ملفات وتقارير

لماذا تتباين مواقف دول المقاطعة الرباعية تجاه قطر؟

الرشيدي: السعودية في موقف صعب وتتعرض للاستنزاف على أكثر من جبهة لذلك "ستتجه إلى المصالحة مع قطر- تويتر

بدا لافتا خلال الأسابيع الأخيرة تباين مواقف دول المقاطعة الرباعية ضد قطر، حيث بدا أن الجليد آخذ في الذوبان بين الرياض والدوحة، ما دفع مراقبين إلى توقع إجراء مصالحة بينهما عام 2020، في مقابل استمرار مظاهر العداء من مصر والإمارات تجاه قطر.

وكانت دول الرباعي العربي قد أعلنت في حزيران/ يونيو 2017 قطع العلاقات الدبلوماسية والسياسية مع قطر، مطالبة إياها بالتراجع عن ما أسمته الممارسات والسياسات العدائية تجاه المنطقة بأكملها، بما يشكل تهديد لأمنها القومي، وهو ما تنفيه قطر، وتتهم في المقابل الدول الأربع بمحاولة فرض سيطرتها على قرار الدوحة السيادي.

وقدمت دول الرباعي العربي ثلاثة عشر مطلبا لقطر، في مقدمتها وقف دعم الإرهاب، وخفض التمثيل الدبلوماسي مع إيران، وعدم التدخل في شؤون الدول العربية، وأكدت التمسك بتنفيذ هذه المطالب قبل فتح أي حوار مع الدوحة.

"قلق إماراتي"

وأثار انفتاح الرياض المحدود على الدوحة قلق أبو ظبي، بحسب مراقبين، حيث اتهم وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش قطر بمحاولة "شق صف" دول المقاطعة، حيث كتب في حسابه بتويتر: "التسريبات القطرية الأخيرة بشأن حلّ أزمة الدوحة مع السعودية الشقيقة دون الدول الثلاث تكرار لسعي الدوحة إلى شق الصف، والتهرب من الالتزامات".

وشاركت السعودية والبحرين والإمارات في بطولة الخليج لكرة القدم التي استضافتها قطر الشهر الماضي، كما شارك فريق الهلال السعودي في بطولة العالم للأندية التي استضافتها الدوحة مؤخرا.

وفي بادرة تشير إلى تفاهم سعودي بحريني على اقتراب حل الأزمة، سافر المنتخبان السعودي والبحريني إلى الدوحة مباشرة، وسمحا بسفر مئات المشجعين إلى قطر، في مقابل تعنت الإمارات وسفر منتخبها إلى الدوحة عبر الكويت.

بدورها، رفعت قطر مستوى تمثيلها في القمة الخليجية التي استضافتها الرياض، حيث مثل الدوحة رئيس وزراء القطري الشيخ عبد الله بن ناصر بن خليفة آل ثاني، الذي حظي باستقبال دافئ من الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز.

وكان وزير خارجية قطر الشيخ، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، قد أعلن قبل ثلاثة أسابيع وجود اتصالات بين الدوحة والرياض واتفاقهما على المبادئ الأساسية للحوار، وعلى رأسها وقف الهجمات الإعلامية المتبادلة، فيما أكد وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان وجود مفاوضات مستمرة مع قطر، وأن المملكة حريصة على نجاحها".

كما أصدر أمير قطر قرارا هاما لتخفيف التوتر مع دول الخليج عبر تصديقه على قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وهو أحد المطالب الثلاثة عشر من الدوحة.

 

اقرأ أيضا: وزير خارجية قطر: كسرنا الجمود وبدأنا بالتواصل مع السعودية

"هجوم مصري متواصل"

وأعلن وزير الخارجية المصري سامح شكري، الأسبوع الماضي، أن الأنباء حول تقدم في ملف المصالحة بين قطر ودول المقاطعة، ومن بينها مصر غير صحيحة، على الإطلاق، مؤكدا، في تصريحات تلفزيونية، أن الموقف المصري من قطر ثابت ولم يتغير. 

كما واصل الإعلام المصري المؤيد للنظام هجومه الشديد على قطر، حيث نشرت صحيفة "اليوم السابع"، الثلاثاء، تقريرا بعنوان: "تفاصيل المؤامرات القطرية ضد مصر خلال عام 2019"، تضمن ذكر العديد من المواقف التي ساندت فيها قطر الإخوان ضد مصر وتبنت مواقفهم، بالإضافة إلى دعمها للعمليات الإرهابية في مصر، حسب قولها.

