أربكت عملية اغتيال قاسم سليماني قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني، وأبو مهدي المهندس نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي ، بقصف أمريكي صاروخي ، فجر الجمعة ببغداد، حسابات المنطقة والعالم، بعد التداعيات التي عكستها الضربة المفاجئة سياسيا وعسكريا واقتصاديا.
ورفعت الضربة توقعات المحللين والمراقبين باقتراب المواجهة العسكرية بين الولايات المتحدة من جهة، وإيران وأذرعها بالمنطقة من جهة أخرى، وسط تهديدات أصدرها مجلس الأمن القومي الأعلى بإيران من ان الرد "سيشمل كل المنطقة"، ما يعني فتح التوقعات على جميع السيناريوهات .
وتخشى أوساط دولية أن تؤدي عملية الاغتيال لإشعال فتيل حرب ضارية بالمنطقة، ستؤثر دون شك على إمدادات النفط والغاز، مع رفع العديد من دول المنطقة وتحديدا الخليجية منها، حالة التأهب، وسط ترقب وخوف من أن تطال ضربات الرد الإيرانية دولا مجاورة.
وأكدت واشنطن مسؤوليتها عن تنفيذ الضربة، عبر بيان للبنتاغون أكد فيه ،الجمعة، أن الرئيس، دونالد ترامب، "هو من أصدر تعليمات تنفيذ عملية قتل قاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، من خلال غارة جوية بالعراق".
اقرأ أيضا : ما سيناريوهات الرد الإيراني على اغتيال أمريكا لسليماني؟
وأوضح البيان أن سليماني وفيلق القدس، "مسؤولان عن مقتل مئات الجنود الأمريكيين، وأن سليماني كان يخطط بشكل فعال لتنفيذ هجمات ضد الدبلوماسيين والجنود الأمريكيين بالعراق، ودول المنطقة".
ودعا الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، فور إعلان الاغتيال إيران إلى التفاوض ضمنيا، وذلك في تغريدة له .
وكتب ترامب في صفحته بموقع تويتر، أن إيران لم تفز يوما في الحرب، لكنها لم تخسر في المفاوضات أبدا، في دعوة ضمنية إلى الإيرانيين للجلوس إلى طاولة الحوار والتفاوض.
واعتبر ترامب أن سليماني كان يجب أن يُقتل "قبل سنوات عدة"، وتابع في تغريدة أخرى: "الجنرال قاسم سليماني قتل أو أصاب آلاف الأميركيين بجروح بالغة على فترة طويلة وكان يخطط لقتل عدد أكبر بكثير... لكنه سقط!".
اقرأ أيضا : القومي الإيراني: الاغتيال خطأ استراتيجي.. والرد سيشمل المنطقة
ونعى المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، اللواء سليماني، معلنا الحداد العام لثلاثة أيام، ومقررا تعيين الجنرال "إسماعيل قاآني" قائدا جديدا لفيلق القدس خلفا لسليماني.
وتوعد خامنئي، في تصريح نشرته وكالة أنباء فارس، "بتنفيذ رد قاس" على اغتيال سليماني، مؤكدا أن "الشهيد سليماني هو الشخصية الدولية للمقاومة، وإن كل من يهوى المقاومة سيثأر له".
كما أكد الرئيس الإيراني، حسن روحاني، على أن بلاده ستنتقم لاغتيال سليماني، مضيفا:"استشهاد سليماني سيجعل إيران أشد حزما في مقاومة التوسع الأمريكي والدفاع عن قيمنا الإسلامية".
وهددت أعلى هيئة أمنية بإيران، الولايات المتحدة بانتقام قاس عقب الاغتيال، مؤكدة على أن واشنطن ارتكبت خطأ استراتيجيا كبيرا لها بغرب آسيا.
وشدد المجلس الأعلى للأمن القومي (أعلى هيئة أمنية) بإيران في بيان، أن "الهجوم على سليماني أكبر خطأ استراتيجي ترتكبه أمريكا وسيكون وبالا عليها".
وأضاف مهددا أن هناك "انتقاما قاسيا ينتظر المجرمين الذين يقفون وراء اغتيال سليماني"، محملا الولايات المتحدة المسؤولية الكاملة عواقب عملية الاغتيال.
وأشار إلى أن الرد على اغتيال سليماني سيشمل المنطقة بأسرها، وأن الولايات المتحدة ستدفع ضريبة غالية، لن تنجو منها بسهولة.
