نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا للكاتب مارك لينتش، تحت عنوان "هجوم بغداد هو البداية وهناك ثلاثة اتجاهات علينا أن نراقبها في العام الحالي"، يقول فيه إن عام 2020 سيكون صاخبا في الشرق الأوسط.
ويبدأ لينتش مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، بالقول إن "الشخص لا يحتاج لعراف لينظر إلى البلورة ويرى ما سيحدث في الشرق الأوسط، ففي ليبيا اتخذت الحرب الأهلية منعطفا خطيرا بوصول المرتزقة الروس والقوات التركية التي دخلت في المعركة، التي يحاول فيها الجنرال خليفة حفتر السيطرة على العاصمة طرابلس".
ويشير الكاتب إلى أن "اليمن لا يزال يعاني من آثار الحصار الاقتصادي والحرب، رغم جهود الأطراف المتصارعة لتخفيض التوتر، وفي سوريا تتغير فيها الحرب جالبة معها موجات جديدة من اللاجئين الهاربين من العنف في إدلب، فيما تواجه حكومة العراق موجة واسعة من الاحتجاجات الشعبية، التي تستعد لتداعيات المواجهة بين أمريكا وإيران".
ويقول لينتش: "ربما تغيرت العلاقة بين إسرائيل والمناطق الفلسطينية، حيث بات حل الدولتين خارج النقاش، كما ستهز الاحتجاجات الشعبية نصف الأنظمة في المنطقة".
ويلفت الكاتب إلى أن هناك ثلاثة اتجاهات يجب مراقبتها في الشرق الأوسط خلال العام المقبل، ويوردها على النحو الآتي:
التوجه الأول الذي يجب النظر إليه هو أن الحكومات كلها في المنطقة تترقب نتائج الانتخابات الأمريكية 2020:
ويقول لينتش إنه "في العادة عندما تتغير الحكومات الأمريكية تظل سياستها الخارجية في الشرق الأوسط ثابتة، لكن لم يعد هذا هو الحال، فإذا حل الديمقراطيون محل دونالد ترامب في المكتب البيضاوي، علينا توقع تغيرا في السياسات تجاه قضايا متعددة، مثل الاتفاقية النووية، والعلاقات الإسرائيلية الفلسطينية، والعلاقة مع تركيا، والتحالف مع دول الخليج، ولو بقي ترامب فإنه سيطلق العنان لسياساته الجدلية، التي يرى أن انتصاره الثاني يعني صحتها".
ويجد الكاتب أنه "بناء على مستقبل مختلف تطرحه نتائج الانتخابات الأمريكية فإنه يمكن لحكومات الشرق الأوسط أن تختار واحدا من الأمرين، فهي لديها سبب وجيه لأن تكون حذرة، وتحاول الوصول إلى طرفي السياسة الحزبية الأمريكية، والتأكد من الاستمرارية في علاقاتها، لكن قد ترى بعض الحكومات أن الباب سيغلق أمام الفرصة لتحقيق أهدافها، وتتخذ قرارات تقود إلى زعزعة الاستقرار، وربما ستشجعها إدارة ترامب، مثل قيام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بضم أجزاء من الضفة الغربية، أو شن هجوم عسكري كبير ضد حزب الله اللبناني".
ويقول لينتش إن "ولي العهد السعودي والإمارات العربية وإسرائيل نتنياهو وضعوا رهاناتهم كلها على رئاسة ترامب، وهو ما أعطى هذه الأطراف حصانة شبة كاملة للقيام بمغامرات إقليمية، وجرائم مثل قتل صحافي (واشنطن بوست) جمال خاشقجي، بالإضافة إلى السياسات الداخلية المثيرة للجدل".
وينوه الكاتب إلى أن "هذه العلاقة القريبة جاءت بثمن، حيث اعتبر الكونغرس والرأي العام الأمريكي هذه الدول حليفة للجمهوريين، فلو وصل الديمقراطيون إلى الحكم فيجب على السعوديين تحديدا توقع تداعيات خطيرة، ومن هنا فالطريقة التي ستقيم فيها هذه الدول الإدارة الأمريكية القادمة ستحدد السياسات والقرارات التي ستتخذها في الأشهر المقبلة".
التوجه الثاني الواجب رصده هو أن النزاعات في منطقة الخليج بات من الصعب التحكم فيها:
ويبين لينتش إلى أنه "في الوقت الذي أدت سياسة ترامب القائمة على ممارسة أقصى ضغط إلى دمار اقتصادي إيراني، إلا أنها لم تحقق أي نتائج استراتيجية ملموسة، فرغم ما يعانيه النظام الإيراني من مشكلات داخلية فإنه لن ينهار، وقامت طهران والجماعات الوكيلة عنها بشن سلسلة من الهجمات على المصالح الأمريكية بعدما يئست من حدوث انفراجة دبلوماسية، وعندما لم يحدث أي رد على الهجمات التي تعرضت لها ناقلات النفط في خليج عمان قامت كتائب حزب الله بضرب أهداف أمريكية في العراق، وفي الوقت الذي تجنبت فيه الأطراف كلها التصعيد، لكن سيكون من الصعب احتواؤها في الفترة القادمة".
