أكد اقتصاديون مصريون، أن قرار البنك الوطني العماني، التخارج من السوق المصري، بحلول الربع الأول من عام 2020، نتيجة الخسائر التي حققها طوال السنوات الماضية، يكشف أزمة الكساد التي تعانيها مصر، طوال الأعوام الماضية، مع توقع باستمرارها خلال السنوات المقبلة، نتيجة السياسات الاقتصادية الفاشلة التي ينفذها نظام الإنقلاب العسكري برئاسة عبد الفتاح السيسي.
وحسب الخبراء الذين تحدثوا لـ "عربي21"، فإن البنك الوطني العماني، هو ثامن بنك أجنبي يتخارج من مصر، بشكل كامل، خلال الفترة من تموز/ يوليو 2013، وحتى نهاية 2019، بخلاف عشرات البنوك الأخري التي قلصت حجم تعاملاتها ورأس مالها وعدد فروعها.
وسبق البنك الوطني العماني، للتخارج من السوق المصري، بنك "الأهلي سوستيه جنرال" الفرنسي، والذي تخارج بعد الإنقلاب العسكري في تموز/ يوليو 2013 مباشرة، وتبعه بنك "بي إن بي باريبا" الفرنسي خلال نفس العام، ثم بنك "بيريوس" اليوناني.
وفي عام 2015 قرر بنك "نوفا سكوشيا" الكندي، التخارج بشكل كامل، وباع حصته للبنك العربي الإفريقي، وفي نفس العام قرر "سيتي بنك" الأمريكي بيع أنشطة خدمات التجزئة المصرفية وخدمات البطاقات للأفراد، واقتصار أعماله بمصر على الخدمات المصرفية والاستشارية.
وفي عام 2019 أعلن بنك "باركليز" الإنجليزي، التخارج الكامل من السوق المصري، ما أدى لغلق 56 فرعا للبنك، وفي نفس العام، قرر البنك الأهلي اليوناني، التخارج بشكل كامل، بعد تقليص سابق لنشاطه بدأ منذ عام 2017.
أقرأ أيضا: ما عوائد مليارات البنك المركزي لتنشيط السياحة في مصر؟
البيئة المصرفية
وأكد الخبير الاقتصادي ورئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام سابقا، ممدوح الولي، لـ "عربي21"، أن البنك الوطني العماني، يسعى للخروج من السوق المصرية منذ أكثر من 6 سنوات، لكنه لم ينجح في بيع محفظة أصوله، ما أجبره في النهاية على تصفية أعماله بدلا من ذلك، والتخارج بشكل نهائي مطلع 2020.
ويرى الولي، أن خروج البنوك الأجنبية من مصر خلال السنوات الماضية، له أسباب داخلية مرتبطة بالبنوك نفسها، وحدوث تغييرات في استراتيجية المراكز الرئيسية لبعض تلك البنوك، بحيث تتجه لتركز نشاطها فى أسواق جغرافية معينة، وبالتالي تقلل تواجدها في الأسواق الأخرى.
وأضاف الولي قائلا: "هناك أسباب تتعلق بالبيئة المصرفية المصرية، حيث تستحوذ البنوك العامة المملوكة للحكومة، على النصيب الأكبر من السوق المصرفية، سواء بتلقي الودائع أو منح القروض، نتيجة كثرة فروعها، وانتشارها الجغرافي بأنحاء البلاد، على عكس البنوك الخاصة".
وأشار رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام سابقا، إلى أنه بالرغم من وجود حرية للجهات الحكومية في التعامل مع أية نوعية من البنوك العاملة بمصر، إلا أنها مازالت تفضل التعامل مع البنوك الحكومية، وهو نفس توجه النقابات والاتحادات والجمعيات الأهلية، وهو ما يجعل شريحة المتعاملين مع البنوك الأجنبية محصورة ومحدودة للغاية بالنسبة للبنوك الحكومية.
وحسب الولي، فإن ضعف الوعي المصرفي يدفع كثيرا من الأفراد المصريين لتفضيل التعامل مع البنوك العامة باعتبارها أكثر أمانا من البنوك الخاصة، وتحديدا ما يتعلق بالودائع، وهو ما كان سببا في احتفاظ البنك الإيطالي الذي اشترى بنك الاسكندرية، للاحتفاظ باسم بنك الاسكندرية، للحفاظ على تلك الشريحة من المتعاملين.
واتهم الولي، البنك المركزي المصري، بأنه يمارس نوعا من التمييز لصالح البنوك العامة، مثل إلزامه للبنوك الخاصة، بنشر قوائمها المالية بشكل فصلي، وهو ما يكلفها نفقات النشر في أكثر من صحيفة يومية، بينما يتراخى عن إلزام البنوك العامة بذلك.
أقرأ أيضا: لماذا يتراجع الاستثمار الأجنبي بمصر رغم إصلاحات السيسي؟
الكساد التجاري
واعتبر أستاذ الاقتصاد بجامعة أوكلاند الأمريكية، مصطفى شاهين، أن تراجع النشاط التجاري والاقتصادي، وزيادة معدلات الكساد، وتخفيض أسعار الفائدة المستمر من البنك المركزي المصري، من أبرز الأسباب التي تدفع البنوك الأجنبية للخروج من السوق المصري.
وأكد شاهين في حديثه لـ "عربي21"، أنه نتيجة الكساد التجاري، أصبح لدى البنوك سيولة وفائض أموال، لا تستطيع استغلالها، نتيجة تراجع معدلات البيع والشراء والاستيراد والاقتراض، وهي الأمور التي تمثل عصب عمل البنوك، بالإضافة إلى أن تراجع أسعار الفائدة بشكل مستمر يؤثر بالسلب على الأرباح الرئيسية التي تجنيها البنوك نتيجة عمليات الإقراض المباشر أو غير المباشر المرتبط بعمليات البيع والشراء.
وحسب شاهين، فإنه نتيجة لوجود كساد وتقليص النشاط التجاري، تضطر البنوك لتخفيض أسعار الفائدة، من أجل تحريك السوق، وتشجيع الاقتراض سواء المرتبط بالنشاط السياحي أو التجاري أو العقاري والسيارات وغيرهم، ولكن المشكلة أن ذلك يقابله ارتفاع هائل في الأسعار، وهو ما أثر في النهاية على قدرة المواطنين في عمليات الشراء.
وأوضح أستاذ الاقتصاد المصري، أن البنوك الأجنبية، مثل أي مستثمر أجنبي، إذا استطاعت إدارة أموالها بشكل يحقق لها الأرباح المنتظرة، فإنها تستقر في الدولة، وتطور من نشاطها، ولكن عندما يحرك البنك المركزي كل فترة سعر الفائدة، وعندما يقل النشاط التجاري، فإن هذا يؤثر على أرباح هذه البنوك من ناحية، ويدفع لعدم استقرار السوق من ناحية أخري، وبالتالي تفضل الهروب من الاستمرار.
عودة السياحة الروسية لمصر.. لغز يحير المراقبين
الأمن المصري يعتدي على عمال خلال اعتصامهم بمحافظة بورسعيد
في 2019.. خطوات خطاها جيش مصر لتوسيع سطوته على الاقتصاد