بدورها قالت قيادة الجيش الإيراني في بيان "إن انتقاما قاسيا ينتظر مصدري أوامر ومنفذي جريمة الاغتيال، وسيجعلهم يندمون على جريمتهم النكراء".
في ما صرح وزير الدفاع الإيراني، العميد أمير حاتمي، بأن القوات المسلحة الإيرانية "ستنتقم من مسببي ومنفذي عملية اغتيال".
تفاصيل الاغتيال
وأوردت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية بدورها تفاصيل عملية الاغتيال، بالقول إن الضربة نفذت فجر الجمعة قرب مطار بغداد الدولي .
وذكرت الصحيفة أن موكبا كان فيه "سليماني والمهندس"، تعرض لقصف صاروخي بواسطة طائرة من دون طيار، نفذته "قيادة العمليات الخاصة المشتركة" الأميركية.
وقالت الصحيفة إن الضربة استهدفت "سيارتين كانتا تقلان سليماني وعددا من قيادات الميليشيات الموالية لإيران في العراق بينما كانوا يغادرون مطار بغداد الدولي".
اقرأ أيضا : روحاني يعلق على اغتيال سليماني.. وتعهد إيراني "بانتقام عنيف"
في ما قال مسؤولون أميركيون إن السيارتين تعرضتا للعديد من الضربات الصاروخية أطلقتها الطائرة المسيرة، ما أدى إلى مقتل خمسة أشخاص من بينهم سليماني والمهندس وكذا مسؤول التشريفات في الحشد الشعبي رضا الجابري.
كما نقلت الصحيفة عن جنرال بقيادة العمليات المشتركة، رفض الإفصاح عن اسمه القول إن "طائرة قادمة من سوريا كانت تقل الجابري وسليماني حطت في مطار بغداد"، إلا أن وكالة "إيرنا" الإيرانية للأنباء ذكرت أن سليماني "كان قادما من بيروت وليس سوريا عند مقتله" .
ونوهت الصحيفة الأميركية إلى أن الضربة جاءت في أعقاب تحذير صدر من وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر بعد ظهر الخميس لإيران من أن الجيش الأميركي سيشن ضربات "وقائية" ضد الميليشيات التي تدعمها في العراق وسوريا إذا وجدت "إشارات" على أن هذه الميليشيات تخطط لمزيد من الهجمات ضد القواعد والعسكريين الأميركيين في المنطقة.
وفي أول رد فعل من الحكومة العراقية وصف رئيس حكومة تصريف الأعمال العراقية، عادل عبد المهدي، اغتيال سليماني، وأبو مهدي المهندس، بـ"العدوان".
وأدان عبد المهدي، الجمعة، في بيان إقدام الإدارة الأمريكية على اغتيال سليماني والمهندس وشخصيات عراقية وإيرانية أخرى.
وقال، "إن القيام بعمليات تصفية ضد شخصيات قيادية عراقية أو من بلد شقيق على الأرض العراقية، يعد خرقا سافرا للسيادة العراقية، واعتداء صارخا على كرامة الوطن، وتصعيدا خطيرا يشعل فتيل حرب مدمرة في العراق والمنطقة والعالم".
اقرأ أيضا : مقتل سليماني والمهندس بضربة أمريكية وطهران تتوعد (شاهد)
وفي السياق دعت كل من فرنسا وهولندا وأمريكا، رعاياهما إلى مغادرة العراق فورا، وذلك مع رفه حالة التوتر المتصاعدة ولغة التهديد.
وأفادت السفارة الأمريكية بالعراق في بيان، "بأن مواطني الولايات المتحدة قد يتعرضون لتهديدات، عقب غارة نفذتها مقاتلات أمريكية، وأدت إلى مقتل سليماني، قائد فيلق القدس" .
وأكد البيان ضرورة "أن يغادر المواطنون الأمريكيون عبر الخطوط الجوية حال التمكن من ذلك، أو التوجه إلى دخول دول أخرى عن طريق البر"، فيما أكدت مصادر أمنية عراقية لوكالة فرانس برس، تواصل الرحلات الجوية عبر مطار بغداد الدولي.
ودعت الخارجية الهولندية، الجمعة، المواطنين الهولنديين، إلى مغادرة العراق في أقرب وقت.
