكن الزبائن يرفضون فوزه ويتهمونه بالغش، فيقلب الطاولات، ويردي المجرمين صرعى، الصالون هو هيكله، البطل الأمريكي الويسترن يعلق على حبل المشنقة لكنه ينجو، يتعرض للتعذيب ويصبر، وينتقم على نقيض المسيح.
مملكتي ليست من هذا العالم:
يعود البطل إلى موطنه، وهو الشمس أو الغرب، وهو يغني أغنية موطنه البعيد، لعل غياب فكرة الوطن لدى الأمريكي في أن أمريكا محتلة، أو يعزف على هارمونيكا أو غيتار، مثل المسيح الذي قال: مملكتي ليست من هذا العالم، لكنه لا يقولها بطريقة دينية. البطل الجديد، الذي نرى صورته في فيلم الآفاتار ما يزال فيه شيء من المسيح الهادي المخلص، لكنه تغير كثيرا. هو شبه مشلول، يذكر بعنوان تدهور الحضارة الغربية للفيلسوف والمؤرخ الألماني أوسفالد شبينغلر، يميل إلى دين البرابرة أو البدائيين، يؤمن بالطبيعة والشجرة كإله، لكنه ما يزال هو المخلّص وإن صار مشلولا. لم يعد قويا مثل رامبو ولا شوارزنيغر أو كلينت إيستوود. هناك صورة أخرى مبشرة في أفلام أمريكية نادرة، هي موت الإله البطل كما قتل الإله في السماء. نراها في فيلم "سيمون" من إخراج فيكتور ترانسكي، إنه فيلم يتحدث عن الأعور الدجال في تأويل كاتب المقال لهذا الفيلم العظيم.
في فيلم "محامي الشيطان" الذي يمثل آل باتشينو فيه أحد أفلامه الشهيرة والمؤثرة، الشيطان ينتصر، لا يهزم. بدأنا بالمسيح وانتهينا بانتصار الشيطان، تلك هي سيرة البطل الغربي. لقد كان الشيطان دوما بطلا مساعدا، يظهر مثل الماء في اللبن في مقولة، في تحرش، في خيانة، لكنه الآن البطل الأول، فاللبن أبيض لكنه ليس لبنا، إنه عرق مكسور بمطارق الماء السائلة.
النسب والعائلة والأب:
ونجد النمطية في أفلام الويسترن الغربية التي وصلت إلى طريق مسدود، فالبطل وحيد مثل المسيح، ليس له أب أو أم، إنه يتيم مثل المسيح. ويتيم البشر هو من فقد والده، بخلاف الحيوان، فيتيم الحيوان هو من فقد أمه. البطل يأتي من مكان بعيد مثل المسيح إلى البلدة، من مكان يشبه الغيب، عادة هو الغرب. وفي أفلام الخارقين يأتي السوبرمان من كوكب كريبونيت، والسبايدرمان يتيم، لديه عمة، مثل المسيح تقريباً الذي لا نجد أثرا كبيرا لأمه مريم في سيرته في الأناجيل الأربعة، علاقتها به شبه معدومة، لا نراها إلا في موضعين خاليين من العاطفة. أحيانا يهبط البطل في شعاع ضوئي كبير على الأرض مثل سلسلة التيرمينيتور التي مثّلها أرنولد شوارزنيغر. وقد تحول الشعاع الضوئي إلى فيلم من أفلام الكوميدي روان أتكينسون الشهير بمستر بين، فهو يهبط في أحد أفلامه على الأرض الطريقة نفسها، من السماء عبر شعاع نوراني.
الخالد الذي لا يموت:
البطل الأمريكي لا يموت، مثل المسيح، هو ينهض من موته، حتى إذا مات نفاجأ في الحلقة التالية، أو في الفيلم الجديد بأنه قد بُعث حيا، ليس هو وحده، بل خصمه أيضا، فالشيطان أيضا خالد.
البطل مخلّص، منقذ، مثل المسيح، يحل مشاكل فردية لناس يقعون في مآزق وضائقات ويشرفون على الهلاك فينقذهم، وأحيانا ينقذ الأمة، وأحيانا الكوكب كله. البطل الأمريكي مسيح مخلص، يسوح في الأرض، وطنه سرج حصانه، أو صهوة مسدسه.
رئيس نقابة الخاطئات:
البطل الغربي الأمريكي يدافع عن الخاطئات، كما دافع المسيح عن مريم المجدلية، في سيرته في الإنجيل، وهي سيرة نبوية مسيحية، ويدفع عنها حد الرجم في الشريعة اليهودية. فالمسيح واحد من بني إسرائيل، بقوله: من كان منكم بلا خطيئة فليرجمها بحجر، لكن البطل الأمريكي في سينما الغرب، الويسترن خاصة، يجاوز الدفاع عن حياتها بالذود عن مهنة الدعارة التي صار اسمها المعاصر عاملات الجنس، ومثال ذلك في فيلم "حدث ذات مرة في الغرب" عندما يشجع جيسون روباردس المغنية جيل التي تؤديها كلوديا كاردينالي على الاختلاط بالعمال، ويحضّها على السكوت على تحرشات عمال السكة الحديد، ويضرب بيده على كَفَلها فتبتسم له في أول اختبار على التحرش المثمر في بناء الحضارة، في فيلم لاحق اسمه "الذي لا يغفر"، لكلينت إيستوود يلقن البطل الوافد البلدة درسا عظيما في توقير العاهرات والحفاظ على حقوقهن، مهددا إياهم بالعقاب إن تعرضوا لهنّ بالازدراء أو الأذى، ويعود إلى وطنه البعيد في الغرب.