أما قناة "إكسترا نيوز"، فاتهمت قطر يوم الاثنين الماضي بتزوير الانتخابات الصومالية، ونقلت عن أحد لواءات الجيش المصري مطالبته بالحجر على أمير قطر تميم بن حمد لحماية الإنسانية من جرائمه، على حد قوله.

من جانبه هاجم الإعلامي أحمد موسى، الاثنين الماضي، قطر قائلا إنها دويلة قامت منذ تأسيسها على الانقلابات، وتمارس القمع وكبت الحريات، ولا تعرف معنى الديمقراطية.


أما الإعلامي محمد الباز، فقال يوم الاثنين الماضي إن قطر ليست دولة عربية، مطالبا العرب بالتبرؤ منها وطردها من الجامعة العربية؛ لأن كل مخططاتها ضد المصالح العربية.


"المنطقة على صفيح ساخن"

وتعليقا على هذا الموضوع، قال مساعد وزير الخارجية الأسبق، سامي العطيفي، إن المنطقة العربية تمر في الفترة الأخيرة بمرحلة شديدة التوتر، ويتم إعداد طبخة جديدة على نار الأحداث السياسية والعسكرية الملتهبة في عدة جبهات، من بينها الأزمة الخليجية وحرب اليمن والحرب الليبية والحرب السورية، بجانب الاحتجاجات الشعبية المتواصلة في العراق ولبنان والجزائر.

وأوضح العطيفي، في تصريحات لـ"عربي21"، أن جميع هذه الأزمات والحروب تؤثر بشكل مباشر على ملف الأزمة الخليجية بدرجات متفاوتة، وتدفع أطراف تلك الأزمة إلى مراجعة مواقفهم، والتفكير في كيفية التجاوب عبر القيام ببعض التنازلات أو تغيير العلاقات السياسية للتناسب مع التغيرات المتسارعة على الأرض.

وتابع: "على سبيل المثال، فإن استمرار الحرب اليمنية بجانب الاحتجاجات الشعبية في بلاد مجاورة لدول الخليج، تجبر حكام السعودية والإمارات والبحرين على إجراء تفاهمات جديدة وتليين مواقفها لتقليل الضغوط عليهم، وتوقع أن تأخذ الأزمة الخليجية طريقها إلى الحل ربما بنهاية عام 2020، خاصة بين الرياض والدوحة".

 

اقرأ أيضا: الإمارات غاضبة من استبعادها من محادثات "الدوحة-الرياض"

"تفكك التحالف الرباعي"

من جانبه، قال نائب رئيس حزب الدستور السفير محمود الرشيدي إن التحالف الرباعي العربي بين مصر والسعودية والإمارات والبحرين "أصبح جزءا من الماضي"، موضحا أن "السعودية وقطر أعلنتا عن محادثات ثنائية، لحلحة الأزمة بينهما".

وأضاف الرشيدي لـ"عربي21" أن هذه التطورات تحدث بينما "تتخذ الإمارات موقفا مغايرا، فيما تواصل مصر على المستوى الدبلوماسي والإعلامي مهاجمة قطر، والتحذير من خطورة التصالح معها".

وفسر موقف السعودية من هذا الموقف المنفرد من الأزمة الخليجية بتعرض الرياض لضغوط سياسية وعسكرية واقتصادية متعددة في الشهور الأخيرة، أكثر مما تتعرض له أي دولة أخرى في الرباعي العربي، موضحا أن الأمر "يحتاج فقط وقتا مناسبا للتعافي من الاتهامات والتخوين، وإيجاد مبررات مقبولة للشعوب لتسويق هذا التراجع عن تلك المواقف شديدة العدائية خلال السنوات الثلاث الماضية، والتي لم يشهد المجتمع الخليجي مثلها من قبل".

ولفت إلى أن السعودية في موقف صعب وتتعرض للاستنزاف على أكثر من جبهة، لذلك "ستتجه إلى المصالحة مع قطر، لكن مصر ما زالت غاضبة من التحالف القطري التركي، وترى أنه لا يمكن التصالح مع قطر في ظل هذه الأجواء التحريضية من الدوحة وأنقرة ضد النظام الحاكم في القاهرة".