ردود الفعل العربية
وفي الوقت الذي صمتت فيه الكثير من الدول العربية والخليجية حتى الآن إزاء واقعة الاغتيال أعلن عدد قليل من الدول والأنظمة العربية موقفها من تلك الواقعة دون توجيه إدانات واضحة للقصف الأمريكي، داعين لوقف التصعيد، واحتواء الموقف، وتغليب الحكمة والحلول السياسية.
والتزمت الجامعة العربية الصمت، حتى كتابة التقرير، حيال حادث اغتيال قاسم سليماني. ويأتي صمت الجامعة، بعد عقدها الثلاثاء اجتماعا على مستوى المندوبين الدائمين بالقاهرة، بشأن الأزمة الليبية.
وقالت وزارة الخارجية المصرية إنها تتابع بقدر كبير من القلق التطورات المتسارعة للأحداث في العراق، والتي أكدت أنها "تنذر بتصعيد للموقف من الأهمية تجنبه"، داعية لـ "احتواء الموقف، وتفادي أي تصعيد جديد".
وخلاف الموقف الرسمي الصامت، أكد وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، أنه "في ظل التطورات الإقليمية المتسارعة لابد من تغليب الحكمة والاتزان، وتغليب الحلول السياسية على المواجهة والتصعيد".
وكذلك، التزمت دول مجلس التعاون الخليجي الصمت تجاه عملية الاغتيا .
بدوره، أدان النظام السوري الاغتيال، ووصفه بـ"الإجرامي"، وقال مصدر رسمي في خارجية النظام السوري، إن الاغتيال "يشكل تصعيدا خطيرا للأوضاع في المنطقة".
وأضاف المصدر أن "هذا العدوان الغادر، يرقى إلى أساليب العصابات الإجرامية، وذلك في سياق سياسات أمريكا الرامية إلى خلق التوترات وتأجيج الصراعات في دول المنطقة، بهدف الهيمنة عليها وتمكين الكيان الصهيوني الغاصب من بسط سيطرته على المنطقة".
اقرأ أيضا : من هو أبو مهدي المهندس الذي اغتالته واشنطن ببغداد؟
في المقابل، وصف الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، قاسم سليماني، بأنه "مجرم حرب، ارتكب الكثير من المجازر، وهجّر ملايين السوريين".
وجاء في بيان الائتلاف حول مقتل سليماني،: "مقتل قائد مليشيا الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، الذي قاد وشارك في ارتكاب المجازر وتهجير ملايين السوريين؛ يمثل نهاية لواحد من أبرز مجرمي الحرب المسؤولين عن ملف الجرائم في سوريا، وفي المنطقة بشكل عام".
وأضاف البيان أن "سليماني أدى دورا محوريا في تأزيم الأوضاع في سوريا، وأن خروجه من دائرة التأثير، بمنزلة أمل للسوريين في بداية النهاية للمليشيات الطائفية الإجرامية في بلدهم".
حزب الله اللبناني
وفي كلمة مقتضبة، قال الأمين العام لحزب الله اللبناني، حسن نصر الله، إن "القتلة الأمريكيون، لن يستطيعوا أن يحققوا أيا من أهدافهم بجريمتهم الكبيرة هذه".
وهدّد نصر الله بـ"القصاص العادل"، وقال إنه "سيكون مسؤولية وأمانة وفعل كل المقاومين".
وتابع: "نحن الذين بقينا بعده، سنكمل طريقه وسنعمل لنحقق أهدافه، وسنحمل رايته في كل الساحات".
الفصائل الفلسطينية
من جهتها، قالت حركة "حماس" في بيان، إنها "تنعى القائد سليماني، وشهداء الغارة الأمريكية، وتتقدم بالتعزية للشعب العراقي، باستشهاد عدد من أبنائه جراء الغارة الغادرة".
وتابعت الحركة "ندين هذه العربدة والجرائم الأمريكية المستمرة في زرع وبث التوتر في المنطقة، خدمة للعدو الصهيوني المجرم".
وقالت حركة الجهاد الإسلامي، في بيان، إنها "تنعى قائدا فذا لم يجاره في موقفه وفي جهاده أحد منذ عقود، في فلسطين والمنطقة".
وأضافت: "لن ترتبك حركة المقاومة ولا محورها في المواجهة، ولن تتردد في مسيرتها نحو أهدافها الكبرى في تحرير فلسطين وبيت المقدس".
بدوره، قال أبو حمزة، الناطق باسم "سرايا القدس"، الجناح العسكري للحركة، عبر "تويتر"، إن "محور المقاومة لن يهزم ولن ينكسر، وسيزداد تماسكا وقوة في مواجهة المشروع الصهيوني الأمريكي".