ويقول الكاتب: "علينا توقع مزيد من التصعيد في منطقة الخليج بين الولايات المتحدة وإيران وفي العراق وسوريا ولبنان، ورغم محاولة تجنب الولايات المتحدة وحلفائها وإيران التصعيد، إلا أن كثرة المخربين وعدم الوضوح في السياسة الأمريكية يعنيان تصعيدا غير مقصود".
ويفيد لينتش بأنه "حتى دون حدوث مواجهة أمريكية إيرانية، فإن العراق سيعاني من الأضرار الجانبية لاستمرار النزاع، فهو موزع بين علاقته القريبة مع جارته إيران ومع الولايات المتحدة، وما يثير الدهشة أن ترامب تخلى عن الإجماع، ودعم الحكومة التي أنشأتها أمريكا في العراق، وركز سياساته كلها على مواجهة إيران والجماعات المتحالفة معها، وكانت الغارة الأمريكية على كتائب حزب الله دافعا لرد من المليشيات، التي اقتحمت مجمع السفارة الأمريكية في بغداد، وساهم ترامب بحرف الغضب الشعبي ضد إيران وتوجيهه ضد أمريكا، وعلينا ألا نندهش لو بدأ ساسة العراق بالمطالبة بخروج القوات الأمريكية من بلادهم".
التوجه الثالث والأخير هو التظاهرات التي لن تتوقف وتيرتها:
ويشير الكاتب إلى أن "عام 2019 شهد احتجاجات في عدد من الدول العربية، نافست تظاهرات الربيع العربي، التي أدت إلى تغيير في النظام السياسي في الجزائر، والإطاحة بنظام عمر حسن البشير في السودان، واستقالة رئيسي وزراء لبنان والعراق، وسيشهد العام الجديد تظاهرات أكثر، حيث بدأت الأزمة الاقتصادية التي يمر بها لبنان بالتقاطع مع حركة الاحتجاج بطرق غير مسبوقة".
ويرى لينتش أنه "برحيل قائد الجيش الجزائري أحمد قايد صالح، وانتخاب رئيس جديد، فإن هناك فرصة للتغيير الحقيقي في البلاد، فيما ستتعرض عملية التغيير الديمقراطي في السودان للامتحان، وفي مناطق أخرى من العالم العربي تتزايد النقمة الاجتماعية بسبب تزايد نسب البطالة والفساد والقمع، وفي حال نجحت التجربة السودانية فإنها ستعطي بريق أمل لحركة الاحتجاج عام 2020، بعدما تعلم المحتجون من مظاهر الفشل السابقة، وأظهروا نوعا من العزم والانضباط".
ويستدرك الكاتب بأن "هذا لا يمنع من تحول بعض حركات التظاهر للعنف عندما يقوم فصيل متعجل بالرد، ففي إيران سحقت قوات الأمن حركة الاحتجاج عام 2019، لكن خروج الناس كشف عن المظالم والغضب، ولم تتوقف محاولات قوات الأمن العراقية واللبنانية من قمع المتظاهرين، وربما أدى استمرارها إلى تصعيد غير محسوب".
ويقول لينتش: "علينا ألا نندهش لو اندلعت حركة العنف في دول أخرى هذا العام، فالحكومة في مصر كثفت من العنف، واعتقلت المتظاهرين، وأغلقت المجتمع المدني في وقت عانى فيه الاقتصاد، وفي السياق ذاته فإن اقتصاد الأردن عانى بسبب اللاجئين السوريين، وانخفاض الدعم الخليجي، بالإضافة إلى ما سيتبع في حال ضمت إسرائيل مناطق في الضفة الغربية".
ويختم الكاتب مقاله بالقول إنه "في عُمان، فإن حاكمها منذ فترة طويلة، السلطان قابوس، في حالة صحية حرجة، وسيكون خليفته مهما لجيرانها المتناحرين، وفي سوريا من الصعب تخيل حركة احتجاج جديدة، لكن تداعيات الأزمة اللبنانية على اقتصادها تشكل تحديا، ولا يمكن للنظام الخروج من هذه الأزمة بسهولة".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
FP: لهذا لن تؤدي احتجاجات العالم العربي لتغييرات ديمقراطية
أوبزيرفر: ما تأثير سياسات ترامب الانعزالية على الشرق الأوسط؟
التايمز: هل يصبح الربيع العربي 2 أكثر عنفا؟