المسيح كان مثالا للغفران والعفو، لكن البطل الأمريكي مطبوع على الانتقام الفوري، وإقامة العدل بنفسه وبيده، من غير انتظار للمحكمة والدولة. ويطلق عليها أسماء مثل العدالة الشاعرية، والبطل الغربي ينجو من الإعدام على نقيض المسيح الذي صلب في الرواية الإنجيلية.
المسيح والهيكل:
تلك صفات يشترك فيها الكاوبوي والبطل المدمر مع المسيح، لكنه ضده أيضا لا يشبهه في شيء، فهو لا يدخل الكنيسة إلا من أجل الدفن وأحيانا من أجل العرس، لا يفهم الإيمان، والقدر، هو القدر أو يد القدر. البطل لا يحب النساء إنه بتول صوفي، لكن الرغبة لديه هامشية، قلبه مشغول بأمر لا ندركه، أو تقع البطلة الحسناء في حبه، لكنه لا يتزوج غالبا، قد يبادلها الحب من غير رغبة كأنه يتصدق عليها بفراشه مستسلما لها. في الفراش هي البطلة وهو الضحية، كأنه يضحي بجسده من أجل رغبة شريكته.
معجزات الخبز والسمك و.. الدم:
البطل الأمريكي خارق، سريع في إطلاق النار بطريقة فريدة، خارق مثل السوبرمان، أو الرجل العنكبوت، أو شوارزنيغر، أو رامبو، ليس له معجزة المشي على الماء مثل المسيح، أو معجزة إكثار الخبز والسمك مثله، لكنه يقتل المجرمين بلا رحمة، بطولته هي في العنف والقسوة والانتقام على نقيض المسيح، صورة المسيح الشائعة في الأعياد أو الصور، لعله يشبه المسيح الذي قال: "لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأُلْقِيَ سَلاماً عَلَى الأَرْضِ بَلْ سَيْفاً"، وقوله: "لَكِنِ الآنَ مَنْ لَهُ كِيسٌ فَلْيَأْخُذْهُ وَمِزْوَدٌ كَذَلِكَ، وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فليبعد ثَوْبَهُ وَيَشْتَرِ سَيْفاً"، وقوله: "أَمَّا أَعْدَائِي أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِيدُوا أَنْ أَمْلِكَ عَلَيْهِمْ فَأْتُوا بِهِمْ إِلَى هُنَا وَاذْبَحُوهُمْ قُدَّامِي".
الصالون والصليب:
قلنا إن البطل الأمريكي يجافي الكنيسة، يؤمن بقوته، وليس بالله، يدخل إلى الصالون كما دخل المسيح إلى الهيكل فيرى العشارين، فيلعب القمار ويربح، لكن الزبائن يرفضون فوزه ويتهمونه بالغش، فيقلب الطاولات، ويردي المجرمين صرعى، الصالون هو هيكله، البطل الأمريكي الويسترن يعلق على حبل المشنقة لكنه ينجو، يتعرض للتعذيب ويصبر، وينتقم على نقيض المسيح.
مملكتي ليست من هذا العالم:
يعود البطل إلى موطنه، وهو الشمس أو الغرب، وهو يغني أغنية موطنه البعيد، لعل غياب فكرة الوطن لدى الأمريكي في أن أمريكا محتلة، أو يعزف على هارمونيكا أو غيتار، مثل المسيح الذي قال: مملكتي ليست من هذا العالم، لكنه لا يقولها بطريقة دينية. البطل الجديد، الذي نرى صورته في فيلم الآفاتار ما يزال فيه شيء من المسيح الهادي المخلص، لكنه تغير كثيرا. هو شبه مشلول، يذكر بعنوان تدهور الحضارة الغربية للفيلسوف والمؤرخ الألماني أوسفالد شبينغلر، يميل إلى دين البرابرة أو البدائيين، يؤمن بالطبيعة والشجرة كإله، لكنه ما يزال هو المخلّص وإن صار مشلولا. لم يعد قويا مثل رامبو ولا شوارزنيغر أو كلينت إيستوود. هناك صورة أخرى مبشرة في أفلام أمريكية نادرة، هي موت الإله البطل كما قتل الإله في السماء. نراها في فيلم "سيمون" من إخراج فيكتور ترانسكي، إنه فيلم يتحدث عن الأعور الدجال في تأويل كاتب المقال لهذا الفيلم العظيم.
في فيلم "محامي الشيطان" الذي يمثل آل باتشينو فيه أحد أفلامه الشهيرة والمؤثرة، الشيطان ينتصر، لا يهزم. بدأنا بالمسيح وانتهينا بانتصار الشيطان، تلك هي سيرة البطل الغربي. لقد كان الشيطان دوما بطلا مساعدا، يظهر مثل الماء في اللبن في مقولة، في تحرش، في خيانة، لكنه الآن البطل الأول، فاللبن أبيض لكنه ليس لبنا، إنه عرق مكسور بمطارق الماء السائلة.
شارك
المزيد من هذا الكاتب