ومحور المقاومة، هو الاسم الذي يُطلق على تحالف يضم (إيران، وسوريا، وحزب الله، وحركتي حماس والجهاد الإسلامي).
كما أعربت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، عن إدانتها "إقدام الإدارة الأمريكية على اغتيال سليماني والمهندس"، مؤكدة أن "هذا الاغتيال يشكل نقلة نوعية في العدوانية الأمريكية، وفي الحرب التي تخوضها بأشكال مختلفة مع الكيان الصهيوني، ضد شعوب المنطقة وقوى المقاومة فيها".
جماعة "الحوثي"
بدورها، أدانت جماعة "الحوثي" في اليمن، اغتيال سليماني، وقالت الجماعة إن "الولايات المتحدة ارتكبت بهذه العدوانية جريمة حرب على كل الأمة، وعلى محور المقاومة وعلى القضية الفلسطينية".
الانعكاسات الاقتصادية
وفور الإعلان عن مقتل سليماني والمهندس ارتفعت أسعار النفط بشكل مفاجئ، لتقفز أكثر من 3 بالمئة، وسط مخاوف أمريكية من رد إيراني على ، ومع انتشار حالة قلق في الأسواق من الرد المحتمل، الذي يتوقع أن يؤثر على إمدادات النفط من منطقة الخليج.
وسجلت العقود الآجلة لخام برنت ارتفاع 3 دولارات إلى 69.25 دولار للبرميل، في أعلى مستوياته منذ 17 أيلول/ سبتمبر.
وفور إعلان الاغتيال صعدت صباحا عقود الخام الأمريكي غرب تكساس الوسيط 1.68 دولار بما يعادل 2.8 بالمئة لتسجل 62.86 دولار للبرميل، بعد أن قفزت في وقت سابق إلى 63.84 دولار للبرميل، أعلى مستوى منذ أول أيار/ مايو.
وقالت المديرة العالمية لتحليلات أسواق السلع الأولية، حليمة كروفت، في مذكرة "ثمة خطر دائم من أن يصبح العراق ساحة الصراع الدائر بين الولايات المتحدة وإيران".
والعراق ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة البلدان المصدرة للبترول ويصدر حوالي 3.4 مليون برميل يوميا من الخام معظمها من ميناء البصرة في الجنوب، كما سجل الدولار الأمريكي ارتفاعا ملحوظا أمام العملات الأجنبية الرئيسية الأخرى.
سيناريوهات الرد الإيراني
وفي ما يخص أشكال وسيناريوهات الرد الإيراني المرتقب على حادثة الاغتيال قال المختص العراقي بشؤون المنطقة، محمد صادق أمين، لـ"عربي21" إن إيران لا تمتلك حاليا القدرة العسكرية أو الاقتصادية لمواجهة الولايات المتحدة مواجهة تقليدية، خصوصا بعد ما تعرضت له طهران من استنزاف جراء عقوبات واشنطن.
وأضاف: "لذلك فإن خيار مواجهة تقليدية أمر مستبعد، لكن عندما ننظر إلى تصريح المرشد الإيراني، علي خامنئي، نستشف طبيعة الرد، فقد قال إن استهداف سليماني هو استهداف لخط وتيار المقاومة في المنطقة بأسرها".
وتابع: "يكاد يكون ذلك توجيها للأذرع الإيرانية بعموم المنطقة، مفادها أن مهمة الانتقام لمقتل سليماني تقع على عاتقهم جميعا".
ورجح "أمين" أن يشمل الرد العراق وسوريا وأفغانستان وغيرها، من خلال عمليات نوعية ضد المصالح والقوات الأمريكية، بدعم وإسناد من إيران.
وقال: "شهدنا في المرحلة الماضية عمليات نوعية نفذتها أذرع إيرانية، لا يمكن أن تنفذها مليشيات دون إسناد من دولة، مثل استهداف أرامكو السعودية".
وأضاف أن نوعية العملية وحجمها وتأثيرها، والغموض الذي تمكنت من فرضه بشأن مصدرها، جميعها مؤشرات على وقوف جهاز استخبارات دولة وراءها.
العراق ساحة للمواجهة
وفي السياق ذاته، أكد الباحث والمحلل السياسي، محمد غازي الجمل، أن مواجهة مباشرة ستكون مكلفة للجانبين، لافتا إلى وجود تفاهم ضمني بين الجانبين على جعل العراق ساحة لتصفية خلافاتهما حاليا.
ورجح "الجمل" في حديث لـ"عربي21" أن تنحصر المواجهة في الساحة العراقية، مؤكدا أن الحرب المباشرة سيكون خيارا "انتحاريا" بالنسبة لإيران.
وأما بالنسبة للولايات المتحدة، فإن مواجهة مباشرة ستكون مكلفة جدا لها ولحلفائها، سواء في الخليج أو إسرائيل.
وتابع: "بالنظر إلى توفر ساحة بديلة للمواجهة، فإن الطرفين قد يفضلا استخدامه"، متوقعا مزيدا من التصعيد في العراق، ومؤكدا أن الشعب العراقي سيكون في النهاية هو الخاسر الأكبر، سواء من حيث التكلفة الإنسانية أو السياسية، في إشارة إلى عرقلة مسار الحراك الشعبي المطالب بإصلاحات في البلاد.
"معركة ترامب"
من جانبه، اعتبر الخبير بالشأن الإيراني، طلال عتريسي، أن عملية الاغتيال لا توازي التظاهرات التي حصلت ضد السفارة الأمريكية لدى بغداد.
وقال "عتريسي" لـ"عربي21" إن القرار الأمريكي مفاجئ إلى حد ما، رغم وجود مشروع لاستهداف سليماني منذ سنوات، مؤكدا أن القرار ينسب بالدرجة الأولى للرئيس دونالد ترامب.
وتابع أن الأمر متعلق إلى حد كبير بالحسابات الأمريكية الداخلية، بالنظر إلى تعقد مشاكل ترامب السياسية، وحاجته إلى تحقيق انتصارات، لكن ذلك، في المقابل، "يدفع التحدي مع إيران إلى أعلى درجة".
وأضاف أن "الأمريكيين يدركون ذلك، وهم اليوم في أعلى درجات الاستنفار، خوفا من رد الفعل".
وأكد عتريسي أن الإيرانيين لن يبقوا صامتين إزاء ما حدث، "فقاسم سليماني ليس شخصا عاديا، بل يمكننا القول إنه الشخص الثاني في الدولة".
اقرأأيضا : NYT: قاسم سليماني ألقى بظل طويل على الشرق الأوسط
وذهب الخبير اللبناني حد وصف ما جرى بأنه بمنزلة إعلان حرب، مشددا على أن الوجود الأمريكي في العراق سيكون هدفا للرد الإيراني، فضلا عن مئات الجنود في سوريا، إلا أن الأكيد بكل الأحوال هو أن طهران "لن تترك لترامب حرية تغيير قواعد اللعبة، أو فرض سيناريوهات معينة من خلال الاغتيال".
كما اعتبر أن أي رد، قد يأتي خلال أسابيع، ربما ينهي آمال ترامب بالاحتفاظ برئاسة الولايات المتحدة، مشيرا إلى تحذيرات صدرت عن سياسيين في واشنطن، لا سيما عن أعضاء ديمقراطيين بمجلس الشيوخ، تحذر من أن الرئيس الجمهوري بات يضع أرواح الجنود الأمريكيين في خطر.
أما المحلل السياسي العراقي محمد صادق أمين، أكد بدوره، ارتباط توقيت اغتيال سليماني بحسابات سياسية داخلية، متعلقة بالانتخابات الرئاسية المقبلة، التي يريد دونالد ترامب الفوز فيها بولاية ثانية.
وقال: "سجل الديمقراطيون هدفا في مرمى ترامب والجمهوريين، من خلال فضح قضية أوكرانيا وفتح تحقيق بحق الرئيس، بينما كان الأخير قد حقق شعبية بدعم دولة الاحتلال واللوبي الصهيوني، وهو ما يسعى لتثبيته من خلال هذه الضربة".
وأضاف في هذا الإطار أن ترامب معني بتحقيق نجاح خارجي، يضمه إلى نجاحه الداخلي المتمثل بالمؤشرات الاقتصادية الإيجابية، قبل توجه الناخبين الأمريكيين إلى صناديق الاقتراع في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.
ما سيناريوهات الرد الإيراني على اغتيال أمريكا لسليماني؟
سليماني.. رجل إيران الأهم يسقط بغارة أمريكية (بورتريه)
تنامي "خطير" للصراع الأمريكي الإيراني بالعراق.. ماذا وراءه؟